ولد رحمه الله بمكة المكرمة سنة 1345 للهجرة النبوية الشريفة ، ونشأ نشأة صالحة ، وفقد بصره وهو فى سن الطفولة إثراصابته بالجدرى ، و تلقى تعليمه الأولى بكتاتيب مكة شرفها الله ، وحفظ القرآن الكريم على يد شيخ قراء بلد الله الحرام آنذاك المقرئ الشيخ أحمد حجازي رحمه الله إسماعا ، ونال منه إجازة تلاوة القرآن الكريم وتدريسه ، وقرأ أيضاً على شيخ القراء الشيخ جعفر جميل بمكة شرفها الله . فنبغ فى الحفظ ، وأتقن فى التجويد ، وبرع فى الأداء ، وأبدع فى التنغيم ، وأجاد فى التحبير ، وفاق أقرانه فى حسن الصوت ، حتى أصبح أحد القراء المكيين الذين يشار إليهم بالبنان ، وقد عمل مدرسا فى فنون القراءات واصول علم التجويد بمدرسة تحفيظ القران الكريم الحكومية التابعة لوزارة المعارف بمكة المكرمة سنة 1382هـ كما عمل معلما فى جماعة تحفيظ القران الكريم بالمسجد الحرام عام 1385هـــ . وكان له حضور قوى فى المحافل العامة والخاصة بمكة شرفها الله وفى المؤتمرات الرسمية ، وكان يذاع له فى الاذاعة العامة وفى صوت نداء الاسلام على مدار العام حلقات من قراءته الشجية ، فكان يقرأ تارة بالنغم الحسينى، وتارة بنغم الحراب ، وتارة بالنغم الحجازى وغيرها من الآنغام والألحان ، وهي أنغام معروفة عند أهل هذا الفن بالحرمين الشريفين .
وكان الشيخ زكى رحمه الله رجلا فاضلا عاقلا، جليلا ، له وقار وتقدير، واحترام ، وقد جلست فى حلقاته فى سنى الطفولة ، كما حضرت بعضا من المجالس الخاصة التى كان له فيها حضور برفقة والدى رحمهم الله جميعا وأحسن مثواهم، وتأثرت بقراءته ، وطريقته وترتيلاته , وقد أخذ عنه الكثيـــر من القراء المعاصرين الذين يعشقون هذا النمط الأصيل من القراءة . وقد عاش رحمه الله حياته المليئة بالعطاء بقراءة كتاب الله عزوجل ترتيلا وتعليما وتجويدا بأحسن الأنغام التى تعد من مزامير آل داود التى أثنى على مثلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رواه الامام مسلم فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم بات يستمع لسيدنا أبي موسى الأشعرى رضى الله عنه وهو يقرأ بالليل ، فأعجبته قراءته رضى الله عنه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اصبح : لَوْ رَأَيْتَنِى وَأَنَا أسمع قِرَاءَتَكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ ، فَقَالَ رضى الله عنه : لَوْ عَلِمْتُ لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا . أي لوعلمت يا رسول الله أنك تستمع إلى قراءتى، لحبرتها لك تحبيرا أي بالاجادة والتنغيم.
وحسن الصوت وحسن الاداء وحسن التنغيم عطية من الله عزوجل يخص بها من شاء من خلقه، وكان الشيخ زكى واحدا من اولئك المحظوظين بهذه النعمة الجليلة ، وله تسجيلات كاملة للقرءان الكريم بقراءة الحدر والتدوير والترتيل ، وقد عانى رحمه الله من بعض الأمراض المزمنة فى أواخر حياته فانقطع بسببها عن الناس لأكثر من خمس عشرة سنة تقريبا ولم يعد يستطيع مواصلة عطاءاته فى ترتيل القران الكريم حتى توفى الى رحمة الله تعالى فى يوم الجمعه الموافق للحادى والعشرين من شهر جمادى الاولى سنة 1425هـ بمكة المكرمة عن عمر ناهز فيه الثمانين عاماً ، فجهز وصلى عليه فى المسجد الحرام عقب صلاة المغرب ودفن بمقابر الحجون بالمعلاه وشيعه كثير من المصلين والمحبين له .
وكان من أقرانه من الحفاظ ومن مشاهير القراء بأم القرى المرحوم الشيخ عباس مقادمي ، والمرحوم الشيخ جميل آشي ، والمرحوم الشيخ محمود آشى، والمرحوم الشيخ سراج قاروت . والمرحوم الشيخ زينى بويان ، والمرحوم الشيخ محمد الكحليى وغيرهم كثيرون رحمهم الله جميعا، وكذلك السيد عبد القادر عطية أطال الله فى عمره .
ومما تجدر الاشارة اليه والتنويه عنه ، والاشادة به ما تفضل به الأديب البارع معالى الدكتور عبد العزيز بن محى الدين خوجه وزيرالثقافة والاعلام حفظه الله ووفقه مشكورا أن أنشأ قناة مباركة باسم قناة القرآن الكريم خصصها لتعنى بهؤلاء الرموز المكية من القراء الذين كادت آثارهم أن تندثر ، وأصواتهم ومجهوداتهم أن تضمحل، فجعل لهؤلاء القراء المكيين فى الناس ذكرا ، وبث تلاواتهم وقراءاتهم المباركة على مدار الساعة ليكون لهم أجرا . وبالتالى لينشأ أناس من القراء ينهجون مناهجهم ، ويقتبسون تلاواتهم وألحانهم، فلا يندثر هذا التراث الخالد فى التلاوات من أمثال الشيخ سجاد مصطفى الذى أوتى بفضل الله تعالى تمكينا فى تلاوة كتاب الله عزوجل بألحان رصينة من النغم الحسينى ، وقدرة فى الأداء المميز ، وكذلك الشيخ نبيل الرفاعى زادهم الله وزاد بهم ...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
hgado : lpl] .;d ]hysjhkd >