كسوة الكعبة المشرفة تطور وتاريخ . تاريخ كسوة الكعبة المشرفة التعلق بأستار الكعبة من الأمور ذات الدلالة الهامة في موروث التدين الشعبي للمسلمين، فعند غالبية المسلمين يرتبط الدعاء متعلقا بأستار الكعبة عادة بدرجة عالية من الإلحاح في الدعاء، ومن تتاح له الفرصة لزيارة بيت الله الحرام، وتواتيه القوة للوصول إلى الكعبة المشرفة سيجد أن هذا الموروث ما زال متصلا، بل ربما شاهد بعضا من آثار التعلق بأستار الكعبة. وكما كان عامة المسلمين دوما يحلمون بنيل شرف التعلق أو حتى التمسح بأستار الكعبة، فإن حكام المسلمين على مر العصور ظل يداعب خيالهم الحصول على شرف القيام بإعمار بيت الله الحرام وكسوة الكعبة المشرفة، ومن هنا احتلت كسوة الكعبة المشرفة مكانا خاصا في الوعي المسلم على المستوى الرسمي أو الشعبي، ويتناول هذا الموضوع تاريخ كسوة الكعبة المشرفة. كسوة الكعبة قبل الأسلام اختلف المؤرخون في أول من قام بكسوة الكعبة المشرفة؛ فقيل إن أول من كسا الكعبة هو نبي الله "إسماعيل" - عليه السلام -، وقيل إن أول من كساها هو "عدنان بن أد"، بعدما خاف أن ُيدرس الحرم فوضع أنصابه، فكان أول من وضعها وأول من كسا الكعبة، وأشار "البلاذري" أن "عدنان" هذا هو حفيد نبي الله إسماعيل - عليه السلام - ويليه بخمسة أجيال كاملة. غير أن الثابت تاريخيا أن أول مَن كساها هو "تبع أبي كرب أسعد" ملك حمير سنة 220 قبل الهجرة بعد عودته لغزوة يثرب؛ فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن سب تُبَّع ملك حمير بقوله: "لا تسبوا تبعا، فإنه كان قد أسلم"، رواه أحمد في مسنده عن سهل بن سعد. وكان تُبّع هو أول مَن كسا الكعبة كسوة كاملة كساها "الخصف"، وتدرج في كسوتها حتى كساها "المعافير" وهي كسوة يمنية، كما كساها "الملاء" وهي كسوة لينة رقيقة، وعمل لها بابا ومفتاحا، ولم يكن يغلق الباب قبل ذلك، ثم تبعه خلفاؤه من بعده فكانوا يكسونها. وكانت قريش ترافد في كسوة الكعبة، وذلك بأن يقدروا بعضا من المال على القبائل بقدر احتمالها، في عهد "قصي بن كلاب" حتى جاء "أبو ربيعة بن المغيرة المخزومي"، وكان من الأثرياء فقال لقريش: "أنا أكسو الكعبة وحدي سنة، وجميع قريش سنة"، وظل يكسو الكعبة، إلى أن مات، فكانت قريش تلقبه بـ"العدل" وذلك لأنه كان يعدل قريشا وحده في كسوة الكعبة. أما أول امرأة كست الكعبة في الجاهلية فهي "نبيلة بنت حباب" أم العباس بن عبد المطلب، وكانت قد نذرت ذلك. ومن المعلوم أن الكعبة قبل الإسلام كانت تُكسى في يوم عاشوراء، ثم صارت تُكسى في يوم النحر، وصاروا يعمدون إليها في ذي القعدة فيعلقون كسوتها إلى نحو نصفها، ثم صاروا يقطعونها فيصير البيت كهيئة المحرم، فإذا حل الناس يوم النحر كسوها الكسوة الجديدة. الكسوة في العصر الإسلامي لبست الكعبة أول كسوة إسلامية في العام التاسع الهجري بعد أن فتح المسلمون مكة، وكسا النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبة مرة واحدة في حجة الوداع كساها الثياب اليمانية، كما أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتحمل بيت مال المسلمين نفقتها. وعلى خطى النبي - صلى الله عليه وسلم - صار الخلفاء الراشدون في تقليد كساء الكعبة مرة كل عام حيث كسيت بالقباطي في عهد أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم-، و"القباطي المصرية" هي أثواب بيضاء رقيقة كانت تُصنَع في مصر، غير أنها لم تكس في عهد علي بن أبي طالب. وكان "عثمان" أول من ظاهر كسوتين القباطي والبرود، وكان عمر بن الخطاب يكسوها من بيت المال، وينزع ثياب الكعبة في كل سنة فيقسمها على الحجيج. ولقـد حظيت مصـر بشرف صناعة كسوة الكعبة منذ أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطـاب -رضي الله عنه- حيث كتب إلى عامله في مصر لكي تحاك الكسوة بالقماش المصري المعروف باسم "القباطي" الذي كان يصنع في مدينة الفيوم. وقد اهتم الخلفاء الأمويون بكسوة الكعبة المشرفة اهتماما بالغا، فكسا "معاويـة بن أبي سفيان" -رضي الله عنه- الكعبة كسوتين في العام، كسوة الديباج تعلق يوم عاشوراء، وكسوة القباطي في آخر شهر رمضان ابتهاجا واستعدادا لعيد الفطر، ومعاوية هو أول من طيب الكعبة وأجرى لها الطيب لكل صلاة فكان يبعث بالطيب في موسم الحج وفي رجب، وخصص لها عبيدا بعث بهم إليها ليخدموها، ثم اتبع ذلك الولاة من بعده. وعندما انتهى "عبد الله بن الزبير" - رضي الله عنه - من بناء الكعبة المشرفة عام (64هـ) كساها بالقباطي والديباج الخسرواني، وكان يبعث إلى أخيه مصعب بن الزبير ليبعث بالكسوة كل سنة فكان يكسوها يوم عاشوراء"، كما كان يطيب الكعبة الشريفة في كل يوم برطل من الطيب ويوم الجمعة برطلين، ويقال أيضا إنه أول من طيب جوف الكعبة. كذلك كساها بالديباج (الحرير) "الحجاج بن يوسف الثقفي" بأمر الخليفة "عبد الملك بن مروان" طوال حكمه، فكان عبد الملك بن مروان يبعث بالكسوة من الشام، فيمر بها على المدينة المنورة؛ فتنشر يوما في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم تطوى ويبعث بها إلى مكة. وفي عام (91هـ) قدم الخليفة الوليد بن عبد الملك إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج وأحضر معه كسوة للكعبة مصنوعة من الديباج، وتكرر نفس الشيء منْ هشام بن عبد الملك، الذي يقال إنه أول من دعي له على الكعبة، وكذلك فعل سائر خلفاء بني أمية. العباسيون.. والكسوة لم يهتم خلفاء الدولة العباسية في بداية عهد التأسيس بكسوة الكعبة المشرفة؛ نظرا لكثرة القلاقل والاضطرابات داخل الدولة، وعندما تولى "المهدي" الخلافة قام بكساء الكعبة المشرفة كسوة جديدة، بعد أن قام بتجريدها مما اجتمع عليها من كسوة. وقد بلغ اهتمام خلفاء بني العباس بكسوة الكعبة شأنا كبيرا، فكانت تصنع من أجود أنواع الحرير، وكانت تكسى في بعض السنوات ثلاث مرات في السنة، كما أن الخلفاء من بني العباس كانوا يصنعون كسوة الكعبة من الديباج الأحمر والقماش الأبيض القباطي، والديباج الأبيض والحرير الفاخر وخاصة في أيام قوة الدولة العباسية وقوة خلفائها. وقد أمر الخليفة "المأمون" أن تكسى الكعبة ثلاث مرات