الإخوة الأعضاء الكرام : الرجاء في حال وضع صور في المنتدى أن يكون رفعها على مركز الرفع الخاص بالمنتدى وهو موجود في صندوق الموضوع المطور أو ضمن الإعلانات النصية الموجودة أسفل المنتدى ، لأن ذلك يسهم في سرعة المنتدى وأدائه ، وشكراً لكم على كرم تعاونكم || كن بلا حدود ولا تكن بلا قيود .|| إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا . || قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك . || الإرهاب .. لا دين له || |





الأطلال الطبية العامة . يجب أن تكون المواضيع المطروحة في هذا المنتدى موثقة وتستند إلى مراجع موثوقة وصحيحة

الإهداءات

الطب النبوي الجزء الخامس

باب الْعَيْنُ حَقٌّ الشرح: قوله: (باب العين حق) أي الاصابة بالعين شيء ثابت موجود، أو هو من جملة ما تحقق كونه. قال المازري: أخذ الجمهور بظاهر الحديث، وأنكره طوائف المبتدعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-02-2010

السفاح غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
لوني المفضل Azure
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل : Jun 2010
 فترة الأقامة : 5059 يوم
 أخر زيارة : 09-17-2014 (09:38 PM)
 الإقامة : جدة
 المشاركات : 1,169 [ + ]
 التقييم : 23
 معدل التقييم : السفاح is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الطب النبوي الجزء الخامس



باب الْعَيْنُ حَقٌّ
الشرح:
قوله: (باب العين حق) أي الاصابة بالعين شيء ثابت موجود، أو هو من جملة ما تحقق كونه.
قال المازري: أخذ الجمهور بظاهر الحديث، وأنكره طوائف المبتدعة لغير معنى، لان كل شيء ليس محالا في نفسه ولا يؤدي إلى قلب حقيقة ولا إفساد دليل، فهو من متجاوزات العقول، فإذا أخبر الشرع بوقوعه لم يكن لانكاره معنى، وهل من فرق بين إنكارهم هذا وإنكارهم ما يخبر به من أمور الاخرة.
الحديث:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَيْنُ حَقٌّ وَنَهَى عَنْ الْوَشْمِ
الشرح:
قوله: (العين حق، ونهى عن الوشم) لم تظهر المناسبة بين هاتين الجملتين، فكأنهما حديثان مستقلان، ولهذا حذف مسلم وأبو داود الجملة الثانية من روايتهما مع أنهما أخرجاه من رواية عبد الرزاق الذي أخرجه البخاري من جهته، ويحتمل أن يقال: المناسبة بينهما اشتراكهما في أن كلا منهما يحدث في العضو لونا غير لونه الاصلي، والوشم بفتح الواو وسكون المعجمة أن يغرز إبرة أو نحوها في موضع من البدن حتى يسيل الدم ثم يحشى ذلك الموضع بالكحل أو نحوه فيخضر، وسيأتي بيان حكمه في " باب المستوشمة " من أواخر كتاب اللباس إن شاء الله تعالى.
وقد ظهرت لي مناسبة بين هاتين الجملتين لم أر من سبق إليها، وهي أن من جملة الباعث على عمل الوشم تغير صفة الموشوم لئلا تصيبه العين، فنهى عن الوشم مع إثبات العين، وأن التحيل بالوشم وغيره مما لا يستند إلى تعليم الشارع لا يفيد شيئا، وأن الذي قدره الله سيقع وأخرج مسلم من حديث ابن عباس رفعه " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا " فأما الزيادة الاولى ففيها تأكيد وتنبيه على سرعة نفوذها وتأثيره في الذات، وفيها إشارة إلى الرد على من زعم من المتصوفة أن قوله: " العين حق " يريد به القدر أي العين التي تجري منها الاحكام، فإن عين الشيء حقيقته، والمعني أن الذي يصيب من الضرر بالعادة عند نظر الناظر إنما هو بقدر الله السابق لا بشيء يحدثه الناظر في المنظور.
ووجه الرد أن الحديث ظاهر في المغايرة بين القدر وبين العين، وإن كنا نعتقد أن العين من جملة المقدور، لكن ظاهره إثبات العين التي تصيب إما بما جعل الله تعالى فيها من ذلك وأودعه فيها، وإما بإجراء العادة بحدوث الضرر عند تحديد النظر، وإنما جرى الحديث مجرى المبالغة في إثبات العين لا أنه يمكن أن يرد القدر شيء إذ القدر عبارة عن سابق علم الله، وهو لا راد لامره، أشار إلى ذلك القرطبي.
وحاصله لو فرض أن شيئا له قوة بحيث يسبق القدر لكان العين.
لكنها لا تسبق، فكيف غيرها؟ وقد أخرج البزار من حديث جابر بسند حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالانقس " قال الراوي: يعني بالعين.
وقال النووي: في الحديث إثبات القدر وصحة أمر العين وأنها قوية الضرر، وأما الزيادة الثانية وهي أمر العاين بالاغتسال عند طلب المعيون منه ذلك ففيها إشارة إلى أن الاغتسال لذلك كان معلوما بينهم، فأمرهم أن لا يمتنعوا منه إذا أريد منهم، وأدنى ما في ذلك رفع الوهم الحاصل في ذلك، وظاهر الامر الوجوب.
وحكى المازري فيه خلافا وصحح الوجوب وقال: متى خشي الهلاك وكان اغتسال العائن مما جرت العادة بالشفاء به فإنه يتعين، وقد تقرر أنه يجبر على بذل الطعام للمضطر وهذا أولى، ولم يبين في حديث ابن عباس صفة الاغتسال، وقد وقعت في حديث سهل بن حنيف عند أحمد والنسائي وصححه ابن حبان من طريق الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف " أن أباه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وساروا معه نحو ماء، حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف - وكان أبيض حسن الجسم والجلد - فنظر إليه عامر بن ربيعة فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، فلبط - أي صرع وزنا ومعنى - سهل.
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل تتهمون به من أحد؟ قالوا.
عامر بن ربيعة.
فدعا عامرا فتغيظ علمه فقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت.
ثم قال: اغتسل له، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم يصب ذلك الماء عليه رجل من خلقه على رأسه وظهره ثم يكفأ القدح؛ ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس " لفظ أحمد من رواية أبي أويس عن الزهري، ولفظ النسائي من رواية ابن أبي ذئب عن الزهري بهذا السند أنه يصب صبة على وجهه بيده اليمنى، وكذلك سائر أعضائه صبة صبة في القدح.
وقال في آخره " ثم يكفأ القدح وراءه على الارض " ووقع في رواية ابن ماجه من طريق ابن عيينة عن الزهري عن أبي أمامة أن عامر بن ربيعة مر بسهل بن حنيف وهو يغتسل، فذكر الحديث وفيه " فليدع بالبركة.
ثم دعا بماء فأمر عامرا أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وركبتيه وداخلة إزاره، وأمره أن يصب عليه " قال سفيان قال معمر عن الزهري: " وأمر أن يكفأ الاناء من خلفه " قال المازري: المراد بداخلة الازار الطرف المتدلي الذي يلي حقوه الايمن، قال فظن بعضهم أنه كناية عن الفرج انتهى.
وزاد عياض أن المراد ما يلي جسده من الازار، وقيل: أراد موضع الازار من الجسد، وقيل: أراد وركه لانه معقد الازار.
والحديث في " الموطأ " وفيه عن مالك " حدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل أنه سمع أباه يقول، اغتسل سهل - فذكر نحوه وفيه - فنزع جبة كانت عليه وعامر بن ربيعة ينظر فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد عذراء، فوعك سهل مكانه واشتد وعكه - وفيه - إلا بركت؟ إن العين حق، توضأ له، فتوضأ له عامر فراح سهل ليس به بأس".
(تنبيهات) : الاول: اقتصر النووي في " الاذكار " على قوله: الاستغسال أن يقال للعائن: اغسل داخلة إزارك مما يلي الجلد، فإذا فعل صبه على المنظور إليه.
وهذا يوهم الاقتصار على ذلك، وهو عجيب، ولا سيما وقد نقل في " شرح مسلم " كلام عياض بطوله.
الثاني: قال المازري هذا المعنى مما لا يمكن تعليله ومعرفة وجهه من جهة العقل، فلا يرد لكونه لا يعقل معناه.
وقال ابن العربي: إن توقف فيه متشرع قلنا له: قل الله ورسوله أعلم، وقد عضدته التجربة وصدقته المعاينة.
أو متفلسف فالرد عليه أظهر لان عنده أن الادوية تفعل بقواها، وقد تفعل بمعنى لا يدرك، ويسمون ما هذا سبيله الخواص.
وقال ابن القيم: هذه الكيفية لا ينتفع بها من أنكرها ولا من سخر منها ولا من شك فيها أو فعلها مجربا غير معتقد، وإذا كان في الطبيعة خواص لا يعرف الاطباء عللها بل هي عندهم خارجة عن القياس وإنما تفعل بالخاصية فما الذي تنكر جهلتهم من الخواص الشرعية؟ هذا مع أن في المعالجة بالاغتسال مناسبة لا تأباها العقول الصحيحة، فهذا ترياق سم الحية يؤخذ من لحمها، وهذا علاج النفس الغضبية توضع اليد على بدن الغضبان فيسكن، فكان أثر تلك العين كشعلة نار وقعت على جسد، ففي الاغتسال إطفاء لتلك الشعلة.
ثم لما كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر في المواضع الرقيقة من الجسد لشدة النفوذ فيها، ولا شيء أرق من المغابن، فكان في غسلها إبطال لعملها، ولا سيما أن للارواح الشيطانية في تلك المواضع اختصاصا.
وفيه أيضا وصول أثر الغسل إلى القلب من أرق المواضع وأسرعها نفاذا، فتنطفئ تلك النار التي أثارتها العين بهذا الماء.
الثالث: هذا الغسل ينفع بعد استحكام النظرة، فأما عند الاصابة وقبل الاستحكام فقد أرشد الشارع إلى ما يدفعه بقوله في قصة مسهل بن حنيف المذكورة كما مضى " ألا بركت عليه " وفي رواية ابن ماجه " فليدع بالبركة " ومثله عند ابن السني من حديث عامر بن ربيعة.
وأخرج البزار وابن السني من حديث أنس رفعه " من رأى شيئا فأعجبه فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لم يضره".
وفي الحديث من الفوائد أيضا أن العائن إذا عرف يقضي عليه بالاغتسال، وأن الاغتسال من النشرة النافعة، وأن العين تكون مع الاعجاب ولو بغير حسد، ولو من الرجل المحب، ومن الرجل الصالح، وأن الذي يعجبه الشيء ينبغي أن يبادر إلى الدعاء للذي يعجبه بالبركة، ويكون ذلك رقية منه، وأن الماء المستعمل طاهر، وفيه جواز الاغتسال بالفضاء، وأن الاصابة بالعين قد تقتل.
وقد اختلف في جريان القصاص بذلك فقال القرطبي: لو أتلف العائن شيئا ضمنه، ولو قتل فعليه القصاص أو الدية إذا تكرر ذلك منه بحيث يصير عادة، وهو في ذلك كالساحر عند من لا يقتله كفرا، انتهى.
ولم يتعرض الشافعية للقصاص في ذلك، بل منعوه وقالوا: إنه لا يقتل غالبا ولا يعد مهلكا.
وقال النووي في " الروضة: ولا دية فيه ولا كفارة.
لان الحكم إنما يترتب على منضبط عام دون ما يختص ببعض الناس في بعض الاحوال مما لا انضباط له، كيف ولم يقع منه فعل أصلا، وإنما غايته حسد وتمن لزوال نعمة.
وأيضا فالذي ينشأ عن الاصابة بالعين حصول مكروه لذلك الشخص، ولا يتعين ذلك المكروه في زوال الحياة، فقد يحصل له مكروه بغير ذلك من أثر العين ا هـ.
ولا يعكر على ذلك إلا الحكم بقتل الساحر فإنه في معناه، والفرق بينهما فيه عسر.
ونقل ابن بطال عن بعض أهل العلم فإنه ينبغي للامام منع العائن إذا عرف بذلك من مداخلة الناس وأن يلزم بيته، فإن كان فقيرا رزقه ما يقوم به، فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم الذي أمر عمر رضي الله عنه بمنعه من مخالطة الناس كما تقدم واضحا في بابه، وأشد من ضرر الثوم الذي منع الشارع آكله من حضور الجماعة.
قال النووي: وهذا القول صحيح متعين لا يعرف عن غيره تصريح بخلافه.

باب رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ
الشرح:
قوله: (باب رقية الحية والعقرب) أي مشروعية ذلك، وأشار بالترجمة إلى ما ورد في بعض طرق حديث الباب على ما سأذكره.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الاسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ الرُّقْيَةِ مِنْ الْحُمَةِ فَقَالَتْ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّقْيَةَ مِنْ كُلِّ ذِي حُمَةٍ
الشرح:
قوله: (عبد الواحد) هو ابن زياد، وبذلك جزم أبو نعيم حيث أخرج الحديث من طريق محمد بن عبيد بن حسان عنه.
قوله: (سليمان الشيباني) هو أبو إسحاق مشهور بكنيته أكثر من اسمه.
قوله: (رخص) فيه إشارة إلى أن النهي عن الرقى كان متقدما، وقد بينت ذلك في الباب الاول.
قوله: (من كل ذي حمة) بضم المهملة وتخفيف الميم، تقدم بيانها في " باب ذات الجنب " وأن المراد بها ذوات السموم، ووقع في رواية أبي الاحوص عن الشيباني بسنده " رخص في الرقية من الحية والعقرب.

باب رُقْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح:
قوله: (باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم) أي التي كان يرقي بها.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ ثَابِتٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ فَقَالَ أَنَسٌ أَلا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَلَى قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لا شَافِيَ إِلا أَنْتَ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَماً
الشرح:
قوله: (عبد الوارث) هو ابن سعيد، وعبد العزيز هو ابن صهيب، والاسناد بصريون.
قوله: (فقال ثابت) هو البناني (يا أبا حمزة) هي كنية أنس.
قوله: (اشتكيت) بضم التاء أي مرضت، ووقع في رواية الاسماعيلي " إني اشتكيت".
قوله: (ألا) بتخفيف اللام و " أرقيك " بفتح الهمزة.
قوله: (مذهب الباس) بغير همز للمؤاخاة فإن أصله الهمزة.
قوله: (أنت الشافي) يؤخذ منه جواز تسمية الله تعالى بما ليس في القرآن بشرطين: أحدهما أن لا يكون في ذلك ما يوهم نقصا، والثاني أن يكون له أصل في القرآن وهذا من ذاك، فإن في القرآن " وإذا مرضت فهو يشفين".
قوله: (لا شافي إلا أنت) إشارة إلى أن كل ما يقع من الدواء والتداوي إن لم يصادف تقدير الله تعالى وإلا فلا ينجع.
قوله: (شفاء) مصدر منصوب بقوله " اشف " ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ أي هو.
قوله: (لا يغادر) بالغين المعجمة أي لا يترك، وقد تقدم بيانه والحكمة فيه في أواخر كتاب المرضى، وقوله "سقما " بضم ثم سكون، وبفتحتين أيضاء.
ويؤخذ من هذا الحديث أن الاضافة في الترجمة للفاعل، وقد ورد ما يدل على أنها للمفعول، وذلك فيما أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد " أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال: نعم.
قال: بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك " وله شاهد عنده بمعناه من حديث عائشة.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبْ الْبَاسَ اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَماً قَالَ سُفْيَانُ حَدَّثْتُ بِهِ مَنْصُوراً فَحَدَّثَنِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ
الشرح:
قوله: (يحيى) هو القطان، وسفيان هو الثوري، وسليمان هو الاعمش ومسلم هو أبو الضحى مشهور بكنيته أكثر من اسمه، وجوز الكرماني أن يكون مسلم بن عمران لكونه يروي عن مسروق ويروي الاعمش عنه، وهو تجويز عقلي محض يمجه سمع المحدث، على أنني لم أر لمسلم بن عمران البطين رواية عن مسروق وإن كانت ممكنة، وهذا الحديث إنما هو من رواية الاعمش عن أبي الضحى عن مسروق، وقد أخرجه مسلم من رواية جرير عن الاعمش عن أبي الضحى عن مسروق به، ثم أخرجه من رواية هشيم ومن رواية شعبة ومن رواية يحيى القطان عن الثوري كلهم عن الاعمش قال بإسناد جرير، فوضح أن مسلما المذكور في رواية البخاري هو أبو الضحى، فإنه أخرجه من رواية يحيى القطان، وغايته أن بعض الرواة عن يحيى سماه وبعضهم كناه والله أعلم.
قوله: (كان يعوذ بعض أهله) لم أقف على تعيينه.
قوله: (يمسح بيده اليمني) أي على الوجع قال الطبري: هو على طريق التفاؤل لزوال ذلك، الوجع.
قوله: (واشفه وأنت الشافي) في رواية الكشميهني بحذف الواو، والضمير في اشفه للعليل، أو هي هاء السكت.
قوله: (لا شفاء) بالمد مبني على الفتح والخبر محذوف والتقدير لنا أو له.
قوله: (إلا شفاؤك) بالرفع على أنه بدل من موضع لا شفاء.
قوله: (قال سفيان) هو موصول بالاسناد المذكور.
قوله: (حدثت به منصورا) هو ابن المعتمر، وصار بذلك في هذا الحديث إلى مسروق طريقان، وإذا ضم الطريق الذي بعده إليه صار إلى عائشة طريقان، وإذا ضم إلى حديث أنس صار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه طريقان.
قوله: (نحوه) تقدم سياقه في أواخر كتاب المرضى مع بيان الاختلاف على الاعمش ومنصور في الواسطة بينهما وبين مسروق، ومن أفرد ومن جمع وتحرير ذلك واضحا.
الحديث:
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْقِي يَقُولُ امْسَحْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ بِيَدِكَ الشِّفَاءُ لا كَاشِفَ لَهُ إِلا أَنْتَ
الشرح:
(النضر) هو ابن شميل.
قوله: (كان يرقي) بكسر القاف، وهو بمعنى قوله في الرواية التي قبلها " كان يعوذ " ولعل هذا هو السر أيضا في إيراد طريق عروة وإن كان سياق مسروق أتم، لكن عروة صرح بكون ذلك رقية فيوافق حديث أنس في أنها رقية النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: (امسح) هو بمعنى قوله في الرواية الاخرى " أذهب " والمراد الازالة.
قوله: (بيدك الشفاء لا كاشف له) أي للمرض (إلا أنت) وهو بمعنى قوله.
" اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت".
الحديث:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا
الشرح:
قوله: (سفيان) هو ابن عيينة كما صرح به في الطريق الثانية، وقدم الاولى لتصريح سفيان بالتحديث، وصدقة شيخه في الثانية هو ابن الفضل المروزي.
الحديث:
حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الرُّقْيَةِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا وَرِيقَةُ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا
الشرح:
قوله: (عبد ربه بن سعيد) هو الانصاري أخو يحيى بن سعيد، هو ثقة، ويحيى أشهر منه وأكثر حديثا.
قوله: (كان يقول للمريض بسم الله) في رواية صدقة " كان يقول في الرقية " وفي رواية مسلم عن ابن أبي عمر عن سفيان زيادة في أوله ولفظه " كان إذا اشتكى الانسان أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه هكذا - ووضع سفيان سبابته بالارض ثم رفعها - بسم الله".
قوله: (تربة أرضنا) خبر مبتدأ محذوف أي هذه تربة، وقوله "بريقة بعضنا " يدل على أنه كان يتفل عند الرقية، قال النووي: معنى الحديث أنه أخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة ثم وضعها على التراب فعلق به شيء منه ثم مسح به الموضع العليل أو الجريح قائلا الكلام المذكور في حالة المسح، قال القرطبي: فيه دلالة على جواز الرقى من كل الالام، وأن ذلك كأن أمرا فاشيا معلوما بينهم، قال: ووضع النبي صلى الله عليه وسلم سبابته بالارض ووضعها عليه يدل على استحباب ذلك عند الرقية.
ثم قال: وزعم بعض علمائنا أن السر فيه أن تراب الارض لبرودته ويبسه يبرئ الموضع الذي به الالم ويمنع انصباب المواد إليه ليبسه مع منفعته في تجفيف الجراح واندمالها.
قال وقال في الريق: إنه يختص بالتحليل والانضاج وإبراء الجرح والورم لا سيما من الصائم الجائع، وتعقبه القرطبي أن ذلك إنما يتم إذا وقعت المعالجة على قوانينها من مراعاة مقدار التراب والريق وملازمة ذلك في أوقاته، وإلا فالنفث ووضع السبابة على الارض إنما يتعلق بها ما ليس له بال ولا أثر، وإنما هذا من باب التبرك بأسماء الله تعالى وآثار رسوله، وأما وضع الاصبع بالارض فلعله لخاصية في ذلك، أو لحكمة إخفاء آثار القدرة بمباشرة الاسباب المعتادة.
وقال البيضاوي: قد شهدت المباحث الطبية على أن للريق مدخلا في النضج وتعديل المزاج، وتراب الوطن له تأثير في حفظ المزاج ودفع الضرر، فقد ذكروا أنه ينبغي للمسافر أن يستصحب تراب أرضه إن عجز عن استصحاب مائها، حتى إذا ورد المياه المختلفة جعل شيئا منه في سقائه ليأمن مضرة ذلك.
ثم أن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها.
وقال التوربشتي: كأن المراد بالتربة الاشارة إلى قطرة آدم، والريقة الاشارة إلى النطفة، كأنه تضرع بلسان الحال أنك اخترعت الاصل من التراب ثم أبدعته مته من ماء مهين فهين عليك أن تشفي من كانت هذه نشأته.
وقال النووي: قيل المراد بأرضنا أرض المدينة خاصة لبركتها، وبعضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لشرف ريقه، فيكون ذلك مخصوصا.
وفيه نظر.
قوله: (يشفى سقيمنا) ضبط بالوجهين بضم أوله على البناء للمجهول، وسقيمنا بالرفع وبفتح أوله على أن الفاعل مقدر، وسقيمنا بالنصب على المفعولية.
(تنبيه) : أخرج أبو داود والنسائي ما يفسر به الشخص المرقى، وذلك في حديث عائشة " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على ثابت بن قيس بن شماس وهو مريض فقال: اكشف الباس، رب الناس.
ثم أخذ من بطحان فجعله في قدح، ثم نفث عليه، ثم صبه عليه".

باب النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ
الشرح:
قوله: (باب النفث) بفتح النون وسكون الفاء بعدها مثلثة (في الرقية) .
في هذه الترجمة إشارة إلى الرد على من كره النفث مطلقا - كالاسود بن يزيد أحد التابعين - تمسكا بقوله تعالى (ومن شر النفاثات في العقد) ، وعلى من كره النفث عند قراءة القرآن خاصة كإبراهيم النخعي، أخرج ذلك ابن أبي شيبة وغيره، فأما الاسود فلا حجة له في ذلك لان المذموم ما كان من نفث السحرة وأهل الباطل، ولا يلزم منه ذم النفث مطلقا، ولا سيما بعد ثبوته في الاحاديث الصحيحة، وأما النخعي فالحجة عليه ما ثبت في حديث أبي سعيد الخدري ثالث أحاديث الباب، فقد قصوا على النبي صلى الله عليه وسلم القصة وفيها أنه قرأ بفاتحة الكتاب وتفل ولم ينكر ذلك صلى الله عليه وسلم فكان ذلك حجة، وكذا الحديث الثاني فهو واضح من قوله صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم بيان النفث مرارا، أو من قال إنه لا ريق فيه وتصويب أن فيه ريقا خفيفا.
الحديث:
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الرُّؤْيَا مِنْ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ حِينَ يَسْتَيْقِظُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لا تَضُرُّهُ وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَإِنْ كُنْتُ لارَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَيَّ مِنْ الْجَبَلِ فَمَا هُوَ إِلا أَنْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فَمَا أُبَالِيهَا
الشرح:
قوله: (سليمان) هو ابن بلال، ويحيى بن سعيد هو الانصاري، والاسناد كله مدنيون.
قوله: (الرؤيا من الله) يأتي شرحه مستوفى في كتاب التعبير إن شاء الله تعالى.
وقوله "فلينفث " هو المراد من الحديث المذكور في هذه الترجمة لانه دل على جدواها.
قوله: (وقال أبو سلمة) هو موصول بالاسناد المذكور وقوله " فإن كنت " في رواية الكشميهني بدون الفاء، وقوله "أثقل علي من الجبل " أي لما كان يتوقع من شرها.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الاوَيْسِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَفَثَ فِي كَفَّيْهِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعاً ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَدِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ قَالَ يُونُسُ كُنْتُ أَرَى ابْنَ شِهَابٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ إِذَا أَتَى إِلَى فِرَاشِهِ
الشرح:
قوله: (سليمان) هو ابن بلال أيضا، ويونس هو ابن يزيد.
قوله: (إذا أوى إلى فراشه نفث في كفه بقل هو الله أحد وبالمعوذتين) أي يقرؤها وينفث حالة القراءة، وقد تقدم بيان ذلك في الوفاة النبوية.
قوله: (ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده) في رواية المفضل بن فضالة عن عقيل " ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات".
قوله: (فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به) وهذا مما تفرد به سليمان بن بلال عن يونس، وقد تقدم في الوفاة النبوية من رواية عبد الله بن المبارك عن يونس بلفظ " فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه طفقت أنفث عليه " وأخرجه مسلم من رواية ابن وهب عن يونس فلم يذكرها.
قوله: (قال يونس: كنت أرى ابن شهاب يصنع ذلك إذا أوى إلى فراشه) وقع نحو ذلك في رواية عقيل عن ابن شهاب عند عبد بن حميد، وفيه إشارة إلى الرد على من زعم أن هذه الرواية شاذة، وأن المحفوظ أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك إذا اشتكى كما في رواية مالك وغيره، فدلت هذه الزيادة على أنه كان يفعل ذلك إذا أوى إلى فراشه، وكان يفعله إذا اشتكى شيئا من جسده، فلا منافاة بين الروايتين.
وقد تقدم في فضائل القرآن قول من قال إنهما حديثان عن الزهري بسند واحد.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَهْطاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلَقُوا فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ قَدْ نَزَلُوا بِكُمْ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ فَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَيْءٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَرَاقٍ وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلا فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ فَانْطَلَقَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى لَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَانْطَلَقَ يَمْشِي مَا بِهِ قَلَبَةٌ قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ اقْسِمُوا فَقَالَ الَّذِي رَقَى لا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ أَصَبْتُمْ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ
الشرح:
حديث أبي سعيد في قصة اللديغ الذي رقاه بفاتحة الكتاب، وتقدم شرحه مستوفى في كتاب الاجارة، وتقدمت الاشارة إليه قريبا.
ووقع في هذه الرواية " فجعل يتفل ويقرأ " وقد قدمت أن النفث دون التفل، وإذا جاز التفل جاز النفث بطريق الاولى.
وفيها " ما به قلب " بفتح اللام بعدها موحدة.
أي ما به ألم يقلب لاجله على الفراش، وقيل أصله من القلاب بضم القاف وهو داء يأخذ البعير فيمسك على قلبه فيموت من يومه.

باب مَسْحِ الرَّاقِي الْوَجَعَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى
الشرح:
قوله: (باب مسح الراقي الوجع بيده اليمنى) ذكر فيه حديث عائشة في ذلك وقد تقدم شرحه قريبا، والقائل " فذكرته لمنصور " هو سفيان الثوري كما تقدم التصريح به في " باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم".

باب فِي الْمَرْأَةِ تَرْقِي الرَّجُلَ
الشرح:
قوله: (باب المرأة ترقي الرجل) ذكر فيه حديث عائشة، وفيه قولها " كان ينفث على نفسه في مرضه الذي قبض فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنا أنفث عليه " وقد تقدم قبل بباب من رواية يونس عن ابن شهاب أنه صلى الله عليه وسلم أمرها بذلك، وزاد في رواية معمر هنا كيفية ذلك فقال " ينفث على يديه، ثم يمسح بهما وجهه".

باب مَنْ لَمْ يَرْقِ
الشرح:
قوله: (باب من لم يرق) هو بفتح أوله وكسر القاف مبنيا للفاعل، وبضم أوله وفتح القاف مبنيا للمفعول.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ تميز عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خبير عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْماً فَقَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الامَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلانِ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ وَرَأَيْتُ سَوَاداً كَثِيراً سَدَّ الافُقَ فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي فَقِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ فَرَأَيْتُ سَوَاداً كَثِيراً سَدَّ الافُقَ فَقِيلَ لِي انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا فَرَأَيْتُ سَوَاداً كَثِيراً سَدَّ الافُقَ فَقِيلَ هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ وَمَعَ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفاً يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِي الشِّرْكِ وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَكِنْ هَؤُلاءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هُمْ الَّذِينَ لا يَتَطَيَّرُونَ وَلا يَسْتَرْقُونَ وَلا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا فَقَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ
الشرح:
قوله: (حصين بن نمير) بنون مصغر هو الواسطي، ما له في البخاري سوى هذا الحديث، وقد تقدم بهذا الاسناد في أحاديث الانبياء لكن باختصار، وتقدم الحديث بعينه من وجه آخر عن حصين بن عبد الرحمن في " باب من اكتوى " وذكرت من زاد في أوله قصة وأن شرحه سيأتي في كتاب الرقاق، والغرض منه هنا قوله " هم الذين لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون " فأما الطيرة فسيأتي ذكرها بعد هذا، وأما الكي فتقدم ذكرها فيه هناك، وأما الرقية فتمسك بهذا الحديث من كره الرقى والكي من بين سائر الادوية وزعم أنهما قادحان في التوكل دون غيرهما، وأجاب العلماء عن ذلك بأجوبة: أحدها قاله الطبري والمازري وطائفة أنه محمول على من جانب اعتقاد الطبائعيين في أن الادوية تنفع بطبعها كما كان أهل الجاهلية يعتقدون.
وقال غيره: الرقى التي يحمد تركها ما كان من كلام الجاهلية وما الذي لا يعقل معناه لاحتمال أن يكون كفرا، بخلاف الرقى بالذكر ونحوه.
وتعقبه عياض وغيره بأن الحديث يدل على أن للسبعين ألفا مزية على غيرهم وفضيلة انفردوا بها عمن شاركهم في أصل الفضل والديانة، ومن كان يعتقد أن الادوية تؤثر بطبعها أو يستعمل رقى الجاهلية ونحوها فليس مسلما فلم يسلم هذا الجواب.
ثانيها قال الداودي وطائفة إن المراد بالحديث الذين يجتنبون فعل ذلك في الصحة خشية وقوع الداء، وأما من يستعمل الدواء بعد وقوع الداء به فلا، وقد قدمت هذا عن ابن قتيبة وغيره في " باب من اكتوى"، وهذا اختيار ابن عبد البر، غير أنه معترض بما قدمته من ثبوت الاستعاذة قبل وقوع الداء.
ثالثها قال الحليمي: يحتمل أن يكون المراد بهؤلاء المذكورين في الحديث من غفل عن أحوال الدنيا وما فيها من الاسباب المعدة لدفع العوارض، فهم لا يعرفون الاكتواء ولا الاسترقاء، وليس لهم ملجأ فيما يعتريهم إلا الدعاء والاعتصام بالله، والرضا بقضائه، فهم غافلون عن طب الاطباء ورقى الرقاة ولا يحسنون من ذلك شيئا، والله أعلم.
رابعها أن المراد بترك الرقى والكي الاعتماد على الله في دفع الداء والرضا بقدره، لا القدح في جواز ذلك لثبوت وقوعه في الاحاديث الصحيحة وعن السلف الصالح لكن مقام الرضا والتسليم أعلى من تعاطي الاسباب، وإلى هذا نحا الخطابي ومن تبعه.
قال ابن الاثير: هذا من صفة الاولياء المعرضين عن الدنيا وأسبابها وعلائقها، وهؤلاء هم خواص الاولياء.
ولا يرد على هذا وقوع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم فعلا وأمرا، لانه كان في أعلى مقامات العرفان ودرجات التوكل فكان ذلك منه للتشريع وبيان الجواز، ومع ذلك فلا ينقص ذلك من توكله، لانه كان كامل التوكل يقينا فلا يؤثر فيه تعاطي الاسباب شيئا، بخلاف غيره ولو كان كثير التوكل، لكن من ترك الاسباب وفوض وأخلص في ذلك كان أرفع مقاما.
قال الطبري: قيل لا يستحق التوكل إلا من لم يخالط قلبه خوف من شيء البتة حتى السبع الضاري والعدو العادي، ولا من لم يسع في طلب رزق ولا في مداواة ألم، والحق أن من وثق بالله وأيقن أن قضاءه عليه ماض لم يقدح في توكله تعاطيه الاسباب اتباعا لسنته وسنة رسوله، فقد ظاهر صلى الله عليه وسلم في الحرب بين درعين، ولبس على رأسه المغفر، وأقعد الرماة على فم الشعب، وخندق حول المدينة، وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة، وهاجر هو، وتعاطى أسباب الاكل والشرب، وادخر لاهله قوتهم ولم ينتظر أن ينزل عليه من السماء، وهو كان أحق الخلق أن يحصل له ذلك.
وقال الذي سأله: أعقل ناقتي أو أدعها؟ قال: " اعقلها وتوكل " فأشار إلى أن الاحتراز لا يدفع التوكل، والله أعلم.

باب الطِّيَرَةِ
الشرح:
قوله (باب الطيرة) بكسر المهملة وفتح التحتانية وقد تسكن، هي التشاؤم بالشين، وهو مصدر تطير مثل تحير حيرة.
قال بعض أهل اللغة لم يجيء من المصادر هكذا غير هاتين، وتعقب بأنه سمع طيبة، وأورد بعضهم التولة وفيه نظر، وأصل التطير أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير فإذا خرج أحدهم لامر فإن رأى الطير طار يمنة تيمن به واستمر، وإن رآه طار يسرة تشاءم به ورجع، وربما كان أحدهم يهيج الطير ليطير فيعتمدها، فجاء الشرع بالنهي عن ذلك، وكانوا يسمونه السانح بمهملة ثم نون ثم حاء مهملة، والبارح بموحدة وآخره مهملة، بالسانح ما ولاك ميامنه بأن يمر عن يسارك إلى يمينك، والبارح بالعكس.
وكانوا يتيمنون بالسانح ويتشاءمون بالبارح، لانه لا يمكن رميه إلا بأن ينحرف إليه، وليس في شيء من سنوح الطير وبروحها ما يقتضي ما اعتقدوه، وإنما هو تكلف بتعاطي ما لا أصل له، إذ لا نطق للطير ولا تمييز فيستدل بفعله على مضمون معنى فيه، وطلب العلم من غير مظانه جهل من فاعله، وقد كان بعض عقلاء الجاهلية ينكر التطير ويتمدح بتركه، قال شاعر منهم: ولقد غدوت وكنت لا أغدو على واق وحاتم فإذا الاشائم كالايامن والايامن كالاشائم وقال آخر: الزجر والطير والكهان كلهم مضللون ودون الغيب أقفال وقال آخر: وما عاجلات الطير تدني من الفتى نجاحا، ولا عن ريثهن قصور وقال آخر: لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ولا زاجرت الطير ما الله صانع وقال آخر: تخير طيرة فيها زياد لتخبره، وما فيها خبير تعلم أنه لا طير إلا على متطير، وهو الثبور بلى شيء يوافق بعض شيء أحايينا، وباطله كثير وكان أكثرهم يتطيرون ويعتمدون على ذلك ويصح معهم غالبا لتزيين الشيطان ذلك، وبقيت من ذلك بقايا في كثير من المسلمين.
وقد أخرج ابن حبان في صحيحه من حديث أنس رفعه " لا طيرة، والطيرة على من تطير " وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم " ثلاثة لا يسلم منهن أحد: الطيرة، والظن، والحسد.
فإذا تطيرت فلا ترجع، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تحقق " وهذا مرسل أو معضل، لكن له شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه البيهقي في " الشعب " وأخرج ابن عدي بسند لين عن أبي هريرة رفعه " إذا تطيرتم فامضوا، وعلى الله فتوكلوا " وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء رفعه " لن ينال الدرجات العلا من تكهن، أو استقسم، أو رجع من سفر تطيرا " ورجاله ثقات، إلا أنني أظن أن فيه انقطاعا وله شاهد عن عمران بن حصين وأخرجه البزار في أثناء حديث بسند جيد.
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه هو وابن حبان عن ابن مسعود رفعه " الطيرة شرك، وما منا إلا تطير، ولكن الله يذهبه بالتوكل " وقوله " وما منا إلا " من كلام ابن مسعود أدرج في الخبر، وقد بينه سليمان بن حرب شيخ البخاري فيما حكاه الترمذي عن البخاري عنه، وإنما جعل ذلك شركا لاعتقادهم أن ذلك يجلب نفعا أو يدفع ضرا، فكأنهم أشركوه مع الله تعالى، وقوله "ولكن الله يذهبه بالتوكل " إشارة إلى أن من وقع له فسلم لله ولم يعبأ بالطيرة أنه لا يؤاخذ بما عرض له من ذلك.
وأخرج البيهقي في " الشعب " من حديث عبد الله بن عمرو موقوفا " من عرض له من هذه الطيرة شيء فليقل: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك".
الحديث:
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَالشُّؤْمُ فِي ثَلاثٍ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ
الشرح:
قوله: (لا عدوى، ولا طيرة، والشؤم في ثلاث) قد تقدم شرح هذا الحديث وبيان اختلاف الرواة في سياقه في كتاب الجهاد، والتطير والتشاؤم بمعني واحد، فنفى أولا بطريق العموم كما نفى العدوى، ثم اثبت الشؤم في الثلاثة المذكورة، وقد ذكرت ما قيل في ذلك هناك.
وقد وقع في حديث سعد بن أبي وقاص عند أبي داود بلفظ " وإن كانت الطيرة في شيء " الحديث.
الحديث:
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ
الشرح:
قوله (لا طيرة، وخيرها الفأل) يأتي شرحه في الباب الذي بعده، وكأنه أشار بذلك إلى أن النفي في الطيرة على ظاهره لكن في الشر، ويستثنى من ذلك ما يقع فيه من الخير كما سأذكره.

