خواطر
حاملة الشَّرِيْم !
كنتِ تخرجين في الصباحِ الباكرِ والحشائشُ على موعد مع كفيكِ ، تلامسُ قدميك وتغسلمها
بماء الطل البائت عليها وتبلل أطراف ثيابكِ ، تكاد الزهور تنحني لدى مرورك عليها والطيور
تلقي عليك التحيةٓ من أعشاشها المعلقةِ في أغصان الخميلة التي تنقشين خطْوٓكِ على ترابها .
لازلتُ أعيش ذكراكِ ، وصورتكِ لم تزل ماثلةً أمام مخيلتي وصدى صوتك يعزف في ذاكرة الخيال بعد مرور أكثر من ربع قرن من خروجكِ في ذلك المساء وانهيار بنيان حبنا على أطراف المدينة ، ولازال صوت بكاؤكِ يجزِّئُ أوصالي ويجمد أطرافي ، وتنتابني منه عبرةٌ تختقني ، وخمول يكبحُ جٓلٓدي ويهدم قوتي ،
ويشتت كبريائي ويلزمني البكاءٓ حتى تملأ العبرةُ محاجري وتسكنُ حنجرتي ، حتى أشتهي البكاء ثم أكبِتُهُفي أعماقي وأهرق مرارته في صدري ، حتى يبكي كل عضو مني ويتألم كل شعور وإحساس في أعماقي ،ثم أرحل على أجنحة الحنين وأغني على أنغام الأنين إلى عالمك الافتراضي الذي أسكنتنيه بنظرة اختلستها
إليكِ ظهيرة جمعة قبل سبعة وثلاثين عاماً ، لا زالت سهامها تتوالى تباعاً وتخترق أضلعي وتقتلع قلبي وتسوره جدار الماضي السحيق الصامت صمت المقابر .