خواطر

هكذا تَخَيَّلْتُ .

الغرفةُ يملؤها الظلامُ ، إلا من ضوءٍ خافتٍ يتسللُ عبر زجاج النافذة ، في ليلةٍ ظلماء قد تلبدتْ فيها السماءُ بالغيوم ، فأحلكَ الليلُ حتى لا تكد إنْ مددت يدك تراها .
ليلةٌ هادئةٌ هدوء الصخور وجمود الجبال ، إلا من أصوات مخلوقات الليل التي بدأت تخفتُ شيئاً فشيئاً لتخبوَ في صوت هزيم الرعد البعيد المتعاقب خلف لمعة البرق المتتابعة من خلف قمم الجبال ويتخلل ركام السحاب المتراكب في السماء .
وشيئاً فشيئاً يقترب صوت الرعد ويحتد صوته وتحتدم السماء وتزدحمُ بالسحاب فيزداد الليل ظلاماً ويهيمن الرعدُ ويتولى إضاءة الليل والسماء والأرض ويكتسح الغرفة فيضيئُها تارةً ويظلمها تارةً أخرى !
تتقدمُ إلى النافذة وكأنها تمشي على استحياء وهي تهتدي بالضوء المتسلل عبر زجاجها وتفتح جزءً منها بيدها الناعمة وتطل على وجل وتلقي بنظرة على المشهد الرهيب في الخارج ، كأنها تراقبُ حفلة أعدتها لها الطبيعة ، فسماء تغص بالغيوم وليلة ظلماء وهزيم الرعد وتوهج البرق ، تنعكسُ لمعته فيستضيء وجهها ويضيء حتى بدا كأنه فلقة القمر يتوارى في الغمام تارة ويبزغ تارة أخرى ، وتهب نسمة الليل العليلة لتداعب خديها حاملة ذرات المطر لتبلل شفتيها وتسقي ورود خديها ، فالتقى الجمالُ ( على أمرٍ قد قدر ) وتناغمت جوقة موسيقية على أوتار الطبيعة الخلابة ( وحسنها الفتان ) .
وتستمر الليلة الممطرة تحتفل فيها الأرض والسماء على زخات المطر وإيقاع صوت الرعد وتوهج ضيائه وهي تراقبُ كأنها تحتفل بحسنها الذي شعشع من خلال النافذة ، حتى لكأن البرقَ يغار من حسنها .
ويهدأ الليل وينتهي احتفال الطبيعة وتنفض السحب ويتلاشى البرق ويخفت الرعد ، وتتجلى السماء وقد ارتوت الأرض من المزن وارتسمت صورة وجهها في الخيال وهي تقارع كل آيات الجمال التي تجمعت في ساعة من الليل ، وتنجلي على صوت السيول الذي يزمجر في الأودية والشعاب .
ولازال جمالها يأسرني ، ( وعبثاً أحاول أن أنجوَ من أسركِ وقيود جمالكِ ) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق