الإخوة الأعضاء الكرام : الرجاء في حال وضع صور في المنتدى أن يكون رفعها على مركز الرفع الخاص بالمنتدى وهو موجود في صندوق الموضوع المطور أو ضمن الإعلانات النصية الموجودة أسفل المنتدى ، لأن ذلك يسهم في سرعة المنتدى وأدائه ، وشكراً لكم على كرم تعاونكم || كن بلا حدود ولا تكن بلا قيود .|| إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا . || قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك . || الإرهاب .. لا دين له || |




العودة   شبكة ومنتديات همس الأطلال Network Forum whispered ruins > أطلال إيمانية > أطلال إيمانية عامة

أطلال إيمانية عامة يختص بجميع المواضيع الإسلامية العامة All regard to general Islamic topics

الإهداءات

المسيحية الأولى كانت توحيدًا:

تقول دائرة المعارف الأمريكية: "لقد بدأتْ عقيدة التوحيد - كحركة لاهوتية - بداية مبكرة جدًّا في التاريخ، وفي حقيقة الأمر، فإنها تَسبق عقيدة التثليث بالكثير من عشرات السنين. إنَّ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 11-16-2013
أبو خلدون غير متواجد حالياً
Saudi Arabia    
لوني المفضل Darkgreen
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5103 يوم
 أخر زيارة : 06-01-2020 (05:26 AM)
 الإقامة : جـــــــــــدة
 المشاركات : 4,523 [ + ]
 التقييم : 11
 معدل التقييم : أبو خلدون is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي المسيحية الأولى كانت توحيدًا:




تقول دائرة المعارف الأمريكية: "لقد بدأتْ عقيدة التوحيد - كحركة لاهوتية - بداية مبكرة جدًّا في التاريخ، وفي حقيقة الأمر، فإنها تَسبق عقيدة التثليث بالكثير من عشرات السنين.

إنَّ الطريق الذي سارَ من أورشليم - مجمع تلاميذ المسيح الأوائل - إلى نيقية - حيث عُقِد المجمع المسكوني الأول عام 325؛ لمحاولة الاتفاق على عقيدة مسيحيَّة واحدة - من النادر القول بأنَّه كان طريقًا مستقيمًا.

إنَّ عقيدة التثليث التي أُقِرَّت في القرن الرابع الميلادي، لَم تعكس بدقَّة التعليم المسيحي الأوَّل فيما يتعلَّق بطبيعة الله، لقد كانت - على العكس من ذلك - انحرافًا عن هذا التعليم؛ ولهذا فإنها تطوَّرت ضد التوحيد الخالص[1].

إنَّ التوحيد هو القاعدة الأولى من قواعد العقيدة، أمَّا التثليث، فإنَّه انحراف عن هذه القاعدة؛ لذلك نجد من الصواب أن نتكلَّم عن التثليث باعتباره حركةً متأخِّرة ظهرتْ ضد التوحيد، بدلاً من اعتبار هذا الأخير حركة دينيَّة جاءتْ لتُقاوِم التثليث.

إنَّ أغلب المسيحيين لَم يقبَلُوا التثليث، ونجد ترتليان (200م) - الذي كان أوَّل مَن أدْخَل تعبير التثليث في التفكير المسيحي - مسؤولاً عن الفقرة التي تقول: إنَّ في أيامه كان غالبيَّة الشعب ينظرون إلى المسيح باعتباره إنسانًا"[2].

الموحِّدون المسيحيون ناضَلوا عبر التاريخ:
لقد عاش الموحِّدون المسيحيون عبر القرون منذ مَجِيء المسيح وحتى اليوم، وهم يؤمنون بالإله الواحد الأحد ربًّا، وبالمسيح إنسانًا نبيًّا ورسولاً، ولا يخلطون بين الله والمسيح، على أيِّ صورة من الصوَر.

لقد كانتْ مسيحيَّة التوحيد - كما قال الكاردينال دانيلو - سائدة خِلال القرن الأول في القدس وفلسطين، حيث عاش بقيَّة الحواريين وأتباع المسيح، مثل بطرس ويوحنا ويعقوب، وكانتْ سائدة في أماكن أخرى، وَجَد فيها بولس مقاومات عنيفة لمسيحيَّته الصليبية، مثل: أنطاكية، وغلاطية، وكورنثوس، وكولوسي، وروما.

ولقد أمْكَنَ اقتفاء آثارهم حتى القرن الرابع بالمشرق، وخاصة في فلسطين، والجزيرة العربية، وما وراء الأردن، وسوريا، وما بين النهرين.

وإذا كانت عقيدة التثليث قد اقتحمت المسيحية مؤخَّرًا، وأخذتْ صيغة رسميَّة في القرن الرابع الميلادي، فما كانت تمثِّل إلاَّ فكر الأقليَّة الذي لا يُمكن فرضه إلا بسلطان الإمبراطور الوثني آنذاك "قسطنطين".

إن نظرة سريعة على ملحمة الصراع في القرن الرابع، بين محاولات إنقاذ بقايا التوحيد في تعاليم المسيح - الذي حمَل لواءه آريوس، ولَم يكن هو أوَّل القائلين به، ضد فكرة التثليث التي قال بها إسكندر وإثناسيوس - لترينا حقيقة القول الذي نقلناه آنفًا عن دائرة المعارف الأمريكية من أنَّ أغلب المسيحيين لَم يقبلوا التثليث.

تقول المراجع المسيحية[3]:
"لَمَّا كان الاضطهاد الروماني ضد المسيحية قد توقَّف، فإن السؤال عن لاهوت المسيح وناسوته بدأ يغلب في كنيسة الإسكندرية، و لَم يكن آريوس هو أوَّل مَن أثارَه؛ إذ كان ذلك موضعَ جَدَلٍ من قبلُ.

كان آريوس شيخًا لكنيسة بوكاليس، وكان محترمًا في المدينة، نُسِب إليه الطهر والتقشُّف، لطيف المعشر، وذا خُلق جذَّاب، عُرِفَ بنشاطه الديني، كما اعترف به الأُسقف الجديد "إسكندر" الذي تولَّى عام 313.

إنَّ اندلاع المجادلات بين إسكندر وآريوس يكتنفه الغموض بسبب ما نجده من روايات متناقضة، وأخيرًا قرَّر إسكندر طرْد آريوس من الكنيسة، وكذلك عَزْل بعض المشايخ والشمامسة من الإسكندرية، وبعض المطارنة من ليبيا.

لكنَّ هذا الإجراء لَم يُسْكِت آريوس، فقد وجَد دعْمًا من كثيرين، وخاصة إيزبيوس أُسقف نيقوميديا، وبعد أن رجحتْ كِفَّة آريوس وعضَدَه كلُّ أساقفة الشرق، فإنه عاد ليستأنف عمله بالإسكندرية.

لكن الجدَل لَم يقتصر على الأساقفة ورجال الدين، بل تعدَّاهم إلى عامة الشعب، وهنا أدرَكَ الإمبراطور قسطنطين خطورة تلك المحاولات التي بدأتْ تُمزِّق جميع الأقاليم الساحليَّة الشرقية لإمبراطوريَّته، فأرْسَل خطابًا إلى كلٍّ من إسكندر وآريوس، وصَف فيه الصراع بأنَّه جَدَلٌ عقيم حول أشياء غير مفهومة، بيد أنَّ الخطاب لَم يكنْ له أيُّ تأثير، كما فشِلتْ جهود أُسقف البلاط هوسيوس، الذي حمَل الخطاب، في محاولة لرأْبِ الصدْع.

إلا أنَّ هوسيوس وصَل إلى تفاهُمٍ مع إسكندر، ثم نصَح الإمبراطور بعقْد مجمع عام في نيقية، كان لهوسيوس أكبر الأثر في تحديد الصيغة المطروحة، بعد أن كسَب الإمبراطور لوجهة نظره، ولقد كانت الصيغة التي قال بها إسكندر وهاجَمها آريوس هي:
• دائمًا إله، دائمًا ابن، وفي نفس الوقت آب، وفي نفس الوقت ابن، الابن أزلي غير مخلوق..

أمَّا العقيدة التي عارض بها آريوس هذا القول، فيغلب عليها الفكر التوحيدي من أنَّ الإله الواحد الأحد، هو الأزلي وحدَه، وأنَّ الابن ليس أزليًّا، ولكنَّه خَلْقٌ من خَلْق الله، أوجَده من العدم.

لقد كان آريوس وأتْباعه يقولون:
الله، الواحد الأحد، القائم وحده، هو الوحيد الذي لَم يولد، ليس له بداية أو نهاية، لا يُمكن إدراكه أو التعبير عنه، وليس له معادل أو مكافئ على الإطلاق.

• إنَّ الله لا يخرج شيئًا من جوهره، ولا يصل جوهره بما خَلَق؛ لأنَّ جوهره غير مخلوق.

• وبالنسبة لجوهرة الابن، فإنه تباعًا لذلك لا يمتُّ بأدنَى صِلة لجوهر الأب، وإنما هو كائن مستقل ومنفصل تمامًا، ومختلف عن الجوهر أو الطبيعة الإلهيَّة.

إذ لو كان نفس الجوهر، لكان هناك إلهان.

إنَّ الأمر على العكس من ذلك، لأنَّ الابن مثله مثل كلِّ المخلوقات العاقلة، له مشيئة حرَّة، ومعرَّض للتغيير.

• وبما أن الابن لا يُعْزى جوهره إلى الآب، فهو ليس إلهًا حقيقًا، ومن ثَمَّ فليستْ له السجايا الإلهية.

إنه ليس أزليًّا، وليستْ معرفته بالله مطلقة، ولكنها معرفه نسبيَّة، ومن ثَمَّ، فإنَّه لا يمكن أن يدَّعي المساواة في المجد مع الآب.

• ومع ذلك، فإن الابن ليس مخلوقًا ومنتجًا مثل بقية المخلوقات؛ إذًا إنه المخلوق الكامل.

• وبين القوى المخلوقة، فإنَّ الرُّوح القُدس يقف بجانب الابن كجوهر ثانٍ مستقل.

وفي مجمع نيقية نجد أنَّ الإمبراطور أطلقَ يد المجتمعين في أوَّل الأمر، إلا أنه ما لَبِث أنْ وضَع نهايةً للمجادلات، واتَّخذ صفة عالم اللاهوت، حين فسَّر بنفسه الصيغة التي يجب أن يوافِقَ المجمع عليها.

لقد قرَّر - تحت تأثير هوسيوس أُسقف البلاط أن يجبرَ الجميع على قَبول الصيغة التي اتَّفق عليها هذا الأخير مع إسكندر.

لقد جاء الآريوسيون إلى المجمع وهو على ثقة من النصر، فلقد كان أُسقف نيقية نفسه في جانبهم، لكن إرادة الإمبراطور قرَّرت الأمر.

لقد أُدين آريوس وضُحِّي به، ولَمَّا كان الإمبراطور قَلِقًا على الحِفاظ بيدٍ من حديد على الوَحْدة التي اكتسَبها، فإنه أمَرَ بإحراق كُتب آريوس.

لَم يستَسلِم الآريوسيون إلى العقيدة التي فرَضَها الإمبراطور قسطنطين باسم مجمع نيقية، ولكنَّهم صمَّموا على المقاومة، حتى استطاعوا في عام 328 جعْلَ الإمبراطور يعيد آريوس وأتْباعه إلى كنائسهم، وفي ذلك الوقت كان إثناسيوس قد تولَّى كُرسي كنسية الإسكندرية بعد وفاة البطريك إسكندر.

ولقد اعتَرَض على تولِّي إثناسيوس كرسي كنيسة الإسكندرية 35 أُسقُفًا من مختلف محافظات مصر، يتزعَّمهم ميلتوس أُسقف أسيوط، الذي استمرَّ على موقفه حتى توفي عام 330، ثم خلَفَه في رئاسة حزبه يوحنا أركاف الذي اشتَهَر بعدائه لإثناسيوس.

وقد بَقِي حزب ميلتوس قائمًا في مصر بعد أركاف حتى القرن الخامس، وكان يَقودُه بعض الرُّهبان.

ولقد حدَث بعد قَرار الإمبراطور بعودة الآريوسيين أنْ قام إيزبيوس أُسقف نيقوميديا، وتيوغنسي أُسقف نيقية بعقْد مجمع في أنطاكية عام 329، حكمَ على بعض الأساقفة الأرثوذكسيين بعَزْلهم من أُسقفيتهم، وكذلك حكمَ بتثبيت معتقد آريوس، وبوجوب الاشتراك معه في الخدمة.

وقد أحدَثَ الآريوسيون القلاقل في مصر بتشجيع أنصار ميلتوس الأسيوطي، وكان أكثر أهل مصر آريوسيين، فغلَبُوا على كنائس مصر، ووثَبُوا على إثناسيوس بطريرك الإسكندرية ليقتلوه، فهرَبَ منهم واختَفى.

ولما اشتدَّت الأزمة بين إثناسيوس والآريوسيين، قرَّر الإمبراطور عقْدَ مجمع في "صور" عام 335، حضَرَه كثيرون من الأساقفة الذين حضروا مجمع نيقية المسكوني الأوَّل، وأصدَر المجتمعون قَراراتهم: بخلْع إثناسيوس من منصبه، وقَبول الميلتيين في الكنيسة، وقد أعدوا العُدَّة لدفْن قَرارات مجمع نيقية، ولقد دعاهم الإمبراطور إلى القسطنطينية للمداولة، وهناك نجحوا في جعْله يُقرِّر نفْي إثناسيوس إلى تريفس في جنوب غربي فرنسا.

وبعد وَفاة الإمبراطور قسطنطين، عاد إثناسيوس إلى الإسكندرية عام 338، فثارَ عليه الآريوسيون، ثم عقدوا مجمعًا في أنطاكية عام 340، حكموا فيه بعزْل إثناسيوس من كرسي كنيسة الإسكندرية، وقد اضطرَّ إلى الهرب إلى روما.

وفي عام 341 عُقِد في أنطاكية مجمع حضَره 97 أُسقفًا شرقيًّا، سنُّوا مجموعة من القوانين تتَّفق والآريوسية، وترفُض أفكارَ إثناسيوس.

لكن قسطنطينوس - أحد أبناء الإمبراطور، وقد اختصَّ بإيطاليا وإفريقيا - أطلَقَ سَراح إثناسيوس الذي عاد إلى الإسكندرية عام 346.

ولقد قاوَم الآريوسيون عودة إثناسيوس، وحدَثَت اضطرابات عُقِدَ على إثرها مجمع في مدينة "آرلس" بفرنسا عام 353، تقرَّر فيه: خلع إثناسيوس من أُسقفيته، وقد وقَّع على هذا القرار جميع الأساقفة الذين تشكَّل منهم المجمع، ما عدا بولين أُسقف تريفس، وكان في مقدمة الموقِّعين أُسقف روميَّة، وأُسقف كابو، وأُسقف كمبانيا بإيطاليا، وقد أحدَثَ ذلك ضجَّة كبيرة في الغرب.

ثم عُقِد مجمع في مدينة ميلانو بإيطاليا عام 355، بأمْر الإمبراطور، وكان مؤلَّفًا من 300 أُسقف جلُّهم آريوسيون، فحكَمُوا بخلْع إثناسيوس عدا نفرٍ قليل منهم.

وقد اضطرَّ إثناسيوس إلى الفرار عام 356، وتولَّى الأُسقف جاورجيوس الآريوسي على الكرسي السكندري.

وفي عام 357 عقَد الآريوسيون مجمعًا في مدينة سرميوم في جنوبي فرنسا، برئاسة الأُسقفَيْن الغربيَيْن - أورزاس وفالانس - وحضَرَه الإمبراطور قسطنطينوس بنفسه، وقد وضَع ذلك المجمع صورةَ إيمان جديدةً، أنكَر فيها مساواة الابن لأبيه في الجوهر.

وفي عام 359 عقَد الإمبراطور مجمعين: أولهما: في مدينة ريمني، وخصَّه بالغربيين، والثاني: في مدينة سلوقية بسوريا، حضر من أساقفة مصر الآريوسيين عشرة، وقد خصَّ الإمبراطور هذا المجمع بالشرقيين.

وقد أيَّد كلا المجمعين الآريوسية كلَّ التأييد، وهكذا باتَت الكنيسة الغربية كلها آريوسية.

وقد تسبَّب مجمع ريمني الغربي في تعديل صِيغة مجمع نيقية، وأعلنَ لواء الآريوسية في العالم المسيحي كلِّه.

وفي عام 361 قام الآريوسيون بعقْد مجمع في إنطاكية، وضعوا فيه: صيغة إيمان جديدة، تعلم أنَّ الابن غريبٌ عن أبيه، مختلف عنه في الجوهر والمشيئة.

وقد ثبتتْ هذه العقيدة في مجمع انعقَدَ بالقسطنطينية في نفس السنة، وقام الآريوسيون بنشْرها في أنحاء العالم، ووضعوا 17 قانونًا للإيمان تُخالِف قانون مجمع نيقية.

وفي وقفة للمراجعة نجد أنَّ الآريوسية تعني بإيجاز: وحدانيَّة الله مع عدم الخَلْط بينه وبين المسيح، فهي تقول: إن الله هو الواحد الأحد، الذي تنزَّه عن الشريك والمثَل، وأنَّ المسيح مخلوق، غير أزَلِي، صاحبَتْه النعمة الإلهيَّة.

وأنَّ هذه العقيدة التي نُسِبت لآريوس، لَم يكن هو أوَّل مَن اعتنَقَها ودعا إليها، بل كانتْ قديمةً قِدَم المسيحيَّة.

ثم كانت الآريوسية هي عقيدة الغالبية العُظمى من المسيحيين؛ سواء أكانوا شيوخ الكنائس أم عامة الشعوب، ومن قبل أنْ تُعْلَنَ المسيحية دينًا للدولة في عهد قسطنطين، ومن بعد ما أُعْلِنَت.

وما أنْ جاءَ منتصف القرن الرابع الميلادي، حتى كانت الآريوسية هي عقيدة العالَم المسيحي؛ شرقه وغربه.

وترجع النكسة التي حوَّلت المسيحية من التوحيد إلى التثليث، إلى تدخُّل الأباطرة الرومان الذين كان همُّهم الأوَّل والأخير هو تثبيت حُكمِهم وفرْض السلام في الإمبراطورية، وتطويع الدين لخدمة السياسة.

فها هو قسطنطين ودوره في مجمع نيقية، الذي قرَّر ألوهيَّة المسيح وأزليَّته، وأنَّه من جوْهر الله.

وهذا يوليانوس - ابن شقيقته - الذي تولَّى الإمبراطورية عام361، وأعاد إثناسيوس إلى كرسي الإسكندرية، وكان خبيثًا يطبِّق سياسة "فرِّق تسُد"، فكان غرضُه أنْ يقومَ المسيحيون على بعضهم، فتنحلُّ عُرَى الوَحْدة المسيحية، ولَم يمضِ غيرُ قليلٍ، حتى أسفَرَ عن كُفره، فأغْلَق الكنائس، ونَهَب أوانيها، وسلَّمَها للوثنيين، وفتَحَ معابدهم، وجاهَر بتجديد عبادة الأوثان، وقدَّم بنفسه الضحايا لها.

ثم ها هو يوبيانوس - الذي خلَف يوليانوس بعد موته عام 363 - وكان مُعاديًا للآريوسية، فلم يلبثْ أنْ فرضَ عقيدته على الإمبراطورية، وأقام على الولايات حكامًا وَفْق مسيحيَّته ذات الثالوث، وحرَّم مذهبَ الآريوسيين.

إنَّه صراعٌ طويل وعنيف بين الآريوسية - أو بتعبير أفضل: بقايا التوحيد في مسيحية المسيح - وبين عقيدة الثالوث، التي وفَدتْ عليها من الديانات السريَّة القديمة.

وإذا كانت الآريوسية لَم يكتبْ لها النصر النهائي على المستوى الرسمي للدولة، فإنَّ جهودَها في إصلاح مسار المسيحية، وتصحيح الانحِراف الذي حدَث لها، لَم تذهَبْ سُدًى، فقد بَقِيت جذورها قويَّة تنبتُ بين الحين والحين، وتُثمر قطوفًا من التوحيد، يتمثَّل في تلك "الحركات التوحيدية" و"الحركات المعادية للتثليث"، التي استمرَّت عبر القرون، واستطاعتْ أن تُقيمَ "طائفة الموحِّدين"، وهم: مسيحيون من مختلف الشعوب والثقافات، لهم كنائسهم المنتشرة في أوروبا وأمريكا، ولهم مجموعة مبادئ نذكر منها:

• أنَّ كنيسة الموحِّدين تَعتَبِر الكتاب المقدس تسجيلاً قَيِّمًا للخبرات الإنسانيَّة، وهي تصرُّ على أنَّ كاتبيه كانوا معرَّضين للخطأ.

• أن الفرق التاريخي بين التوحيد والتثليث يأتي من حقيقة أنَّ الموحِّدين طالَما كانوا يؤمنون بوجود إلهٍ واحد، فإنهم يعتقدون أنَّ الله أقنوم واحد بدلاً من ثلاثة أقانيم، إنَّ ثلاثة الأقانيم تتطلَّب ثلاثة جواهر؛ مِن ثَمَّ ثلاثة آلهة، إنَّ الأسفار لَم تعطِ أيَّ مستند للاعتقاد في التثبيث، إنَّ نظام الكون يتطلَّب مصدرًا واحدًا للشرْح والتعليل لا ثلاثة؛ لذلك فإن عقيدة التثليث تفتقد أيَّ قيمة دينيَّة أو عليمة.

• لقد قدمت اعتراضات قويَّه ضد عقيدة لاهوت يسوع المسيح.

