الإخوة الأعضاء الكرام : الرجاء في حال وضع صور في المنتدى أن يكون رفعها على مركز الرفع الخاص بالمنتدى وهو موجود في صندوق الموضوع المطور أو ضمن الإعلانات النصية الموجودة أسفل المنتدى ، لأن ذلك يسهم في سرعة المنتدى وأدائه ، وشكراً لكم على كرم تعاونكم || كن بلا حدود ولا تكن بلا قيود .|| إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا . || قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك . || الإرهاب .. لا دين له || |





أطلال اللغة والأدب العربي . يختص بكل ما له شأن بالأدب العربي بجميع أقسامه وفروعه من لغة وأدب وبلاغة وفصاحة وبيان ومحسنات بديعية وغيرها من الفنون الأخرى مما يندرج تحت تصنيف ( الأدب )

الإهداءات

علوان الجيلاني ... في مقام الكبار

أنا المعنى بترتيب الفضاءِ لمن غابت وشباكها في القلب مفتوح الشاعر الذي لا يستند على شيطانه، أو لا يعتمد على ملهمته، أو لا يجيد الدخول إلى حدائق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 10-02-2010
مـآعـآد تفرق

أبو ذكرى غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
SMS ~
ماكل صادق لو حكا لك من شعورياكثر من زيف المشاعر خراجه
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5100 يوم
 أخر زيارة : 02-03-2013 (06:40 PM)
 الإقامة : جدة ...
 المشاركات : 3,544 [ + ]
 التقييم : 21
 معدل التقييم : أبو ذكرى is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي علوان الجيلاني ... في مقام الكبار



أنا المعنى بترتيب الفضاءِ لمن

غابت وشباكها في القلب مفتوح





الشاعر الذي لا يستند على شيطانه، أو لا يعتمد على ملهمته، أو لا يجيد الدخول إلى حدائق موهبته .. يبقى خارج أسوار الشعر، بعيداً عن تلك اللحظة التي قد لا تتكرر أبداً، ونقصد باللحظة هي: تلك الواردة الشهية التي تتمنع فلا تفتح سرتها إلا مرة واحدة في لحظة واحدة، ولشاعر واحد، وعاشق صادق امتلك أدوات الحقائق ومفاتيح الأسرار.
فلماذا نقول كل ذلك؟
لو ألقينا نظرة سريعة على ديوان الشاعر علوان الجيلاني الأول المسمى بـ «الوردة تفتح سرتها» لوجدناه يهديه إلى (وردة المشتهى) هكذا:
(إلى وردة المشتهى: ليست هذه حدود مآثرك .. فقط. بعض ما استرقه البوح).
لكن أين الشاهد في هذا قبل أن يأتي دوره؟
الشاهد أننا في الديوان الرابع الذي هو مدار رحلتنا المتواضعة هذه، والمسمى بـ «غناء في مقام البعد» نصادف القصيدة التي ظل الشاعر يصفها في نفسه، من مقام عيونه أو لنقل في مقام البعد .. وكأنه استلذ حبسها عنا لما تمثله من مقام، ومقدار وتجربة وحالة استثنائية .. ومع هذا المقام فقد دارت السنوات وابتعد الجيلاني عن المقام الذي كان الوردة المشتهى فأصبحت القصيدة الثانية في الترتب في ديوانه ويبدو أن «غناء في مقام البعد» ويبدو أن وردة المشتهى قد انزاحت لسبب ما من وجدان الجيلاني ومقامه الأول لتكون الثانية.. وهذا قد صيب في خانة التفسير لحقائق الحب بكل معانيه؛ عندما يقلب القلوب مقلب القلوب .. جل جلاله.
فماذا أردنا أن نقول؟
أردنا أن ندخل إلى ديوان الجيلاني علوان مهدي من حيث ينبغي أن ندخل .. أردنا أن ندخل إليه من تلك اللحظة المعقدة التي تركت آثارهاً، وأبقت شباكها مفتحاً لمن صعب عليه فتح الباب أو التفكير في طرقه، أو قراءته بعمق .. وإعادة القراءة، وهذه هي الحقيقة التي ينبغي أن تقال لكل من أراد أن يناول هذه التجربة التي انتظرناها وما طال انتظارنا! أو ليس غريباً أن نجد أنفسنا ندخل الديوان الصوفي، والديوان العلواني من هذا البيت الذي تكرر لسبب ما مرات عديدة في الديوان:
أنا المعنى بترتبِ الفضاءِ لمن