باب الْفَأْلِ
الشرح:
قوله: (باب الفأل) بفاء ثم همزة وقد تسهل، والجمع فئول بالهمزة جزما.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ قَالَ وَمَا الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ
الشرح:
قوله: (عن عبيد الله بن عبد الله) أي ابن عتبة بن مسعود، وقد صرح في رواية شعيب التي قبل هذه فيه بالاخبار.
قوله: (قال وما الفأل) ؟ كذا للاكثر بالافراد، وللكشميهني " قالوا " كرواية شعيب.
قوله: (الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم) وقال في حديث أنس ثاني حديثي الباب " ويعجبني الفأل الصالح، الكلمة الحسنة".
وفي حديث عروة بن عامر الذي أخرجه أبو داود قال " ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خيرها الفأل، ولا ترد مسلما، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله " وقوله " وخيرها الفأل " قال الكرماني تبعا لغيره: هذه الاضافة تشعر بأن الفأل من جملة الطيرة، وليس كذلك بل هي إضافة توضيح، ثم قال: وأيضا فإن من جملة الطيرة كما تقدم تقريره التيامن، فبين بهذا الحديث أنه ليس كل التيامن مردودا كالتشاؤم، بل بعض التيامن مقبول.
قلت: وفي جواب الاول دفع في صدر السؤال، وفي الثاني تسليم السؤال ودعوى التخصيص وهو أقرب وقد أخرج ابن ماجه بسند حسن عن أبي هريرة رفعه " كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة " وأخرج الترمذي من حديث حابس التميمي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " العين حق، وأصدق الطيرة الفأل " ففي هذا التصريح أن الفأل من جملة الطيرة لكنه مستثنى.
وقال الطيبي: الضمير المؤنث في قوله " وخيرها " راجع إلى الطيرة، وقد علم أن الطيرة كلها لا خير فيها، فهو كقوله تعالى (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا) وهو مبني على زعمهم، وهو من إرخاء العنان في المخادعة بأن يجري الكلام على زعم الخصم حتى لا يشمئز عن التفكر فيه، فإذا تفكر فأنصف من نفسه قبل الحق، فقوله " خيرها الفأل " إطماع للسامع في الاستماع والقبول، لا أن في الطيرة خيرا حقيقة، أو هو من نحو قولهم " الصيف أحر من الشتاء " أي الفأل في بابه أبلغ من الطيرة في بابها.
والحاصل أن أفعل التفضيل في ذلك إنما هو بين القدر المشترك بين الشيئين، والقدر المشترك بين الطيرة والفأل تأثير كل منهما فيما هو فيه، والفأل في ذلك أبلغ.
قال الخطابي: وإنما كان ذلك لان مصدر الفأل عن نطق وبيان، فكأنه خبر جاء عن غيب، بخلاف غيره فإنه مستند إلى حركة الطائر أو نطقه وليس فيه بيان أصلا، وإنما هو تكلف ممن يتعاطاه.
وقد أخرج الطبري عن عكرمة قال: كنت عند ابن عباس فمر طائر فصاح، فقال رجل: خير خير، فقال ابن عباس: ما عند هذا لا خير ولا شر.
وقال أيضا الفرق بين الفأل والطيرة أن الفأل من طريق حسن الظن بالله، والطيرة لا تكون إلا في السوء فلذلك كرهت.
وقال النووي: الفأل يستعمل فيما يسوء وفيما يسر، وأكثره في السرور.
والطيرة لا تكون إلا في الشؤم، وقد تستعمل مجازا في السرور ا ه.
وكأن ذلك بحسب الواقع، وأما الشرع فخص الطيرة بما يسوء والفأل بما يسر، ومن شرطه أن لا يقصد إليه فيصير من الطيرة.
قال ابن بطال: جعل الله في فطر الناس محبة الكلمة الطيبة والانس بها كما جعل فيهم الارتياح بالمنظر الانيق والماء الصافي وإن كان لا يملكه ولا يشربه.
وأخرج الترمذي وصححه من حديث أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج لحاجته يعجبه أن يسمع: يا نجيح يا راشد " وأخرج أبو داود بسند حسن عن بريدة " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث عاملا يسأل عن اسمه، فإذا أعجبه فرح به، وإن كره اسمه رؤي كراهة ذلك في وجهه " وذكر البيهقي في " الشعب " عن الحليمي ما ملخصه: كان التطير في الجاهلية في العرب إزعاج الطير عند إرادة الخروج للحاجة، فذكر نحو ما تقدم ثم قال.
وهكذا كانوا يتطيرون بصوت الغراب وبمرور الظباء فسموا الكل تطيرا، لان أصله الاول.
وقال.
وكان التشاؤم في العجم إذا رأى الصبي ذاهبا إلى المعلم تشاءم أو راجعا تيمن، وكذا إذا رأى الجمل موقرا حملا تشاؤم فإن رآه واضعا حمله تيمن، ونحو ذلك، فجاء الشرع برفع ذلك كله.
وقال "من تكهن أورده عن سفر تطير فليس منا " ونحو ذلك من الاحاديث.
وذلك إذا اعتقد أن الذي يشاهده من حال الطير موجبا ما ظنه ولم يضف التدبير إلى الله تعالى، فأما إن علم أن الله هو المدبر ولكنه اشفق من الشر لان التجارب قضت بأن صوتا من أصواتها معلوما أو حالا من أحوالها معلومة يردفها مكروه فإن وطن نفسه على ذلك أساء، وإن سأل الله الخير واستعاذ به من الشر ومضى متوكلا لم يضره ما وجد في نفسه من ذلك، وإلا فيؤاخذ به، وربما وقع به ذلك المكروه بعينه الذي اعتقده عقوبة له كما كان يقع كثيرا لاهل الجاهلية.
والله أعلم.
قال الحليمي: وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل لان التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال.
وقال الطيبي: معنى الترخص في الفأل والمنع من الطيرة هو أن الشخص لو رأى شيئا فظنه حسنا محرضا على طلب حاجته فليفعل ذلك.
وإن رآه بضد ذلك فلا يقبله بل يمضي لسبيله.
فلو قبل وانتهى عن المضي فهو الطيرة التي اختصت بأن تستعمل في الشؤم.
والله أعلم.

باب لا هَامَةَ
الشرح:
قوله (باب لا هامة) كذا للجميع، وذكر فيه حديث أبي هريرة " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر " ثم ترجم بعد سبعة أبواب " باب لا هامة " وذكر فيه الحديث المذكور مطولا وليس فيه " ولا طيرة " وهذا من توارد ما اتفق له أن يترجم للحديث في موضعين بلفظ واحد، وسأذكر شرح الهامة في الموضع الثاني إن شاء الله تعالى، ثم ظهر لي أنه أشار بتكرار هذه الترجمة إلى الخلاف في تفسير الهامة كما سيأتي بيانه.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك




hg'f hgkf,d hg[.x hgohls






آخر تعديل السفاح يوم 12-02-2010 في 02:54 PM.
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2010   #2
Pin : 2BC5F4E6



الصورة الرمزية خلدون
خلدون غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 01-29-2015 (01:02 PM)
 المشاركات : 2,212 [ + ]
 التقييم :  35
 الدولهـ
Canada
 الجنس ~
Male
 SMS ~
K
لوني المفضل : Lightcoral
افتراضي رد: الطب النبوي الجزء الخامس



موضوع في قمة الخيااال طرحت فابدعت
دمت ودام عطائك ودائما بأنتظار جديدك
الشيق
لك خالص حبي وأشواقي سلمت
اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب
التحايا لك
خالص احترامي


 


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فليم هاري بوتر الجزء الخامس خلدون أرشيف همس الأطلال . Archived whispered ruins. 1 06-03-2011 03:15 PM
الطب النبوي الجزء الثاني السفاح أرشيف همس الأطلال . Archived whispered ruins. 2 05-23-2011 10:10 PM
الطب النبوي الجزء الرابع من كتاب زاد المعاد السفاح الأطلال الطبية العامة . 3 12-29-2010 08:49 PM
الطب النبوي الجزء الثالث من كتاب زاد المعاد للإمام السفاح الأطلال الطبية العامة . 1 12-27-2010 02:46 AM
الطب النبوي الجزء الثالث السفاح الأطلال الطبية العامة . 1 11-24-2010 07:07 AM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
Add Ur Link
منتديات همس الأطلال دليل مواقع شبكة ومنتديات همس الأطلال مركز تحميل همس الأطلال . إسلاميات
ألعاب همس الأطلال ضع إعلانك هنا . ضع إعلانك هنا . ضع إعلانك هنا .

flagcounter


الساعة الآن 07:03 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
.:: تركيب وتطوير مؤسسة نظام العرب المحدودة ::.
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظة لـشبكة ومنتديات همس الأطلال