خواطر
عندما قالت أحبك !
قالت أحبكَ ! كلمةٌ أطلقتها من صدرها قبل شفتيها ، بعد أن أطلقتْ
قبلها نهدةً قوية اخترقتْ صدرها وكادت أن تحطم أضلاعها ، مدتها
من فرط إحساسها وصدق عاطفتها بنبرة مفعمة بأصدق عاطفة وجدتها
عند بشرٍ ، ممزوجة بحب استطال بالعشق وفي دويها صدق تبرق من
بين شفتيها وتلفح من وهج إحساسها لحن حسرة وتألم من الأقدار والمنى
التي بدت لها أنها بعيدة ومستحيلة .
فشعرتُ بكلمتها تمرقُ من بين أضلها قبل شفتيها ، وتنطلق من كل مسامات
جسدها ، كأنها موجة ريح عاتية تقتلع كل ذي أصل ثابت وفرعه في السماء
وقد أرسلت في آخر أنفاس نهدتها حروف كلمة ( أحبك ) فكانت كالعاصفة
الهيجاء وهي تنظر إليَّ بعينين يملأهما الخجلُ فامتلأتا به جمالاً ، ولم يصمد
من حره خداها فتوردا من حرارة الحب ودف الخجل . وكذلك أنا لم أصمد
ولم يحتمل جسدي حرارة تلك العاطفة ولهيب مشاعرها التي أرسلتها علي وكأنما
نفخت روحها في جسدي ، ولم أصمد أمام تلك النفخة فشعرت بسجدي يتفتح
كأنه وردة ارتوت بعد عطش شديد ، وشعرت بروحها تسري في جسدي وتنتقل
عبر شراييني وأوردتي وتجري مابين لحمي وعظمي كالماء البارد الزلال حتى استقرت
كلها واستجمعت شتاتها في مضغة بين أضلعي كأنها قطعة ثلج وقعت على جمرة
ملتهبة فتصارع الثلج والنار وتصاعد خلالهما دخان ممزوجاً بالحر والبرد والماء والنار .
ولم تغنِ أضلعي عن قلبي شيئاً فقد استقرت روحها في أعماقه ثم تمددت في سائر جسدي
كأنها احتلال غاشم ، ثم انتزعت قلبي ليس بيديها ولم تشق صدري بخنجر ولا سيف
سوى سيف الحب والعاطفة التي اجتاحت بها كياني وارتهنتهبين يديها واستقرت
روحها مكانه ، فشعرت بأنني قد ملكتُ أقطار الأرض بمافيها وكأنه لم يكن فيها مخلوق
سواي جراء تلك السعادة التي اجتاحتني وتغلغلت بين لحمي وعظمي ، وبقلبها الذي
غلفته بحبها وعاطفتها ومشاعرها وأهدته لي على بساط إحساسها العذب .
إن أعظم وأغلى هدية يمكن أن يحصل عليها إنسان هي أن يمنحه أحدهم قلبه
ومشاعره وعاطفته وثقته حتى تشعر أنك تمشي في البَرِيَّةِ ومعك قلبه وعقله
وتفكيره وإحساسه ومشاعره وروحك بروحه تلتقي في غمضات طرفك
وحلاوة نومك .