غابت وشباكها في القلبِ مفتوحُ

هنا ندرك ما أحدثه الانزياح الوجداني، وتبدل التجارب، وخلق اللحظات واستثنائيتها، فمن وردة المشتهى إلى هذا الترتيب الفضائي الذي يرمز إلى وجدان الشاعر المترامي الأطراف، والذي قد تغادره أو تغيب عنه تلك اللحظة البوهيمية التي لا تعرف قانوناً أبداً؛ لتبقى جرحاً لا يندمل، وتجربة قد لا تتكرر، وأحاسيس قد لا يجود الزمان بمثلها أبداً بكل وضوح ليبقى شباكها الذي غادرته أو غادرناه –بغير إرادتنا- في القلب مفتوح، وبقدر ما يتألم الشاعر من بقاء هذا الشباك المفتوح الجراح، وبقدر ما تبقى فيه من آلام ومرارة التجربة؛ إلا أن شاعر اللحظة الخاصة لا يتورع أبداً من اقتناص لحظة خاصة أخرى؛ لتكون بديلة لتلك اللحظة الهاربة أو المفقودة، وإدراكه بأنها لا تقوم مقام اللحظة الأولى، أو بالأصح التجربة الأولى؛ ولذلك كان الغناء في مقام البعد أنضج وأكثر توهجاً وبروزاً ومقاماً.
لقد أراد الجيلاني أن يدخل عالم شعراء الصوفية بتأثير عوامل أهمها: إطلاقاً ارتباطه الوجداني بالجيلاني شاعر الصوفية الأكبر، حيث على ما يبدو تهيأت له أسباب تدفعه لهذا الارتباط الخاص، وعامل آخر هو ثقافته اللافتة للنظر الدقيق بتميزه الشعري من خلال لغة خاصة، وموهبة جياشة، وثقافة ناهضة، واقتناص ممتاز للحظات أو التجارب الخاصة، وحسن توظيفها التوظيف الأمثل.
وقد لا يكون من باب التكرار الإشارة المهمة إلى التفات علوان الجيلاني إلى مكانة شعراء الصوفية من الناحية الإبداعية والقضايا الغنية .. حيث لا مجال للمقارنة بين أساليبهم الضخمة، وعباراتهم الباهرة، وتجاربهم المشتعلة، وأحاسيسهم الملتهبة، وقوافيهم وأوزانهم التي تبرق وترعد، وكأن شياطينهم التي تبلغ بهم هذا المرتقى الصعب ليست كشياطين الشعراء الذين قالوا بذلك منذ زمن بعيد ..
وعلى هذا الأساس بشكل مبدئي استطاع الشاعر علون مهدي الجيلاني أن يشعل بعض نارهم، ويقتبس لنا منهم ناراً، واستطاع أن يعشق على طريقتهم؛ لكن وفِق مذهبنا وحاول أن يجعل التجارب أو اللحظات الخاصة حقائق مقدسة .. لكنها من تلك الحقائق التي لا تقدر على مواجهة المشاعر السامية .. وهي تدخل إليها وتقترب منها؛ لتنتهز اللحظة المناسب للمغادرة من شباك القلب الذي ما زال مفتوحاً.
ديوان الجيلاني «غناء في مقام البعد» تجربة امتدت لسنوات، حيث يتضمن الديوان قصائد منذ عام 1991م- مايو (زمن الهوى) مروراً بكل تلك السنوات التي تلتها، ولقد حرص الشاعر على أن يجمع قصائده العمودية في ديوان واحد بذاته دون مراعاة للترتيب الزمني، فلما فعل الجيلاني ذلك؟
هو في قرارة نفسه يعتز بتجاربه الشعرية التي تقوم على الفن الشعري للقصيدة العمودية .. لأنها الأقدر على استيعاب تجارب الشاعر الحارة، والأقدر على التعبير عن الثقافة الأصلية المنتمية، والأقدر على نقل موهبة الشاعر إلى آفاق تجارب أوسع وأشمل .. وأن القصائد العمودية في هذا الديوان هي الأكثر حرارة وتجربة من غيرها من القصائد التي جاءت في الدواوين التي سبقت هذا الديوان.
