الإخوة الأعضاء الكرام : الرجاء في حال وضع صور في المنتدى أن يكون رفعها على مركز الرفع الخاص بالمنتدى وهو موجود في صندوق الموضوع المطور أو ضمن الإعلانات النصية الموجودة أسفل المنتدى ، لأن ذلك يسهم في سرعة المنتدى وأدائه ، وشكراً لكم على كرم تعاونكم || كن بلا حدود ولا تكن بلا قيود .|| إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا . || قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك . || الإرهاب .. لا دين له || |





أطلال الحكاية ( يحكى أن. ) خاص القــــصص والــــــروايات والأساطيــــر

الإهداءات

سأعيش حياة جديدة .. سعاد حلْمي

سأعيش حياة جديدة سعاد حلْمي نبذة عن الكاتبة سعاد أحمد حلمي أبو باشا كاتبة وصحفية مصرية عملت كرئيسة تحرير لمجلة حواء ، واشتغلت في مجلة مرآة اليوم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-25-2012
ﺧﻣ̝̚ړُ ﺂﻟﺂﻧۆﭥھَہّ غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
قـائـمـة الأوسـمـة
وسام الألفية العاشرة

العطاء

وسام

لوني المفضل Dimgray
 رقم العضوية : 54
 تاريخ التسجيل : Jul 2010
 فترة الأقامة : 5045 يوم
 أخر زيارة : 02-05-2015 (09:09 PM)
 الإقامة : تَحتْ السمَـآء ♥
 المشاركات : 11,126 [ + ]
 التقييم : 73
 معدل التقييم : ﺧﻣ̝̚ړُ ﺂﻟﺂﻧۆﭥھَہّ will become famous soon enough
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي سأعيش حياة جديدة .. سعاد حلْمي




سأعيش حياة جديدة
سعاد حلْمي


نبذة عن الكاتبة

سعاد أحمد حلمي أبو باشا كاتبة وصحفية مصرية عملت كرئيسة تحرير لمجلة حواء ، واشتغلت في مجلة مرآة اليوم كما كانت تكتب ولفترة طويلة في مجلة زهرة الخليج في زاوية اطلقت عليها اسم شيء من الواقع .
لها اسهامات في مجال الادب والصحافة . تزوجت من زغلول عبده زيادة ، وانجبت منه حازم دكتور العمارة جامعة جورجيا ومنى مهندسة ونانيس مديرة بشركة أسترا للسياحة
توفيت في عام 2011 م . ، لها اسهامات في مجال القصة ..
عذرا غالياتي ، لم أجد الكثير عن حياتها في محرك البحث قوقل لا أدري لمَ قصر معي هذا الخال .

....

حين تريد المرأة أنْ تخطئ فإنها تجد لنفسها آلاف المبررات وبذلك تفقد إنسانيتها تماماً ، فلا شيء يعوضها خسارة احترامها لنفسها
عَـزفْ ..!

....



كم مضى عليّ من الوقت وأنا واقفة أمامه أحاول أنْ أسيطر على ما يحتدم في أعماقي من خوف ورهبة وقلق لكي أستطيع أن أرفع إليه وجهي وأجيب على أسئلته ففي تلك اللحظات القليلة الخاطفة تجمّع في ذهني كلّ ما سمعْته من همسات وكلّ ما قيل لي عن قسوته وكبريائه وعصبيته وتمنيت لو كان في مقدوري أن أهرب قبل أن تقع عليه عيناي ، ولكني تجلدت عندما تذكرت أني أتيت إليه بمحض إرادتي وأني يجب ألا أخذل الطبيب الكريم الذي رشّحني للعمل معه .
وقال لي إنّ صديقي الدكتور حازم الجرّاح النابغة حدّثني عن حاجته إلى ممرّضة ممتازة تكون له معاونة شخصية في المستشفى ولم أجد خيراً منك يا أميرة للقيام بتلك المهمة فأرجو أن تكوني عند حسْن ظني .
ولا أنكر أني وافقت والفرْحة تزغرد في صدري لأنها كانت فرصة العمر الذهبية لفتاة حديثة التخرج في مدرسة التمريض ، لكنّ أحلامي خيّّمتْ عليها الكآبة واكتنفها القلق عندما حدّثتْني بعض الزميلات عما يشاع عن الدكتور حازم من قسوة وشدة الأمر الذي دفع الكثيرات قبلي إلى إيثار السلامة والهرب من العمل معه .
كل هذه الهواجس القاتمة مرت عليّ وحمداً لله أني سرعان ما تمالكت أمري وبدأت أرفع إليه وجهي وتسلّقت بنظراتي القامة الطويلة النّحيلة واستقرت عيناي على وجهه ، وجه شاحب نحيل وعينان صغيرتان حادتان وشعر يمتزج فيه السواد بالفضة . وكأنما أحسّ ما في نفسي من رهبة فانفرجت شفتاه عن بسمة لم تستطع أن تمحو شيئاً من جمود ملامحه وقال :
سنبدأ عملنا فوراً ، بعد ساعة سأكون في حجرة العمليات فأرجو إعداد اللازم وتهْيئة المريض .
وفي زحمة الاستعداد والعمل طرح ذهني تماماً التفكير في شخصية الدكتور حازم وانهمكت بكل كياني في مهمتي الأولى معه لا لأني كنت أسعى لكسب رضاه فحسب بل لأنْ كانت تلك طبيعتي منذ أن اخترت لنفسي تلك المهنة الإنسانية .
وجمعتْنا غرفة العملياتِ ووقفتُ إلى جانبِه اتلقى تَعليماتَه ، كانت اصابعه الطويلة النحيفة تتحرك بدقةٍ وإتقان وانسجام كأنها أصابع ساحر أو فنان وكانت عيناه الحادتان تتركزان في اهتمامٍ ويقظة على جرح المريض كأنَّ عالَمَه كله قد أصبح محصوراً في ذلك الجزء الذي يحاول أن يستأصل منه الداء وكانت أوامره حازمة منظمة الشيء الذي جعلني أندمج معه تماماً في العمل وأتصرف دون ارتباك .
ظلَّ الدكتور حازم إلى جانب المريض حتى اطمأنَّ إلى أنه قد أَفَاقَ من غيبوبةِ المُخدِّر وأنَّ كلَّ شيءٍ يسير على ما يرام وحينئذ لمحتُ على وجهِه الشاحب المُتْعَب تعبيراً ينُمُّ عن الرضا ..
انفردتُ بنفسي في حُجرتي الصغيرة ووجدْتُني لدهشتي لا أُفكر في غيرِ تلك الشخصية التي بهرتْني وحيَّرَتني ، بهرَتني بالبراعة الفائقة والاهتمام البالغ الذي ينُمُّ عن ضميرٍ حساسٍ ومبادئ سامية لم ألمس لها مثيلاً مع مَن عملتُ معهم من أطباء كثيرين يَقلّون عنه شُهرةً وعلماً ، حيَّرَتني لأنيِ لم أحسْ منها قسوةً أو كبرياءً أو تعنتاً. ودخلت بعضُ زميلاتي وعلى وجوهِهِنَّ أسئلة فضولية ، فقالت إحداهن مُداعِبةً :
ألم يُرْعبْكِ المارد بعدُ ؟؟
واكتفيتُ بهَزِّ رأسي بالنفي. بينما انطلقت أُخرى تقول ضاحكة وهي تَغْمِز بعيْنيْها :
ربما استطاع الجمال أن يُذيب قسوتَه . واستطردتْ غيرها تقول أو ربما كان في حالة من حالات هدوئه النادرة ألا تعرفين يا أميرة أنه مزاجيّ الأحوال ونادراً ما يكون لطيفاً وفي أغلب الأوقات تجدينه ثائراً لا يعجبه العجب ومع ذلك فإنّ مرضاه يحبّونه ولا يثقون بغيره . وقد
صدقت زميلتي فيما زعمتْه عن أحوال الدكتور حازم ولكنها كانت تجهل تماماً حقيقة الدوافع التي تصْبغ تصرفاته بلون أو آخر فقد كان رجلاً يقدس الواجب وكان يفترض في كل من حوله ذلك المبدأ المثالي ولكنّ الغالبية كانت تضيق ذرعاً بتلك القيود ومن هنا كانت ثوراته ومن هنا كانت الهمسات عن قسوته وكبريائه . وأنا استطعت أن أفهمه من تلك الناحية لأني كنت أتجاوب معه فيها ، وبين دهشة الجميع سارت العلاقة بيني وبينه على خير وجه ولم يصبح سرّاً أنه لا يثق بغيري وأنه دائماً يستدعيني من ساعات راحتي أو أنه يطلبني من إجازتي الأسبوعية عندما يتصادف ضرورة إجرائ عملية وكنت أشعر برضائه وتقديره وإعجابه ، لا صياغة في كلمات وإنما في نظرة حانية كانت أجمل تقدير يمكن أن أناله ، ذلك كان جانباً من شخصيته التي تبدو غامضة قاسية أمّا الجوانب الأخرى فقد كنت أشعر أنّ شيئاً ما يجعل حياته مظلمةً ويضفي ظلّه على وجهه شحوباً وحزناً وعلى تصرفاته عصبيةً وحدة ، ولست أنكر أنّ تلك الجوانب الغامضة كانت تشغل فكري وتعيش في وجداني وتلحّ عليّ إلحاحاً عجيباً كلما خلوت إلى نفسي وقد حاولت أن أذودها عن خيالي وأنْ اتجاهل ما كانت تتركه في أعماقي من آثار تنعكس على قلبي نبضاً وعلى روحي شفقةً ولكني رغم تلك المقاومة كثيراً ما كنت أشعر أنني مشدودة إلى التفكير في ذلك الرجل الذي جمعتْني به الأقدار والذي كان يقف بيني وبينه أكثر من عائق ، يكفي أقلّها شأناً أن يكون سدّاً من الاستحالة المطْلقة فهو زوج يبدو عليه الحرص الشديد على كيانه العائلي وقد سمعت بعض الهمسات عن غيوم تشوب حياته الخاصة ، قيل أنّ مبعثها شوقه الشديد إلى فلذة صغيرة ترضي أبوّته المتلهفة ، وهو من حيث الوضع الاجتماعي يقف في المكانة العليا أصلاً وشهرةً وثراءً ، وأنا لا أعدْو أن أكون واحدةً من الحشد الكبير المتواضع الذي يكافح من أجل لقمة العيش ثم هو أخيراً يكبرني بما يربو على 15 عاماً وينظر إليّ كما ينظر الأستاذ إلى تلميذته العزيزة ، لقد طويت قوة مشاعري في أعماقي واستطعت أحياناً كثيرة أن أقنع نفسي أنها خيالات محمومة بصورة مثالية كثيراً ما تتعلق بها الفتيات لشاعر مشهور أو فنان موهوب والدكتور حازم في نظري كان مثالاً رائعاً لما يجب أن يكون عليه الطبيب ولما تجب عليه الرجولة الكاملة .
عشت أياماً في المستشفى أنعم بأجواء لم أعرفْها من قبل وأرتضي من قدري لذة العمل مع الشخص الذي استأثر بخيالي وأستشعر أعمق السعادة وأجملها عندما أتفانى في معاونته وعندما ألمح نظرة التقدير في عيْنيْه . ولم أكن على الرغم من مضيّ شهور كثيرة على التحاقي بمستشفاه قد تعرضت لسوْرة من سوْرات غضبه أو نالني شيء من لومه أو تأنيبه ويبدو أنني غبطت نفسي أو غبطتْني زميلاتي اللاتي كنّ يتندرْن بحسْن معاملته لي ففي ذات يوم أفرغ في وجهي ثورة عارمة لم يكن لي في أسبابها ذنب وألجمتْني المفاجأة تماماً فلم أستطع نفي تهمة الإهمال عن نفسي وخنقتْني العبرات فانسحبت مسرعةً دون أن أواجهه وحمدت الظروف التي خدمتني إذ كان عليّ أن أستريح ساعات النهار لكي آخذ دوري في السهر ليلاً . وأمضيت الساعات أقْنع نفسي أنّ ما أحسسْته من آلام لا يعدو إحساس أية موظفة احتدّ عليها رئيسها ذلك أنّ آلامي في الواقع كانت أعمق من ذلك مدى وكانت تصطبغ بلوعة قلب محروم حتى من مجرد الأمل ، وعندما حان موعد استلامي للعمل نهضت وكل جزء من كياني يئنّ في أسى ولكني بذلت جهدي لأبدو على طبيعتي الهادئة المشرقة حتى وأنا أمرّ مع الدكتور حازم في زيارته الّليلية للمرضى ظللت محتفظةً بابتسامتي وإنْ لم أستطعْ مواجهة نظراته التي كنت أحسّ بها تتمهل عندي طويلاً وانتهت مهمتي معه وعدت إلى الغرفة المخصصة لسهر الممرضات وجلست أدوّن التقارير المعتادة ولم تمض لحظات حتى سمعت وقْع أقدام شخص لا تخطئها أذني وخفق قلبي وأنا أراه يقف أمام مكتبي بقامته الطويلة النّحيلة ووجهه الشاحب المتْعب وسحب مقعداً وجلس ، ظلّ فترة صامتاً شارداً وأنا أختلس نحوه نظرات حيْرى متعجبةاً قال وعيْناه تبحث عن عيْنيْ :
إنني آسف يا أميرة على ثورتي الصباحية .
قلت مطرقةً :لو كنت حقّاً أخطأت لكان من حقّك أن تثور على ما شئت .
وفي صوت هادئ هامس سمعْته يقول : وكان وجهه قد اكتسى بتعبير رقيق ولمعت في عيْنيْه نظرة حانية ، إنني في أحيان كثيرة أفقد السيطرة على أعصابي فأرجوك أن تفهميني يا أميرة ولا تحاولي تأويل ثوراتي بما يجرح كبريائك فأنا جدّ حريص عليك ولا يمكنني الاستغناء عنك .
حملقت في وجهه ذاهلةً لا أصدّق أنّ الذي يحدّّثني هو الدكتور حازم الذي يثير الرعب في النفوس وتمنيت أن يراه الجميع على حقيقته ليطلعوا على قلبه الناصع وروحه المرْهفة ، تمنيت لو شعروا مثلما شعرْت في تلك اللحظة الرائعة إنّ ذلك المارد يخفي في أعماقه طفلاً وديعاً رقيقاً حسّاساً . وأقلقه طول صمتي فعاد يقول واللهفة في نبراته :
أما زلت متأثرةً بما حدث؟؟ ؟
أحسست أنّ شيئاً ما يلهب وجداني ويشعل مشاعري ويوشك أن ينطق بنبض قلبي وقلت :
لا يا سيدي لقد نسيت كلّ شيء ، ومدّ يده نحوي واحتوى كفي لبرهة مردّداً شكراً يا أميرة . ، ثم استدار منصرفاً وتركني مبهورةً أحسّ أنني أحلّق في أجواء علْوية وأعيش لحظات خالدة تكفيني ذكراها ذخيرة طوال عمْري أجترّها كلما شعرت أني بحاجة إلى نفحة من نفحاتها الحلوة . .
جرفتني ثانيةً دوّامة العمل والسهر ولكني كنت أعيش بيني وبين نفسي حياة أخرى تسعدني وتجعلني أبذل كلما في وسعي لإرضاء من حرّمتْه عليّ الأقدار وقد ظلّت علاقة العمل بيننا على طابعها المعتاد الذي يسوده التقدير والطاعة والانسجام ولكنه كان يفاجئني بين الحين والآخر بزيارة خاطفة لغرفة مكتبي فيجاملني بالثّناء عليّ ويتبسط معي بالسؤال عن أحْوالي للحظات . .
ذات أمسية اعتقدت أنه قد انصرف بعد مروره المعتاد وعدت إلى غرفتي وانهمكت في ترتيب دولاب الأدوية وقد أعطيت ظهري للباب سمعْته يقول :
الحبّ الكبير قصة غرامية أليس كذلك يا أميرة؟؟ ؟؟؟
واستدرت ناحيته بسرعة ونظراتي على القصة التي أعددْتها للتسلية خلال ساعات الليل حتى أقاوم النعاس . وعاد يقول وهو يتأملني مبتسماً :
هل تؤمنين بالحبّ؟؟ ؟
وارتبكت واحتقنت وجْنتاي خجلاً فأطلق ضحكة خافتة وقال يا لسذاجتك . وعاد يسألني إنْ كنت أومن بالحبّ .
فقلت وقلبي ينبض بعنف : أومن به كأسمى عاطفة في الوجود . واتسعت ابتسامته حتى أشرق بها وجهه وظلت عيْناه تطوف في أرجاء وجهي وهو يقول :
تعجبني صراحتك يا أميرة .
سكت فجأةً وبدا عليه التفكير العميق ثم سألني ، إذا أحسّ الإنسان أنّ حبّاً عظيماً ينمو في قلبه ويستأثر بوجدانه وكان عاجزاً تماماً عن أن يضع لذلك الحبّ هدفه الطبيعي فماذا يعمل؟؟ هل يحطّم العوائق مهما كان في ذلك من إذاء لمشاعر الآخرين أو يسمو بعاطفته ويربأ بها عن أن تنحدر به إلى مستوى الأنانية ؟ ودون أن ينتظر إجابتي استطرد قائلاً وهو يعتمد رأسه بين يديْه :
الحبّ الحقيقي في نظري هو الذي يسمو بالإنسان . وعاد الشحوب إلى وجهه وعاد الحزن والإرهاق ونهض واقفاً استعداداً للانصراف ثم التفت إليّ وقال في أسى :