كل سنة، فتكسى الديباج الأحمر يوم التروية، وتكسى القباطي أول رجب، وتكسى الديباج الأبيض في عيد الفطر. وظل العباسيون يهتمون بأمر كسوة الكعبة حتى إذا ضعف أمرهم صارت ترسل الكسوة تارة من بعض ملوك الهند، وفارس، واليمن، وأخرى من مصر حتى اختصت مصر بكسوة الكعبة. ومع انتهاء دولة بني العباس سنة 656هـ انتهى تقريبا دورها الحضاري في كسوة الكعبة المشرفة، وبدأت دول أخرى تنافسها هذا الشرف العظيم، من المشرق ومن المغرب، وخاصة مصر التي أخذت قوتها تبزغ وتنفصل عن التبعية للدولة العباسية، ويصبح لها الكيان المستقبل المنفرد، وكانت آخر كسوة عباسية للخليفة الناصر، وتحدد لونها في اللون الأسود، واستمر ذلك من بعده إلى أن انتهت الدولة العباسية. مصر وكسوة الكعبة شهد عصر الدولة الفاطمية بداية التحول نحو بروز دور مصر في كسوة الكعبة وهو الدور الذي استمر حتى القرن الرابع عشر الهجري بصور متعددة، فمنذ العصر الفاطمي حرص حكام مصر على إرسال كسوة الكعبة في كل عام. وتميزت الكسوات الفاطمية بطابعها الغريب، فخليفتهم الثاني العزيز بالله كسا الكعبة في عام 381هـ بكسوة بيضاء اللون، أما كسوة الحاكم بأمر الله فقد ذكر بن إياس" ضمن حوادث سنة 387هـ أن جماعة من العربان وثبوا على كسوة الكعبة وانتهبوها جميعا، فكسيت الكعبة في تلك السنة بنوع من القماش يُسمى الشنفاص الأبيض. ومع بداية الدولة المملوكية اختصت مصر بإرسال كسوة الكعبة، فأرسلها السلطان الظاهر بيبرس في القرن السابع الهجري حيث كانت أول كسوة مصرية للكعبة سنة (661هـ=1262م) وظلت تكسى من مصر طوال العصر المملوكي باستثناء سنوات قليلة، حيث تشبث المماليك بما اعتبروه حقهم في كسوة الكعبة رافضين أن ينال أحد غيرهم هذا الشرف، حتى وإن اقتضى ذلك التصدي لأي طامع في نيل شرف كسوة الكعبة بالسلاح. وتعددت محاولات بعض ملوك وأمراء الأقاليم الإسلامية الأخرى في القيام بكسوة الكعبة، مستعينين في ذلك بالقوة تارة وبالحيلة تارة أخرى، إلا أن كل ذلك لم يجد نفعا مع المصريين. ففي عام 751هـ أراد ملك اليمن "المجاهد" أن ينزع كسوة الكعبة المصرية ويكسوها كسوة من عنده باسمه، فلما علم بذلك أمير مكة أخبر المصريين فقبضوا عليه، وأرسل مصفدا في الأغلال إلى القاهرة، وبعد مرور نحو نصف قرن على هذه الحادثة، تجددت محاولات اليمنيين مرة أخرى لكسوة الكعبة، إلا أن مصير تطلعات اليمنيين لكسوة الكعبة لم تكن أحسن حالا من مصير المحاولة السابقة، حيث منع أمير الحج المصري دخول حجاج اليمن ومعهم الكسوة اليمنية التي جهزها صاحب اليمن "إسماعيل بن الأفضل عباس بن المجاهد" وعادت الكسوة اليمنية إلى جبال اليمن، وماتت تطلعات اليمنيين في كسوة الكعبة. ولم يكن اليمنيون وحدهم من سعوا إلى منافسة المصريين شرف كسوة الكعبة، بل حدث نفس الأمر من العراقيين والفرس أيضا إلا أن هذه المحاولات كان مصيرها الفشل أمام تمسك سلاطين المماليك بشرف كسوة الكعبة الذي كان في حقيقته يحمل أهدافا سياسية؛ حيث إن كسوة الكعبة دليل على القوة والنفوذ في العالم الإسلامي. وقد انعكس حرص السلاطين المماليك ورعايتهم للكسوة الشريفة، في الوقفيات التي خصصت للكسوة؛ ففي عام 751هـ أوقف الملك الصالح إسماعيل بن عبد الملك الناصر محمد بن قلاوون ملك مصر وقفا خاصا لكسوة الكعبة الخارجية السوداء مرة كل سنة، وكان هذا الوقف عبارة عن قريتين من قرى القليوبية هما بيسوس وأبو الغيث، وكان المتحصل منهما سنويا 8900 درهم، وبذلك تم تأسيس نظام الوقف على الكسوة وغيرها؛ ما أعطى لها الاستمرار والاستقرار، وظل هذا هو النظام القائم إلى عهد السلطان العثماني سليمان القانوني. العثمانيون وكسوة الكعبة لم يحل سقوط دولة المماليك في مصر وخضوعها للدولة العثمانية دون استمرار مسيرة مصر في كساء الكعبة المشرفة؛ ففي العام التالي للفتح العثماني وفي يوم الإثنين (12 من رمضان) عرض والي مصر كسوة الكعبة المشرفة وقد تناهوا في زركشة برقع كسوة الكعبة المشرفة وملحقاتها على خلاف المعتاد، وأقيم احتفال كبير بالقلعة من أجل هذه المناسبة. وفي أثناء إقامة السلطان "سليم الأول" في مصر اهتم بإعداد كسوة الكعبة، وكسوة الحجرة النبوية الشريفة، وكسوة مقام إبراهيم الخليل - عليه السلام -، وقد بالغ في زركشتها. وكان السلطان سليم الأول قد أقر وقف السلطان الصالح إسماعيل بن قلاوون المخصص لكسوة الكعبة، أما السلطان سليمان القانوني فقد رأى عدم وفاء هذا الوقف بالتزامات الكسوة فقرر وقف سبع قرى أخرى عليها، ليصير بذلك إجمالي القرى الموقوفة على كسوة الكعبة تسع قرى. وبعد عصر "السلطان سليمان القانوني" كان كل سلطان يتولى عرش الدولة العثمانية يقوم بإهداء كسوة جديدة للكعبة المشرفة، وفضلا عن الكسوة المهداة من السلاطين ظلت كسوة الكعبة ترسل بانتظام من مصر بصورة سنوية يحملها أمير الحج معه في قافلة الحج المصري. وكان الباشا (حاكم مصر) يفتش على الكسوة ويعاد وزنها في حضوره لكي يتأكد من قيمة المواد التي وضعت فيها، ولكي يوازن بين ما صرف عليها وبين ما هو مرصود لها بالخزينة، وفي الواقع كان ريع هذه الأوقاف لا يجاري أبدا ارتفاع قيمة المواد المستخدمة في صناعة الكسوة؛ لذلك فقد رصدت الدولة في سنة (1177هـ=1763م) مبلغا ضخما لمواجهة زيادة أسعار الكسوة الشريفة، وبحلول عام (1157هـ=1744م) تم وقف قرى أخرى جديدة على الكسوة، فدرت ريعا سنويا كبيرا، وكان ريع أوقاف الكسوة لا يكفي لتغطية تكاليفها، ولهذا لجأت الخزانة إلى فرض ضرائب زائدة على هذه القرى لمواجهة هذه التكاليف. وعموما فقد اختصت مصر بكسوة الكعبة المشرفة الخارجية، في حين انفردت الدولة العثمانية بكسوة الكعبة المشرفة الداخلية، وبقيت مصر تصنع أقمشة الكسوتين الداخلية والخارجية كلها إلى عام (1118هـ=1706م) حيث أمر السلطان العثماني أحمد بحياكة كسوة الكعبة الداخلية التي ترسل من قبل السلطان عند توليه الملك في إستانبول، فصنعت فيها وأرسلت في العام التالي إلى مكة المكرمة عن طريق مصر، فاختصت إستانبول منذ ذلك الوقت بحياكة الكسوة الداخلية. واستمر سلاطين الدولة العثمانية في إرسالها إلى عهد السلطان "عبد العزيز" بن السلطان محمود الثاني"، حيث انقطعت الدولة العثمانية عن إرسال الكسوة الداخلية، وبقيت الكسوة التي كان أرسلها السلطان المشار إليه عام 1227هـ. الفرنسيون.. وكسوة الكعبة تأثرت كسوة الكعبة بما حدث في مصر من قدوم الحملة الفرنسية لمصر وذلك على الرغم من حرص نابليون بونابرت وقادة حملته على التقرب للمصريين من خلال الاحترام والمشاركة في الاحتفالات الدينية، منها الاحتفال بموكب الحج وخروج المحمل ناقلا الكسوة الشريفة إلى مكة المكرمة. وقد التزم نابليون بإعداد وتجهيز جميع لوازم الحج، فأمر بإعداد كسوة الكعبة وصناعتها في بيت مصطفى بك أمير الحج بدلا من قصر يوسف بالقلعة، كما كتب إلى الشريف غالب بن مساعد أمير مكة يخبره بهذا التغيير ويطلب إليه حماية الموكب والحجيج من اعتداءات العربان، وقد وعد الشريف بالاهتمام براحة الحجيج وأمنهم. بيد أن الإشاعات تطايرت بأن الفرنسيين سوف يمنعون الحج إلى بيت الله الحرام بعد أن مر السبت الأول من شهر شوال، وهو اليوم المعتاد للاحتفال بنقل الكسوة إلى المشهد الحسيني، دون استعداد لخروج موكب الحج، وفور ذلك بادر الفرنسيون بدعوة الناس إلى الأسواق وأقيم الاحتفال المعتاد في يوم (9 شوال/ 16 مارس) إلا أنه رغم ذلك فإن الكسوة لم ترسل إلى مكة في ذلك العام (1215هـ=1799م)، وهكذا ظل الوضع طوال مدة التواجد الفرنسي في مصر. ومن الأمور ذات الدلالة أنه عندما وقعت الحملة الفرنسية على مصر عام (1213 هـ=1798م) وسمع بذلك أهل الحجاز انزعجوا وضجوا بالحرم، وقاموا بتعرية الكعبة من كسوتها وثيابها وذلك إشعارا للمسلمين بما أصاب بلادهم من مهانة ومذلة على يد الفرنسيين وفقا للعادات والتقاليد القديمة عند استفحال الأخطار المحدقة. وما إن خرج الفرنسيون من مصر حتى أمر السلطان العثماني بإرسال الكسوة التي كانت تصنع في إستانبول إلى مصر لتخرج منها كما جرت العادة بذلك . محمد علي.. وكسوة الكعبة وعندما تولى محمد علي باشا حكم مصر قام بإرسال أول كسوة للكعبة في عهده في (ذي القعدة 1220هـ= يناير 1806م)، ثم توالى إرسالها حتى حدث الاصطدام بين الوهابيين في الأراضي الحجازية وقافلة الحج المصرية في عام (1222 هـ=1807م) حيث توقفت مصر عن إرسال الكسوة مدة ست سنوات حتى استقرت الأمور في الحجاز، ولم ترسل للكعبة المشرفة كسوة من مصر إلا في (شوال عام 1228هـ=1813م)، على الرغم من عملها كسوة في عام (1223هـ) ولكنها لم ترسلها، وظلت محفوظة طيلة هذه المدة إلى أن قرر (محمد علي) السفر إلى الأراضي الحجازية بنفسه. وكانت كسوة الكعبة قد انتهى أمر صناعتها إلى دار كسوة الكعبة المشرفة في حي الخرنفش بالقاهرة، وذلك بعد أن طافت بأماكن كثيرة نالت شرف صناعة الكسوة الشريفة بها، مثل دمياط والإسكندرية، والقلعة ودار الخرنفش، وأيضا المشهد الحسيني بالقاهرة. السعوديون وكسوة الكعبة ظل خلفاء محمد علي من بعده محافظين على إرسال الكسوة إلى مكة كل عام، ولم تتوقف مصر عن إرسال الكسوة سوى مرات قليلة كانت بسبب الحرب العالمية الأولى، ومرة ثانية بسبب أزمة نشبت بين مصر وحكومة السعودية، خلال الفترة من 1926 و1936م. وبحلول عام 1962م، بدأ الدور السعودي في كسوة الكعبة المشرفة، حيث عادت في ذلك العام آخر كسوة مصرية للكعبة بعد رفض السعودية استلامها كما جرت بذلك العادة السنوية. وكان الملك "عبد العزيز آل سعود" قد كلف ابنه الأمير فيصل في عام 1927م بأن يشرف بنفسه على إنشاء مصنع لصناعة كسوة الكعبة، فتم إنشاء مصنع "أجياد" كأول مصنع سعودي لكسوة الكعبة المشرفة، وكان أغلب العاملين به من الفنيين الهنود مع بعض السعوديين. وفي عام (1352هـ=1934م) غادر الفنيون الهنود المصنع، وكسيت الكعبة المشرفة في هذا العام بأول كسوة سعودية. وفي عام (1397هـ=1977م) أنشأت السعودية مصنعا جديدا لكسوة الكعبة بمنطقة "أم الجود" بمكة المكرمة، وزودته بأحدث الإمكانيات اللازمة لإنتاج الكسوة، مع الإبقاء على أسلوب الإنتاج اليدوي لما له من قيمة فنية، ومصنع "أم الجود" ما زال مستمرا حتى الآن في نيل شرف صناعة الكسوة المشرفة. وصف كسوة الكعبة تنسج كسوة الكعبة من الحرير الطبيعي الخالص المصبوغ باللون الأسود، وقد نقش عليه عبارات "لا إله إلا الله محمد رسول الله الله جل جلاله.. سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم.. يا حنان يا منان". ويبلغ ارتفاع الثوب 14 مترا، ويوجد في الثلث الأعلى من هذا الارتفاع حزام الكسوة بعرض 95سم كتبت عليه آيات قرآنية مختلفة بالخط الثلث المركب محاطة بإطار من الزخارف الإسلامية، ويطرز الحزام بتطريز بارز مغطى بسلك فضي مطلي بالذهب، ويحيط الحزام بالكسوة كلها ويبلغ طوله 47 مترا، كما يوجد تحت الحزام على الأركان سورة الإخلاص مكتوبة داخل دائرة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية. وعلى الارتفاع نفسه وتحت الحزام أيضا، توجد 6 آيات من القرآن الكريم، يفصل بينها شكل قنديل كتب عليه "يا حي يا قيوم" أو "يا رحمن يا رحيم" أو"الحمد لله رب العالمين". أما ما تحت الحزام فمكتوب جميعه بالخط الثلث المركب ومطرزا تطريزا بارزا، ومغطى بأسلاك الفضة المطلية بالذهب، أما ستارة باب الكعبة ويطلق عليها البرقع، فمصنوعة من نفس قماش الحرير الأسود، وارتفاعها ستة أمتار ونصف، وعرضها ثلاثة أمتار ونصف، ومكتوب عليها آيات قرآنية وزخارف إسلامية. وتبطن الكسوة كلها بقماش خام قوي، وتتكون الكسوة من خمس قطع تغطي كل واحدة منها وجها من أوجه الكعبة والقطعة الخامسة هي الستارة التي توضع على الباب، ويوجد أعلى الحائط الغربي للكعبة قطعة حرير حمراء منقوش عليها بخيوط من الذهب والفضة وإهداء ممهور باسم خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي. منقول . |
ناري .. نور... بارك الله في جهودك وشكراً جزيلاً لك على هذا الموضوع القيم . |
رد: كسوة الكعبة المشرفة تطور وتاريخ . الله يعطيك العافيه لك التقدير. |
الساعة الآن 02:19 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
.:: تركيب وتطوير مؤسسة نظام العرب المحدودة ::.
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظة لـشبكة ومنتديات همس الأطلال