هذا الديوان يتضمن ثلاثين قصيدة عمودية مختلفة الطول، ومتعددة الموضوعات من الداخل، ولكنها تحمل تلك الحرارة الوجدانية للشعراء الصوفيين، ومن خلال كل النماذج والأنواع الشعرية التي يكتبها الجيلاني لاحظنا أنه حريص على إيصال رسالة هامة للقارئ المثقف .. وأنه غارق حتى أذنيه في ثقافة الشعراء الصوفيين، وأنه يشاركهم تلك الحرارة الوجدانية العنيفة التي تثور على صفحات قصائدهم؛ لكنها تجربة علوان الجيلاني حرارة وجدانية تجاه الأنثى، وليس كما هو لدى الشعراء الصوفيين .. فالجيلاني يقدس الأنثى باعتبارها المخلوق الذي يستحق أن نتوحد به ومعه وأن يكون (الحلول) فيه .. والشعر له.
وعندما نقارن من حيث الكم –بين أنواع الشعر- غير العمودي الذي مارسه الجيلاني نجد أنه ينتمي إلى شعراء الحداثة، ولكن على يقين تام بأن تجربته الإبداعية لن يكتب لها الصمود؛ إلا بممارسة الإبداع في الشعر العمودي .. فكان هذا الديوان مقابل ثلاثة دواوين من الأنواع الأخرى .. مدركاً أن القصيدة العمودية بكل قيودها ومحاذيرها هي الاختبار الكبير للشاعر مهما مارس من أنواع الشعر، ومهما انتمى لأنواع وفنون الإبداع المختلفة بأوزانها، ولغتها، وفنونها الحداثية، وسطورها الممزقة، وكلماتها التي قد لا تعطي كل شيء.
القصيدة العمودية عند الجيلاني أكثر الأنواع استيعاباً لتجاربه الشعورية، وأكثر الأنواع الأدبية التي ينتمي إليها وتثقف على روائع ما تركه عظماؤها وعلى رأسهم شعراء الصوفية .. وبكل أوزانهم الحارة، وتراكيبهم الخاصة، ومعانيهم الجامعة المانعة ..
ولعل القارئ يعفينا من اللوم والعتاب؛ عندما لا نترك حبل الصوفية يفلت من يدنا ونحن نتحدث عن علوان الجيلاني؛ لأنه من أبرز سمات علوان الجيلاني الشاعر الواقع تحت أصالة الاسم، والانتماء من قريب أو بعيد .. حتى أنه في ديوانه «الوردة تفتح سرتها» ملأنا بهذا الإحساس الصوفي، لكن بطريقة الحداثيين وسطورهم الخاصة، ولقد قطع الجيلاني رحلتنا معه في محور من محاور «غناء في مقام البعد» وهو المحور الذي عنوانه (طيف أيامهم) بقصيدة واحدة خارج إطار الفن العمودي (غناء على كرمة من خيال).
لم يبتعد الجيلاني في موسيقاه عن البحر الكامل البسيط، والطويل، ومجزءواتها في أكثر قصائد الديوان..إلا القليل.
شيء مهم يجب أن نشير إليه، بل ونؤكد عليه أن علوان الجيلاني لم يقف عند تجارب مؤقتة وفق لغة خاصة بتلك التجارب التي قد يأتي عليها حين من الدهر، فلا تكون شيئاً مذكوراً.
بمعنى آخر عبر عن تجاربه الوجدانية بلغة راقية، وموسيقى فخمة، وتراكيب متميزة، فيها سماته وثقافته، وأنه يعرف ماذا يريد أن يقول؟ ولمن؟ كيف يجب أن يفهمها الناس؟ وألا يقف عند زمان بذاته، فلا يتجاوزه هو أو تجاربه..! لم يصور لحظاته ذلك التصوير العادي والبسيط.. بل ارتفع بتلك اللحظات إلى مراتب عليا لا تصدر إلا عن العارفين بالحب, والشعر، واللغة، وعلاقة كل ذلك بالزمان والمكان .. والمدار الإنساني المفتوح والمسفوح..
مدار حزني على الآفاق مسفوح

عن كوكب يصطفيني تبحث الروحُ

هذا الظمأ سورة الأنواء فاتنتي

أنا التراب وأنتِ الشمسُ والريحُ

تزاحمت في شفاف الصمت أسئلتي

بلا جواب وصمتي فيك تصريحُ

ارفو جرام سمائي بالحروف فلو

عدمت وهمي يموت الطير والدوحُ

إني أطعت فيا خيل الظنون قفي

هذا المقام وهذا الذكر تلميحُ

وهو الأمر الذي خلق تجانساً، وتمازحاً لذيذاً يشعر به القارئ العادي، والقارئ المثقف من الوهلة الأولى لسماعه .. وتطرب له خصائصه الشعورية .. وهنا نشير إلى منحيين مهمين:
• أن الغناء عامة يقوم على أصول موسيقية مستمدة من مقامات، هي جزء من النوتة الموسيقية وفرع من فروعها العديدة، ولذلك نجد بعض الموسيقيين يميلون إلى توظيف مقام معين يكون أقرب إلى نفوسهم من مقام آخر –وإن كان أنسب- وهذه طبيعة وخاصية يمتاز بها بعض الشعراء أو كل الشعراء المجيدين، حين يميلون إلى النظم بأوزان بحر بذاته، مثل الكامل أو البسيط –كما فعل علوان الجيلاني في هذه القصيدة «غناء في مقام البعد» من بحر البسيط.
وهذا المعنى يتفق مع اللفظ الأول (غناء) إذن هما (غناء ومقام) طبعاً هذه الحقائق اللاواعية تتطابق بسبب الضغوط الفنية الخارجة عن سيطرة الشاعر، ولذلك تأتي متناغمة، ومنتظمة وفق فنية اللحظة، أو اللحظة الفنية وشروطها المفتوحة النوافذ والأبواب والتجارب.
وإن كنا قد ألمحنا إلى المقام الموسيقي واللحن، فينبغي عدم إغفال (المقام) الذي يبدأ الصوفيون منه وينتهون إليه، فهذا مريد، وهذا قطب، وهذا مقام.. يحاولون أن ينتهوا إليه، في اللحظة التي يبدءون منه- بعد أن يكون قد قطعوا كل المراحل السابقة في سبيل القرب وليس البعد...
في سبيل التوحد أو في سبيل الحلول .. إلى آخر هذه الاعتقادات والمبادئ الصوفية، وإن تحدثوا عن البعد فهو من اجل القرب، وهذا قليلاً ما وقفوا عنده؛ لأنهم كانوا يجدون أنفسهم وفقاً لدخائلهم أنهم في مقام القرب .. والمقام هنا هو المكانة لكنه المقدس..
وكلمة (البعد) في القصيدة «غناء في مقام البعد» هي التي أجاد الجيلاني وضعها فأضافت حسناً إلى محاسن أخرى، والغناء عامة لا يكون حاراً وعميقاً؛ إلا في مقام البعد، وخاصة غناء العشاق .. فإذا ما اقتربوا هدأت حرارة الحب، وخفتت نار العشق بالقرب .. ولذلك نجد الشعراء عامة يتمنون البعد؛ ليتمنوا القرب؛ لأن أمنيات وأشواق البعد تكون أقدر على إشباع موهبة المبدع، وإرواء قدرته الفنية أكثر م أي شيء آخر، فإذا ما ابتعدوا تاقت أنفسهم للقرب، وهو الأمر الوحيد الذي أجمع –أو اجتمع عليه- كل المحبين والعشاق .. وهو المفترق الذي يفصل بين الصوفيين وغيرهم، كما هو المفترق الذي يفصل بين ثقافة الصوفيين وبين علوان مهدي الجيلاني ... وهو ما أردنا أن نصل إليه بالضبط.
وبمعنى أدق أراد الجيلاني أن يعبر عن عواطفه الإنسانية نحو المرأة على طريقة الشعراء الصوفيين .. وهو الأمر الذي تفرد به وأبدع فيه ورسم طريقته الخاصة عليه .. حتى إذا انتهت تلك اللحظة أو التجربة، وجد الشعر نفسه في شوط جديد، وزمن أطول، مستمداً حرارة التجربة والوجدان المستقل من تراكيب ومفردات وأوزان تفوق الشاعر في نظمها كأحسن ما يكون .. وأنضج ما قرأنا في السنوات الأخيرة.
ويبدو أن الشاعر في حاجة إلى أن يستخدم ذكاءه للوصول إلى الناس، ولتثبيت تجربته كمعلم في الطريق .. وبتميز وتكون له شخصيته المستقلة، وهذا القول يقودنا إلى الإشارة المهمة التي نريد قولها وبأن علوان الجيلاني براهن بهذا الديوان على مستقبله الشعري مقارنة بأبناء جيله من الذين لم يستطيعوا أن يخرجوا من بؤرة الحداثة والتفعلية والحر إلى آفاق العمودي الذي هو مجال اختبار لجميع الشعراء .. بلا استثناء .. وإن أنكر البعض ذلك.. عجزاً أو خوفاً من خوض التجربة أو لأسباب أخرى.
ولقد جارى الجيلاني أبناء جيله بثلاثة دواوين سابقة هي:
1- الوردة تفتح سرتها.
2- راتب الألفة.
3- إشراقات الولد الناسي.
حتى تفوق عليهم بهذا الديوان الذي اشتمل على تجربة طويلة مع الشعر العمودي .. والتثقيف المستمر منذ 91 إلى 98م تقريباً، ويبدو أن إفراد الشاعر لقصائده العمودية ديواناً بذاته أملاه عليه ذكاؤه الذي أشرنا إليه سابقاً فأوحى ..
- بتفوق تجربته.
- بنضجه.
- بتخطيه لتجارب الآخرين..
- بأنه يرفض الجمود، ويتوق إلى التفوق.
لكن من الإنصاف القول بأن هناك مجموعة من الأسماء التي تقف بقوة وتتقدم بنجاح، وتمسك بالأصول والمواهب الفنية للعمودية كالشاعر/ جميل مفرح وغيره، ولقد استطاع الجيلاني أن يحقق سبقاً وتقدماً ملحوظاً على شعراء سبقوه بكثير مثل: شوقي شفيق الذي ما زال يجتر ويعتصر تجارب الماضين، ومثله عبد الكريم الرازحي وغيرهما .. هذا على سبيل المثال لا الحصر.. هكذا يقف الكثيرون عند نقطة معين لا يتجاوزنها، في حين يأتي من يتجاوزهم ويتفوق عليهم ممن بدءوا بعدهم وتتلمذوا (على بعض معارفهم).
وإن كانت التورية واحتمال المعاني من أخص خصائص الشعراء الصوفيين فتحتمل الكلمة معناها الإنساني، في حين تكون الأولى هي الأكثر حرارة في كل الأحوال، فإن الجيلاني وظف ذلك وجعله أشبه بالحال المقلوب، حيث عبر عن حبه بطريقة الصوفيين ليأتي في المرتبة الثانية الحب الروحي، أي بشكل معاكس ولذيذ، ومن هنا سندخل هذا الديوان لنغني مع علوان في مقام البعد؛ لأننا جميعاً عشاقاً وشعباً أبعد ما نكون من مقام القرب، أو من السعادة، والعدالة والحب.. ولكن! لو نظرنا إلى تجربة الجيلاني في إطار هذا الديوان سنجد أنه خاض تجارب شعرية عمودية عديدة على مدى سنوات، أثبتها في هذا الديوان، ولا شك أن تجربته تطورت بنضج الممارسة، حسب ما يشير إليه التاريخ المدون، وهذا ينفرد به الشاعر ويتحمل أمانته .. لكن التقنية والأبعاد الفنية، والأساليب اللغوي تقترب من بعضها من حيث القوة .. وكأنه ليس هناك جيداً وأجود.. رغم إحساسنا بتطور الأدوات وأساليب التعبير؛ لكنه تطور خفي وغير ملحوظ، ومن حق الشاعر أن يبدو قوياً باستبعاد البدايات، وتثبيت ما أبدعه في فترة الممارسة والنضج .. وهذا من حقه كما فعل كبار الشعراء.
وفي الديوان لم يرتب الجيلاني قصائده حسب التاريخ، بل حسب القرب والبعد من حرارة التجربة وعنف القصدية، وجودتها، وإن كانت أرضت غروره الإبداعي أم لا..؟
وهو أمر أشرنا إليه في البداية، وهو يهدي ديوانه الأولى إلى وردة المشتهى .. فإذا بها من الديوان الرابع، وقد تحولت إلى قصيدة رائعة .. بعد أن كانت امرأة..
وهكذا الشاعر يعطي الأولية للقصيدة الأكبر سفراً في القلب، وللتجربة المتغلغلة في الوجدان.
وبعد كل ما أشرنا إليه .. هل آن لنا أن نلتفت إلى معالم أخرى ومقومات الخصوصية العلوانية التي تقوم على:
• الموهبة.
• الثقافة.
• التشبيهات والصور، والأخيلة، واللغة، والتعبيرات، والتجارب الشعورية الخاصة.. والقوية.
• يقولب الحداثة بطوابع أصيلة، ويؤصل للأصالة بروح العصر.
• على قربه من أبناء جيله، فهو ليس بعيداً عن التراث العربي موضوعاً وفناً وقيماً..
• امتلاكه لناصية المقاييس الشعرية، فلا يترك تجاربه الشعرية والشعورية مرهونة بوقت أو زمن، وإنما ينفخ فيها فيهبها روحاً ماردةً، وأحاسيس قلقة لا تستقر في قلبٍ أو لسان؛ إلا وفارقته وقد تركت عدداً كبيراً من الأسئلة، والهواجس والمشاعر الفياضة، وما يسكن الشعر من أسرار البقاء والخلود .. فهل هو ملخص لشعره وشاعريته..كما يجب؟ هذا هو السؤال الذي نترك إجابته للأيام.
وفي قصيدة وردة المشتهى:
لأن في خاطري معناك يأتلق