إنَّ الكتاب المقدَّس لَم يقلْ بذلك، كما أنَّ يسوع فكَّر في نفسه كزعيم ديني هو المسيا وليس كإله، وبالمثل اعتَقَد التلاميذ أنَّ يسوع مجرَّد إنسان؛ إذ لو كان عند أيٍّ من بطرس أو يهوذا أيَّة فكرة عن أنَّ يسوع إله، لَمَا كان هناك أيُّ تفسير معقول لإنكار بطرس ليسوع، وما كان هناك تبرير لخيانة يهوذا؛ لأن الإنسان لا يُمكن أنْ ينكر أو يخون كائنًا إلهيًّا له كلُّ القوَى.

• أنَّ الحقيقة المزعومة عن أنَّ يسوع مات من أجْل خَطايانا وبهذا وَقانا لعنةَ الله، إنما هي مرفوضة قطْعًا، و أنَّ الموت الدموي على الصليب من أجْل إطفاء لعنة الإله، لهو أمرٌ مناقض للحلم الإلهي، والصبر والود والمحبة التي لا نهايةَ لها.

• أنَّ الموحِّدين ينظرون إلى يسوع باعتباره واحدًا من قادة الأخلاق الفاضلة للبشر، وأنه لو كان إلهًا، فإن المثَل الذي ضربَه لنا بعيشته الفاضلة يفقد كلَّ ذرَّة من القيمة؛ حيث إنه يمتلك قوًى لا نملكها، إن الإنسان لا يستطيع تقليد الإله"[4].

وجديرٌ بالذكر هنا ما قاله المبشِّر "ستيفن نيل"، في معرض حديثه عن تحوُّل شعوب الفرنجة (فرنسا وألمانيا) إلى المسيحية:
"لقد شَهِدتْ نهاية القرن الخامس في فرنسا حادثًا اعترفَ بحقٍّ أنَّه إحدى نقط التحوُّل في التاريخ المسيحي، ألا وهو تعميد "كلوفيس" ملك الفرنجة مسيحيًّا.

لقد تعمَّد يوم عيد الميلاد عام 496 ومعه ثلاثة آلاف من مُقاتِليه، لقد كان غالبيَّة البرابرة الذين تحوَّلوا إلى المسيحية على مذهب آريوس.

كذلك فإنَّ بعض الغُزاة - من الهون والقوط - قد أصبحوا مسيحيين قبل دُخولهم الإمبراطورية الرومانيَّة، على الرغم من أنَّ أكثريَّتهم قد أعلنتْ إيمانها بالصيغة الآريوسية للعقيدة المسيحية[5].

وهكذا، كانت الآريوسية هي السائدة، وكان توحيد الله وعدم الخَلْط بينه - سبحانه - وبين المسيح المخلوق، هو مدخل شعوب الشرق والغرب إلى المسيحية.



رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Culture/0/62644/#ixzz2ktqq6Cok

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك


المصدر: شبكة ومنتديات همس الأطلال شبكة ومنتديات همس الأطلال Network Forum whispered ruins - من قسم: أطلال إيمانية عامة


hglsdpdm hgH,gn ;hkj j,pd]Wh:






آخر تعديل أبو خلدون يوم 11-16-2013 في 02:04 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
المسيحية, الأولى, توحيدًا:, كانت


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لا تحزني إن كانت البحار سبعة . المؤيد همسات وشجون مسموعة 0 10-21-2013 10:46 PM
ليلة برد وليلة جفا كانت هم وكانت آسى نيروز أطلال العَرُوض و القافية ، وقناديل من صفحات الشعراء . 2 05-13-2013 11:58 PM
احمد ديدات الأختيار بين المسيحية و الإسلام السفاح أطلال اليوتيوب . 2 05-05-2013 12:23 PM
كانت تكلم حبيبها في الجوال أبو ذكرى أطلال التسلية والفكاهة والابتسامة . 3 09-14-2012 03:49 PM
فيلم القصة المخفية عن يسوع الأصول الوثنية في الديانة المسيحية النصرانية مطلع الشمس أرشيف همس الأطلال . Archived whispered ruins. 1 02-24-2012 01:27 AM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
Add Ur Link
منتديات همس الأطلال دليل مواقع شبكة ومنتديات همس الأطلال مركز تحميل همس الأطلال . إسلاميات
ألعاب همس الأطلال ضع إعلانك هنا . ضع إعلانك هنا . ضع إعلانك هنا .

flagcounter


الساعة الآن 08:36 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
.:: تركيب وتطوير مؤسسة نظام العرب المحدودة ::.
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظة لـشبكة ومنتديات همس الأطلال