عندما تفكرين في الزواج فتأكّدي من أنك لم تختاري الشخص الخطأ لأنّ ذلك الخطأ يكلّف الإنسان سعادة عمره .
مضى عليّ الوقت وأنا جالسة على مقعدي شاردة اللّب حائرة التفكير وبدا كما لو كان المرضى قد أحسّوا بما يعتمل في صدري فكفوا عن دقّ الأجراس وتركوني وحدي مع خيالاتي ثم فجأةً انبعث رنين الهاتف وأسرعت أرفع السمّاعة لأسمع صوت الدكتور حازم يقول في لهفة وقلق أعدّي غرفة العمليات فقد فاجأت زوجتي آلام الزائدة الدّوْدية وسأنقلها فوراً إلى المستشفى . وبعد دقائق وصل الدكتور حازم إلى المستشفى وقد احتوى في حرص بين ذراعيْه زوجته التي كانت تتلوى من الألم وتركها في رعايتي وأسرع للاستعداد ، أجل ترك لي زوجته التي طالما غبطْتها في خيالي على حظّها السعيد وتمنيت لو استبدلني بها القدر ، تأملتها كانت جميلةً ما في ذلك شكّ وترتدي أغلى الثياب ويفوح منها شذى عطر نفّاذ ولكن، ذلك كله لم يستطعْ أنْ يخفي ما يرتسم على وجهها من قسوة وكبرياء حتى وهي تتألم لم تتواضع ولم تتخل عن عنجهيتها فقد كانت تصرخ في وجهي كما لو كنت خادماً أجيرةً عندها ، ملأتْ المستشفى ضجيجاً كما لو كان من حقّها إزعاج المرضى النائمين ، ظننت أني ظلمْتها وأنّ أحْوالها نتيجة ما تعانيه من آلام وأنّ حقيقتها أرقّ من ذلك . وتمتْ العملية وتنبهت حواسها وقد أشرق نور الصباح وانحنى عليها زوجها الذي أمضى الوقت كله إلى جانبها وقال ملاطفاً في صوت حنون :
حمداً لله على سلامتك يا ناهد .
أشاحت بوجهها عنه دون بسمة أو كلمة رغم أنها قد استردت وعيها كاملاً ، تناول معصمها يتحسس نبْضها حتى استدار ناحيتي وقال :
سأنصرف الآن يا أميرة وأرْجوك ألا تفارقيها أعرف أنّ موعد راحتك قد حان ولكني لا أثق برعاية أحد غيْرك لها .
ابتسمتُ موافقة وفجأة انتفضت المريضة فأسرعت إليها فسمعْتها توجّه الحديث إلى زوجها في عصبية قائلة :
كيف تتركني ّالآن حتى وأنا مريضة تهْملني على تلك الصورة المخزية .
وفي هدوء ربّت على رأسها وقال :
إنني مقيّد يا عزيزتي بمواعيد محاضرات الكلية وسأعود حالما أنتهي منها . . قالت وملامحها الجميلة القاسية تعبّر عن السّخْرية :
دائماً تجد عذراً ، ما كان لمثلك أن يتزوج أبداً . .
هممت بالانسحاب إذ أحسست أنه ليس من حقّي أن أنصت إلى مثل تلك المناقشات الخاصة ولكنه أمرني بالبقاء وانصرف وقد ازداد وجهه شحوباً ، عاد إليها ظهراً وكانت قد انتعشت وبدت أكثر هدوءً وداعبها ملاطفاً كما لو لم تكن قد احتدّت عليه ثم نظر إلى ساعته واستأذنها في الانصراف حتى يستريح قليلاً قبل موعد العيادة ، وعادت إلى انتفاضتها واحتقن وجهها وهي تقول في صوت أشبه بالصّراخ :
ألا تنسى عيادتك يوماً من أجْل زوجتك إنك تعاملني كما لو كنت أي مريض عادي تمرّ عليّ لحظات ثم تذهب يا لك من زوج مثالي .
وقبل أن أسمع المزيد هرولت منصرفةً وأنا أعجب لتلك الزوجة التي لا تقدّر ظروف زوجها ولا تحترم عمله وأرثي لذلك الرجل الذي بدأت أفهم الكثير من مغاليق نفسه الحزينة ، ذهبت لآخذ قسطاً من الراحة ولم أكدْ أغْفو قليلاً حتى أتت إحدى زميلاتي تطلب مني النهوض وقالت في استنكار إنّ هذه المرأة فظيعة للغاية إنها لا تكفّ عن الصياح والطلبات وتتصور أنّ في إمكاننا أن نفعل لها المعجزات وإلا فنحن جاهلات ومهْملات ثم هذه ليست طريقة في المعاملة صحيح إنها زوجة رئيسنا ولكن هذا لا يخوّلها حقّ إهانتنا وتحقيرنا .
سألتها . وماذا تريدين؟؟ ؟
أجابت . إنها تلحّ في طلبك بل أمرت بإحضارك وصمتتْ زميلتي برهةً ثم قالت ضاحكةً :
يبدو إنه رغم كل مساوئه أرحم منها كثيراً . . وفي خلال يوميْن كان المستشفى كله يتحدث في استنكار وسخرية عن تصرفات زوجة الدكتور حازم وتعاليها الممقوت ومواقفها الشاذة منه أمام الكبير والصغير وعجبت لأحوالها التي لم يستطع عقلي تعليلها إلا إنها تحاول أن تنال من زوجها بأية طريقة وإنها تشهّر به وتتعمد الإساءة إليه أمام الجميع كأنها تريد أن تنتقم وتنفّس عن حقد مرير ، رثيْت له من أعماقي وأنا أراه مهموماً قد صار يتحرك كالشبح شارداً ، وآلمني أنّ الجميع بدأوا يتهامسون عليه ويتشفوْن فيه ، إنهم يجهلون ما صرت أومن به ، يجهلون أنّ تلك المرأة القاسية هي التي جنتْ عليه وهي التي أحالت أعصابه كتلةً ثائرةً مشتعلةً . .
استدعتني في يومها الرابع بعد أن حضرت مجْبرةً إحدى مشاجراتها مع زوجها وهو يقوم بالكشف على الجرح ووجدْتها جالسةً على مقعدها بأتمّ زينة وأمرتني أن أمنع عنها الزوار تلك الليلة ، ثم قالت :
شخص واحد فقط هو الذي أريد رؤيته سيسأل عنك أولاً فدعيه يدخل فوراً .
بعد قليل حضر ذلك الشخص شابّ متكلف الحركات والألفاظ يبدو أنه أمضى الساعات أمام المرآة لكي يبدو على تلك الصورة اللامعة وقدْته إليها وتركْتهما . ثم حان موعد حقنة البنسلين وببساطة دفعت الباب المغلق وتسمرت قدماي على عتبته واشمأزّت نفسي ونفرت فالشابّ الرقيع قد انحنى عليها وقد أحاطها بذراعيْه وهي مستسلمة حالمة وفجأةً تنبّه كلاهما إلى وجودي وفي ذعْر ابتعد عنها أمّا هي فرمقتني في قسوة وحنق وقالت :
أين تعلمت الأصول أليس من الواجب أن تدقي الباب قبل فتحه؟؟ ؟
رددتُ والدماء تغلي في رأسي .
الممرضة لا تستأذن في المستشفيات يا سيدتي لأنّ المفروض أنها ليست في حاجة إلى ذلك . وأعددت الحقنة كالمعتاد وفي تلك الأثناء انصرف الشاب وأحسست بها قلقة مضطربة ولما هممت بالخروج استوقفتني قائلةً وهي تتصنع عدم المبالاة :
لا يهمني إنْ حدَّثتِ طبيبك العظيم عما شاهدت .
رددتُ في فتور .
إنني لا أرى ولا أسمع إلا ما يخصّ واجبي .
وفي عصبية وحماس استطردت تقول كما لو كانت تحاول تبرير خيانتها :
ماذا تتوقعين من زوجة تستشعر الفراغ القاتل إنه دائماً مشغول بمرضاه ودائماً يعتذر عن مصاحبتي في المجتمعات متعللاً بارتباطه بموعد أو بأرهاق أعصابه والنتيجة أنني صرت أعيش حياتي الخاصة كما لو لم أكن متزوجة .
وأطرقتُ دون جواب وأنا محْرجة فقالت تستحثّني :
لماذا لا تجيبين؟؟ ؟
قلت ليس من حقّي أن أتدخّل في حياتكما الخاصة .
قالت ضاحكة في استهزاء : لم تعدْ لنا حياة خاصة لقد كان زواجنا غلطة إنني أريد أن أتمتع بحياتي وشبابي وهو آخر شخص يمكن أن يفهمني إنه يريد زوجة تنتظر عودته إلى البيت باسمةً راضيةً وتقْبل أن تشاركها فيه مهنة تبتلع كل أوقاته واهتماماته ، زوجة وظيفتها أن تنْجب له حشداً من الأولاد وتفني عمرها في تربيتهم حتى يذبل جمالها وشبابها ولست أنا من ذلك النوع إنني لا أطيق الأطفال وقد أجهضت نفسي دون علمه مرات كثيرة .
لم تتحمل أعصابي أكثر من ذلك ، تافهة وحمقاء وأنانية وجاهلة بمعنى الارتباط الزوجي الحقيقي . وولّيْت هاربةً من تلك المرأة التي أشْقت زوجها والتي تحاول علناً أن تسدّد إليه الطعنات دون رحمة ولا تجد حرجاً في أن تحدّث فتاةً غريبةً بأدق أسرار حياتها الزوجية . وازدادت ثورتي عليها اشتعالاً عندما انتشرت بمرور الأيام الهمسات حول مسلكها الغامض مع ذلك الشاب الذي يتردّّد عليها في أوقات معيّنة تمتنع خلالها عن استقبال غيره وصرت أعيش في رعب من أن تصل الدكتور حازم بعض تلك الهمسات أو يتصادف حضوره أثناء وجود