لُمي شتاتي
مذ عرفتك خيالاً ، وسمعتك همساً ، وتحدثتِ إلي وحياً ، انطلقت الروح من بين جوانحي وخرجت إلى رحبة الفضاء الواسع ، هائمة ، عائمة ، حالمة ، تخفق بجناحيها في أرجاء الفضاء بحثاً عن روحكِ التي ألقت إليها بوحيكِ ، وتحدثتِ إليها بهمسكِ ، وظلت مجدة في بحثها ، هائمة على وجهها في ذلك الخضم الغامض ، والأفق الواسع ، حتى التقتها تغرد على أغصان الأمل وتصدح بألحان الغرام والعشق ، وتردد كلمات الحب الشجية ، مخضبة بألوان الحزن والأسى .
فخفقت بجناحيها ورفرفت ورفرفت ، تريد أن تحط مع روحك على غصنها وتحاكي ألحانها وتردد أصداءها ، إلا أن ذلك لم يتحقق لها عندما انكسر جناحاها وهي على مقربة من غصنكِ ، فانزلقت وهوت إلى قاع الهيام والحرمان والفضاء السحيق ، وظلت تهوي فيه وتتشبث بكل غصن وبكل ما تجد ، فتناوبتها الأشواك والأشجار والجذوع ، فتمزقت وتاهت ، وتبعثرت أنفساً تهيم في الأرجاء وصارت شتاتاً تبحث عن الالتقاء ، وعطشى تبحث عن الارتواء ، ومنخنقة تبحث عن الهواء ، وسقيمة تبحث عن الدواء ، وأرضية تحلم بالعودة إلى السماء ، لتعيش في مملكتها العتيدة في عنان السماء .
فلما لم تستطع الصعود إلى روحك على غصنها ولم يجبر كسر جناحيها أخذت تسير في طريق الشتات ، والإعياء حتى وجدت الطرق أمامها كثيرة متشعبة ، ومريبة ، وموحشة ، وغامضة ، فأخذ منها الإعياء جهداً وألبستها الحيرة معطف الخوف وخيبة الأمل ، فصارت تبحث عن أقرب ملاذ لتأوي إليه علها تشعر بالأمان ريثما تواصل البحث عنكِ من جديد بعدما كنتِ ماثلة أمامها وكنتِ مقصدها ومناها وغايتها ، وملجأها الذي طالما تمنته وتاقت إليه .
ولما ترائيتي لها من جديد انبعثت فيها الروح السابقة وبرأت خلاياها الميتة ، فعادت تشق الدروب إليكِ لتلمي شتاتها وتجمعي حطامها وأجزاءها المبعثرة ، وتقرئي كلماتها الحائرة ، وترتبي حروفها المتناثرة .
إنها تناديكِ من جديد وتهفو إليك فلمي شتاتها فقد أخذ منها الإعيا ، وأهلكتها الأدواء .
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
gld ajhjd