تمسي النجوم على جفني والأرق

لأنك المشتهى يخضر محتفلاً

حرفي ويختال في إشراقه الورق

تبدّلين حديث الحزن في شفتي

حلماً له في سماء المرتجى طرق

وتفتحين لقلب ألف نافذة

وكان في مدلهم الصمت يختنق

إذا تجليت لي أمسيت مندهشاً

كأنني فوق ريش البرق أنطلق

يا وردة المشتهى أسرجت أمنيتي

لكنها في مدار الشوق تحترق

قالوا: تغنى وما أوفاك واردها

فقلت: إني بحقي عندها أثق

يستغربون احتراقاتي وما علموا

أني بهذا الحريق العذب انعتق

وهل تنال السوافي من فمي عطشاً

وأنت نافورة في القلب تنبثق

هذه القصيدة التي تتكئ على بحر البسيط، وتتكئ أيضاً على عواطف جياشة وتقوم وفق رؤى حداثية وتراثية.. ولكن الأخير أكثر من الأول، وهي من القصائد التي نظمها في فترة كان قد حقق نضجاً وسيطرة على بعض قواعد الشعر والفن معاً...
التجربة في هذه القصيدة حارة ولاهبة، والموسيقى رديفة في كل القصيدة للحرارية والتوهج، ونارية العاطفة.. لكن القصيدة يعيبها (النفس) القصير فالأبيات لا يتجاوز عددها تسعة .. وكذلك أكثر قصائد هذا الديوان ما عدا القليل منها..
قصيدة وردة المشتهى انتهت وهي في عنفوان شبابها وتألقها كتجربة كان من المفروض ألا تنتهي بهذه السرعة، وبهذه السهولة التي لم يقاومها الشاعر، ولقد بدأ الشاعر قوياً حتى آخر بيت، ولكنه استسلم لهواجسه، وخوفاً على عنف التجربة استنفذها في وقت غير مناسب، وإن كان يعتقد أن الموضوع قد انتهى .. مع ما يبدو عليه الموضوع من غموض وكأن القصيدة غير ذات موضوع، وهذه هي الخاصية التي نفذ الشاعر فيها إلى الحداثة .. لكن العوامل الأخرى في القصيدة توحي بعد قراءة متأنية بأن هناك موضوعات، وليس موضوعاً واحداً فقط يسكن هذه القصيدة..
الغناء /المقام /البعد..
ثلاث مفارقات أخلت بالمفهوم العام، ورسمت تميزاً خاصاً بالشاعر عن طريق خفي وغير مقصود وله دلالاته الإيجابية.
فإذا كنا قد أشرنا إلى الثقافة الصوفية التي تعتمل في نفس الشاعر، وهو ما يحتاج إلى إثبات عند القارئ العارف، بمنهاج الشعراء الصوفيين -وسنثبته بعد قليل- فإنه لا ينبغي أن نغفل القدرة التي استطاع بها الجيلاني أن تكون له شخصيه المستقلة والفذة منذ وقت مبكر .. وإن كانت المفارقات الثلاث في القصيدة التي أخذت عنوان المجموعة .. فالغناء لفظ لم يستعمله الصوفيون كثيراً في أشعارهم، فقد كان لهم ألفاظ أخرى يستغنون بها عن هذا –أو مثله- كالسكر .. وفي هذا خالفهم أو عبر عن ذاته –وهو الأصح- واستخدم مفردات بيئته وعصره ومذاهب العشاق من أبناء جيله مع إشارة إلى اختلاف أنواع الغناء بين الجودة والإسفاف.
وهذا الغناء الذي بين يدينا من أرقى وأبلغ هذا الفن.. واستحضار (المقام) كان تلقائياً وانفعالياً .. وليس افتعالياً.


ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك




ug,hk hg[dghkd >>> td lrhl hg;fhv





رد مع اقتباس
قديم 10-02-2010   #2



الصورة الرمزية أبو نايف
أبو نايف غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 33
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 12-12-2014 (09:17 PM)
 المشاركات : 2,919 [ + ]
 التقييم :  14
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Saddlebrown
افتراضي رد: علوان الجيلاني ... في مقام الكبار





 


رد مع اقتباس
قديم 10-02-2010   #3


الصورة الرمزية ليتني همك
ليتني همك غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 80
 تاريخ التسجيل :  Sep 2010
 أخر زيارة : 03-17-2011 (07:32 PM)
 المشاركات : 157 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي رد: علوان الجيلاني ... في مقام الكبار



الهادئ

أعجبني طرحك ونبذتك عن الجيلاني وأنا بصراحه تروق لي مثل هاذه المواضيع لما اسفيد منها وأحب قراءته والتجول بداخله ....

يعطيك الف عافيه يالغالي على طرحك الاكثرررررررر من رائع

وفقك الله لما يحب ويرضى

تحياتي لك
ليتني همكــ


 


رد مع اقتباس
قديم 10-19-2010   #4


الصورة الرمزية شيخ العزاب
شيخ العزاب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 70
 تاريخ التسجيل :  Sep 2010
 أخر زيارة : 09-09-2011 (11:42 AM)
 المشاركات : 578 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: علوان الجيلاني ... في مقام الكبار





 


رد مع اقتباس
قديم 02-11-2011   #5
يآ ح ــلـآت آلدنيآ فيني؛


الصورة الرمزية هموسه
هموسه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 95
 تاريخ التسجيل :  Oct 2010
 أخر زيارة : 11-06-2011 (03:50 AM)
 المشاركات : 4,118 [ + ]
 التقييم :  87
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 SMS ~
ماخذ على خاطري
والبعد قاهرني
ومتعبني..!!
مدري شسوي..؟
وأنا كـــل شي
ســـويــــته !

لوني المفضل : Black
افتراضي رد: علوان الجيلاني ... في مقام الكبار



ابوذكرى

مشكوووووورعلى هذا الأبداع الله يعطيك العافيه تقبل تحياتي


 


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
~لقاء خاص مع أمهاتنا~ (في منتدى همس الاطلال)!! [. تَنّآهِيدْ ألَمْ .] أطلال الفكر - الرأي والرأي الآخر . 1 05-11-2011 09:36 PM
بطاقة لقاء الهلال والشباب اسير الصمت أطلال الرياضة الخليجية والعربية . 4 04-10-2011 07:56 PM
بطاقة لقاء الهلال والاتحاد اسير الصمت أطلال الرياضة الخليجية والعربية . 4 03-22-2011 02:44 AM
ملامح زمن.... مقال جريء زلزال الحروف أطلال الفكر - الرأي والرأي الآخر . 11 11-17-2010 07:18 PM
<...... مقال الإسبوع .......> أبو ذكرى أطلال الفكر - الرأي والرأي الآخر . 1 06-11-2010 01:43 AM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
Add Ur Link
منتديات همس الأطلال دليل مواقع شبكة ومنتديات همس الأطلال مركز تحميل همس الأطلال . إسلاميات
ألعاب همس الأطلال ضع إعلانك هنا . ضع إعلانك هنا . ضع إعلانك هنا .

flagcounter


الساعة الآن 09:28 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
.:: تركيب وتطوير مؤسسة نظام العرب المحدودة ::.
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظة لـشبكة ومنتديات همس الأطلال