ذلك الزائر البغيض ولم يكن قلقي عليها وإنما كنت أودّ أن أجنّب ذلك الشخص العزيز الأثير موقفاً من شأنه أن يحطّمه تماماً ويقضي على البقية الباقية من أعصابه ، لكنّّ القدر كان ينسج خطتَه بإحكام ففي ذات أمسية حضر الدكتور حازم من عيادته مبكراً على غير عادته وطلب مني أعداد اللازم لنزع خيوط جرح زوجته ولم أكن أعرف بتاتاً أنها في خلْوة مع صديقها وإلا حاولت جهدي أن أتفادى الموقف ، دخل الزوج دون استئذان وأنا من خلفه وتكرر المشهد المخزي وخيّل إليّ أنّ الدكتور حازم يكاد ينفجر في ثورة عارمة ويفتك بالخائنيْن ، لكنه تمالك أعصابه إلى أقصى حدّ واكتفى بنظْرة احتقار قاسية ارتجفت لها أوصال النذل الجبان ودفعته للفرار وشعرت أنّ وجودي مع الزوجين فيه احراج شديد واستدرت منصرفةً ولكنها استوقفتني قائلةً في ثورة :
إذن قد صدق ظني وسارعت بإخبار طبيبك العظيم لا تحاولي الإنكار والتظاهر بالبراءة وعلى العموم حسناً ما فعلت لأنّ الأمور الآن قد تكشفت ولم تعدْ هناك حاجة للإخفاء .
لم أجبها بحرف وتابعت سيْري نحو الباب وفي تلك المرة كان هو الذي أمرني بالبقاء والتفت ناحيتي قائلاً وقد ارتسم على وجهه الألم والعذاب والثورة
انتظري يا أميرة إذن فقد كنت تعلمين وأخفيْت عني . لماذا لم تخبريني منذ البداية أنّ المستشفى قد أصبح وكراً وأنّ سمعتي قد تلوثت ؟
كانت لهجته تقْطر عتاباً أدْمى قلبي وألجم لساني وتجمعت دموع الحيرة والعذاب في عيْنيْ وانصرفت دون استئذان غادرت المستشفى وهمْت على وجهي في الطرقات وقلبي يردد دعاءً صادقاً أن يخفّف الله وقْع الصدمة على نفس أحب الناس إلى قلبي وألّا يدعْ الفضيحة تقضي على سمعته ومستقبله وحمدت الله أنّ أحداً غيري لم يطّلع على شيء مما دار بين جدران الغرفة المغلقة كل ما في الأمر أنّ الجميع دهشوا لخروج الزوجة من المستشفى على حين غرة ودون أية مقدمات . أما أنا فطلبت إجازةً لبضعة أيام متعللةً ببرد أصابني والحقيقة كنت بحاجة إلى فترة راحة لكي تهْدأ أعصابي وأستطيع أن أواجه الدكتور حازم ثانيةً . وعندما عدْت إلى عملي راعني أن أراه حطاماً شارداً وإنْ حاول أن يبدو طبيعيّاً في تصرفاته مع الآخرين . أما أنا فخيّل إليّ أنه يضيق بوجودي لأنني أذكّره بالمأساة التي هزت كيانه . وعذرْته وفكرت أن أختفي من حياته وأنْ أبْحث لنفسي عن عمل آخر برغم ما كان في ذلك من قسوة على قلبي فقد صمّمت على رأيي بعد صراع عنيف دام أياماً طويلةً .
وذات يوم كتبت له الاستقالة وتركْتها له على مكتبه ولم تمض دقائق حتى كان بعث يستدعيني ، ذهبت إليه وكنت مصمّمةً على الاستقالة .
بادرني قائلاً وخطابي بين يديْه :
حسناً فعلت بتلك الاستقالة التي وافقت عليها فوراً فقد كنت أوشك أن أطلب منك ذلك .
أحسست بقلبي يئنّ بين ضلوعي وبالعبرات تملأ عيْنيْ ذلك أنني لم أتوقع منه مثل ذلك الموقف وفجأةً نهض واقترب مني قائلاً :
لقد عثرت لك على عمل آخر يا أميرة .
قاطعته بكبرياء الأنثى المجروحة
لا شكرا لك يا سيدي ، سأبحث بنفسي عن عمل لي ..
قال مبتسما :
الا تريدين أن تعرفي أين سأوظفك ؟؟
لم أحرِ جوابا فالالم كان أقوى إيذاءً بحيث منعني الكلام . فاستطرد مستأنفا حديثه :
سيكون العمل في بيتي وعنوانك الوظيفي زوجتي ، فهل سترفضين هذه المهنة ؟؟؟
جمدت كل أوصالي لم أنطق بحرف واحد ، فقط وحدها الدموع كانت تتحدث بالنيابة عن لساني ، فمد يده ومسحها برقة هامسا :
أحبكِ يا أميرة أحبك كما لم أحب امرأة من قبل ..
وقلت بصوت خافت كأنه قادم من بعيد :
وأنا أيضا ..


ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك




sHuda pdhm []d]m >> suh] pgXld





رد مع اقتباس
قديم 06-25-2012   #2


الصورة الرمزية أبو خلدون
أبو خلدون غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 06-01-2020 (05:26 AM)
 المشاركات : 4,523 [ + ]
 التقييم :  11
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : Darkgreen
افتراضي



●‏خرآفيّـــہ «~...
شكراً لك على جهودك الطيبة
وعلى هذا الموضوع القيم .
وسنظل ننتظر منك كل جديد مفيد .
مع تمنياتي لك بالتوفيق والسداد


 


رد مع اقتباس
قديم 06-26-2012   #3


الصورة الرمزية نيروز
نيروز غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 07-01-2014 (09:19 AM)
 المشاركات : 13,261 [ + ]
 التقييم :  36
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Dimgray
افتراضي رد: سأعيش حياة جديدة .. سعاد حلْمي



يعطيك الف عافيه


 


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حياة قلبي مع كتاب ربي ﺧﻣ̝̚ړُ ﺂﻟﺂﻧۆﭥھَہّ أطلال التسلية والفكاهة والابتسامة . 8 02-04-2011 12:49 PM
حياة المتنبي أبو نايف أطلال الشخصيات المشهورة وأحداث رسخت في صفحات التاريخ .. 4 01-29-2011 07:20 AM
فيلم حياة أهل فيفاء أبو ذكرى أطلال قبائل فيفاء العام ( تمنع مواضيع الوفيات والتعازي 2 12-12-2010 08:31 AM
حياة قلبي مع كتاب ربي اسير الصمت أطلال إيمانية عامة 6 11-15-2010 04:39 PM
خمس أشياء من أجل حياة كريمه أبو ذكرى فضاءات وآفاق بلا حدود . 5 10-06-2010 08:46 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
Add Ur Link
منتديات همس الأطلال دليل مواقع شبكة ومنتديات همس الأطلال مركز تحميل همس الأطلال . إسلاميات
ألعاب همس الأطلال ضع إعلانك هنا . ضع إعلانك هنا . ضع إعلانك هنا .

flagcounter


الساعة الآن 10:59 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
.:: تركيب وتطوير مؤسسة نظام العرب المحدودة ::.
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظة لـشبكة ومنتديات همس الأطلال