أطلال إيمانية عامة يختص بجميع المواضيع الإسلامية العامة All regard to general Islamic topics |
الإهداءات |
#1
| |||||||||
| |||||||||
أجوبة الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمه الله تعالى - على مسائل البيعة والإمامة وبه نستعين أجوبة الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمه الله تعالى - على مسائل البيعة والإمامة قال الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى - : (وهذا أيضا من عقيدة أهل السنة والجماعة، أنهم لا يحملون السلاح على أمة محمد - عليه الصلاة والسلام - ، بل هذا شأن الخوارج وكذلك لا ينزعون يدا من طاعة، بل يطيعون ولاة الأمور ويدعون لهم بالتوفيق والهداية والصلاح، ولا يخرجوا عليهم ولا ينزعون يدا من طاعتهم ما لم يأمروا بمعصية الله فإذا أمروا بمعصية الله فلا يطاعون في المعصية ((إنما الطاعة بالمعروف)) [رواه البخاري (4340) ومسلم (1840)]. ولهذا قال عز وجل: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء 59] يعني في المعروف. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصِ الأمير فقد عصاني)). [رواه البخاري (2957) ومسلم (1835)]. وهو مخرج في الصحيحين. وقال - صلى الله عليه وسلم - : ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية الله فإذا أُمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة)). [رواه البخاري (7144) ومسلم (1839)]. فعلى المؤمن أن يعرف ما درج عليه السلف الصالح وأن يستقيم على ذلك، وأن يدعو لولاة الأمور بالتوفيق والهداية وأن يناصحهم وأن يُبين لهم الخير ويحذرهم الشر وأن يدعوهم إلى كل ما فيه طاعة الله ورسوله وأن يحذرهم من كل ما فيه معصية الله ورسوله، وأن يكون عونا لولاة الأمور في الخير، وعونا لهم على ترك الشر، سواء كان السلطان نفسه أو كان مع أمير البلد أو أمير القرية وشيخ القبيلة ونحو ذلك فإن السلطان يتنوع، فالسلطان الأعظم هو أمير المؤمنين ورئيس الدولة ثم يجيء بعد ذلك الأمراء والرؤساء للمدن والقرى وشيوخ القبائل كل واحد له سلطان، فالمساعدة على الخير والمعاونة على طاعة الله ورسوله والمساعدة على ترك ما نهى الله عنه ورسوله سواء كانت ولايتهم كبيرة أو صغيرة، لما في هذا من اجتماع الكلمة والتعاون على البر والتقوى وتقليل الشر وتكثير الخير. ولو كان كافرا يطاع في الخير ولا يطاع في الشر، لو بلي الناس بأمير كافر ولم يستطيعوا بالطرق الشرعية أن يعيِّنوا غيره أطاعوه في الخير لا الشر. ويجوز الخروج عليه إذا كانت عندهم قدرة يترتب عليها زواله من دون ضرر أكبر، أما إذا كان يخشى من ضرر أكبر فلا يصبرون حتى يأتي الله بالفرج. وإذا أتى بالكفر الصريح يُنصح ويُبيّن له الحق ويُحذر من الكفر والشرك ويُبيّن له أن هذا يزيل ولايته ويجوز الخروج عليه لعله ينتهي فإن هداه الله وسلم فالحمد لله، وإلا نظروا، إن كان عندهم قدرة يعزلونه ويعيِّنون غيره فعلوه، وإلا صبروا حتى يأتي الله بالفرج. فلا يتعرضوا لسفك الدماء بغير طائل، الفرقة أعظم يصبرون على الجماعة ويجتهدون بالصدع، فاجتماعهم على الحق وفي سبيل الدعوة إلى الحق - ولو كان أميرهم يدعو إلى الكفر - خير لهم من أن يتصدعوا على الانتشار والذبح وسفك الدماء وضياع الحق بينهم. فقاعدة الشريعة تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها فلا بد من مراعاة المصالح والنظر إلى المصالح والمفاسد. فإذا كان القيام عليه لا يكون إلا بفساد وقتل المسلمين وإضاعة الحق أكثر لم يجز الخروج، حتى يوجد ما يعين على إزالة الشر وتقليله وتكثير الخير ويكون بتنصيب أهل الحق مثل ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان)). فأباح لهم الخروج إباحة، وليس المعنى قوموا؛ وإنما معناه الإباحة إباحة الخروج حتى يزيلوا الباطل، حسب المقام ). أهـ. [التعليقات البازية على شرح الطحاوية (2/898-900) ط دار ابن الأثير] ------------------- السؤال: سماحة الشيخ : هناك من يرى أّنّ اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم، ومحاولة التغيير وإن ترتّب عليه ضرر للمسلمين في البلد، والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإسلامي كثيرة، فما رأي سماحتكم؟ الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على رسول الله وآله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فقد قال الله - عزّ وجلّ - : {يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً}. [النساء: 59] . فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر، وهم الأمراء والعلماء وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبين أن هذه الطاعة لازمة، وهي فريضة في المعروف. والنصوص من السنة تبين المعنى ، وتُقيد إطلاق الآية بأن المراد: طاعتهم بالمعروف، ويجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي، فإذا أمروا بمعصية فلا يُطاعون في المعصية لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ((ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا يَنْزِعن يداً من طاعة)). [أخرجه مسلم (1855)] . ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : ((من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات؛ مات ميتة جاهلية)). [أخرجه مسلم (1848)]. وقال - صلى الله عليه وسلم - : ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يُؤمر في معصية، فإن أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)). [أخرجه البخاري (7144) ومسلم (1839)]. وسأله الصحابة - رضي الله عنه - لَمّا ذكر أنه يكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون. قالوا: فما تأمرنا؟ قال: ((أدّوا إليهم حقهم ، وسلوا الله حقكم)). [أخرجه البخاري (3603) ومسلم (1843)]. قال عبادة بن الصامت: ((بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في منشطنا، ومكرهنا، وعسرنا، ويسرنا، وأثرة علينا، وألّا ننازع الأمر أهله. قال: إلا أن تروا كفرا بواحاً عندكم من الله فيه برهان)). [أخرجه مسلم (1709)]. فهذا يدل على أنه لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فساداً كبيراً وشراً عظيماً، فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمور فساد عظيم وشر كثير، إلا إذا رأى المسلمون كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة، أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا، أو كان الخروج يسبب شرًّا أكثر فليس لهم الخروج رعاية للمصالح العامة. والقاعدة الشرعية المُجمع عليها: (أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشرّ منه، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يُخفّفه). أما درء الشر بشرٍّ أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفراً بواحاً عندها قدرة تزيله بها، وتضع إماماً صالحاً طيباً من دون أن يترتّب على هذا فساد كبير على المسلمين، وشرٌّ أعظم من شرِّ هذا السلطان فلا بأس. أما إذا كان الخروج يترتّب عليه فساد كبير، واختلال الأمن، وظلم الناس واغتيال من لا يستحق الاغتيال... إلى غير هذا من الفساد العظيم فهذا لا يجوز، بل يجب الصبر، والسمع والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة الأمور، والدعوة لهم بالخير، والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير. هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يُسلك؛ لأنّ في ذلك مصالح للمسلمين عامة ولأنّ في ذلك تقليل للشر وتكثير للخير، ولأنّ في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شرٍّ أكثر، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. [مجموع الفتاوى (8/204)] ------------------------------ السؤال: سماحة الوالد: نعلم أنّ هذا الكلام أصل من أصول أهل السنة والجماعة ولكن هناك - للأسف - من أبناء أهل السنة والجماعة من برى هذا فكراً انهزامياً، وفيه شيء من التخاذل، وقد قيل هذا الكلام لذلك يدعون الشباب إلى تبنّي العنف في التغيير؟ الجواب: هذا غلط من قائله، وقلة فهم؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي وإنما تحملهم الحماسة والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق، حملهم ذلك على أن يقعوا في الباطل حتى كفّروا المسلمين بالمعاصي كما فعلت الخوارج، أو خَلّدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة. فالخوارج كفّروا بالمعاصي، وخَلّدوا العصاة في النار والمعتزلة وافقوهم في العاقبة، وأنّهم في النار مُخَلّدون فيها ولكن قالوا: إنّهم في الدنيا بمَنْزلة بين المنزلتين، وكلّه ضلال. والذي عليه أهل السنة - وهو الحق - : أنّ العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحِلِّها، فإذا زنى لا يكفر وإذا سرق لا يكفر، وإذا شرب الخمر لا يكفر، ولكن يكون عاصياً ضعيف الإيمان، فاسقاً تُقام عليه الحدود، ولا يكفر بذلك إلّا إذا استحلّ المعصية وقال: إنها حلال، وما قاله الخوارج في هذا باطل، وتكفيرهم للناس باطل. لهذا قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((إنّهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثمّ لا يعودون إليه، يقاتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان)). [أخرجه البخاري (7432) ومسلم (1064)]. هذه حال الخوارج بسبب غلوّهم وجهلهم وضلالهم فلا يليق بالشباب ولا غير السباب أن يقلّدوا الخوارج والمعتزلة بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلّة الشرعية، فيقفوا مع النصوص كما جاءت، وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاصٍ وقعت منه، وبالجدال بالتي هي أحسن، حتّى ينجحوا، وحتّى يقل الشر أو يزول، ويكثر الخير. هكذا جاءت النصوص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله عزّ وجلّ يقول: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك} [آل عمران: 159]. فالواجب على الغيورين لله، وعلى دعاة الهدى: أن يلتزموا حدود الشرع، وأن يناصحوا من ولّاهم الله الأمور بالكلام الطيّب، والحكمة، والأسلوب الحسن، حتى يكثر الخير ويقلّ الشر وحتّى يكثر الدعاة إلى الله، وحتى ينشطوا في دعوتهم بالتي هي أحسن لا بالعنف والشدّة، ويناصحوا من ولّاه الله الأمر بشتّى الطرق الطيبة السليمة مع الدعاء لهم بظهر الغيب أن يهديهم ويوفقهم وعينهم على الخير وأن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلونها وعلى إقامة الحق. هكذا يدعو المؤمن اللهَ ويضرع إليه : أن يهدي اللهُ ولاة الأمور، وأن يعينهم على ترك الباطل وعلى إقامة الحق بالأسلوب الحسن وبالتي هي أحسن وهكذا مع إخوانه الغيورين ينصحهم ويعظهم ويذكّرهم حتّى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدّة وبهذا يكثر الخير ويقلّ الشر، ويهدي اللهُ ولاة الأمور للخير والاستقامة عليه وتكون العاقبة حميدة للجميع. [مجموع الفتاوى (8/204-206)] -------------------------------------- السؤال: لو افترضنا أنّ هناك خروجاً شرعيّاً، لدى جماعة من الجماعات هل هذا يبرّر قتل أعوان هذا الحاكم، وكل من يعمل في حكومته مثل الشرطة والأمن وغيرهم؟ الجواب: سبق أن أخبرتك أنه لا يجوز الخروج على السلطان إلا بشرطين: أحدهما: وجود كفر بواح عندهم من الله فيه برهان. والشرط الثاني: القدرة على إزالة الحاكم إزالةً لا يترتّب عليها شرٌّ أكبر منه. وبدون ذلك لا يجوز. [مجموع الفتاوى (8/206)] -------------------------------- السؤال: بعض الإخوة - هداهم الله - لا يرى وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد ما نصيحتكم يا سماحة الوالد؟ الجواب: ننصح الجميع بوجوب السمع والطاعة كما تقدم والحذر من شقّ العصا والخروج على ولاة الأمور بل هذا من المنكرات العظيمة، بل هذا دين الخوارج فدين الخوارج والمعتزلة الخروج على ولاة الأمور، وعدم السمع والطاعة لهم إذا وُجدت معصية، وهذا غلط، خلاف ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالسمع والطاعة بالمعروف، وقال: ((من رأى من أميره شيئاً من معصية الله؛ فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعنَّ يداً من طاعة)). [أخرجه مسلم (1855)]. وقال: ((من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يَشُقّ عصاكم ويفرّق جماعتكم؛ فاقتلوه)). [أخرجه مسلم (1852)]. ولا يجوز لأحد أن يَشُقّ العصا أو يخرج عن بيعة ولاة الأمور أو يدعو إلى ذلك؛ لأنّ هذا من أعظم المنكرات ومن أعظم أسباب الفتنة والشحناء، والذي يدعو إلى هذا هو دين الخوارج وصاحبه يَستحقّ أن يُقتل؛ لأنّه يفرّق الجماعة ويَشُقّ العصا والواجب الحذر من هذا غاية الحذر، والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا من يدعوا إلى هذا أن يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع فتنة بين المسلمين. [الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية (ص71)] --------------------------- السؤال: يرى البعض أنّ الفساد وصل في الأمّة لدرجة لا يُمكن تغييره إلّا بالقوة وتهييج الناس على الحكام وإبراز معايبهم؛ ليُنَفّروا عنهم وللأسف فإنّ هؤلاء لا يتورّعون عن دعوة الناس لهذا المنهج والحثّ عليه، ماذا يقول سماحتكم؟ الجواب: هذا مذهب لا تُقرّه الشريعة؛ لِما فيه من مخالفة للنصوص الآمرة بالسمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف، ولِما فيه من الفساد العظيم والفوضى، والإخلال بالأمن. والواجب عند ظهور المنكرات؛ إنكارها بالأسلوب الشرعي وبيان الأدلة الشرعية من غير عنف، ولا إنكار باليد إلّا لمن تُخَوِّلُهُ الدولة ذلك؛ حرصاً على استتباب الأمن وعدم الفوضى وقد دلّت الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك. ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - : ((من رأى من أميره شيئاً من معصية الله؛ فليكره ما يأتي من معصية الله ولا يَنْزَعَنَّ يداً من طاعة)). [أخرجه مسلم (1855)]. وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره في المنشط والمكره ما لم يُؤمر بمعصية الله)). [ أخرجه البخاري (7144) ومسلم (1839)]. وقد بايع الصحابة - رضي الله عنهم - النبي - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر وعلى ألّا ينزعوا يداً من طاعة، إلّا أن يروا كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. والمشروع في مثل هذه الحالة مناصحة ولاة الأمور والتعاون معهم على البرّ والتقوى، والدعاء لهم بالتوفيق والإعانة على الخير حتى يَقلّ الشر، ويكثر الخير. نسأل اللهَ أن يصلح جميع ولاة أمر المسلمين وأن يمنحهم البطانة الصالحة، وأن يُكثِّر أعوانهم في الخير وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباده، إنّه جواد كريم. [مجموع الفتاوى (8/213-214)] ---------------------------------- السؤال: هناك من يرى - حفظك الله - أنّ له الحق في الخروج على الأنظمة العامة التي يضعها ولي الأمر كالمرور والجمارك والجوازات... الخ باعتبار أنّها ليست على أساس شرعي، فما قولكم - حفظكم الله - ؟ الجواب: هذا باطل ومنكر، وقد تقدّم أنّه لا يجوز الخروج ولا التغيير باليد بل يجب السمع والطاعة في هذه الأمور التي ليس فيها منكر بل نظمها ولي الأمر لمصالح المسلمين، فيجب الخضوع لذلك وأمّا الشيء الذي هو منكر، كالضريبة التي يرى ولي الأمر أنّها جائزة فهذه يراجع فيها ولي الأمر؛ للنصيحة والدعوة إلى الله، وبالتوجيه إلى الخير لا بيده يضرب هذا أو يسفك دم هذا أو يعاقب هذا بدون حجّة ولا برهان بل لابدّ أن يكون عنده سلطان من ولي الأمر يتصرف به حسب الأوامر التي لديه وإلا فحسبه النصيحة والتوجيه، إلا فيمن هو تحت يده من أولاد وزوجات ونحو ذلك ممّن له السلطة عليهم. [مجموع الفتاوى (8/208)] ------------------------------------ السؤال: هل من مُقتضى البيعة - حفظك الله - الدعاء لولي الأمر؟ الجواب: من مُقتضى البيعة النصح لولي الأمر، ومن النصح له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة؛ لأنّ من أسباب صلاح الوالي ومن أسباب توفيق الله له أن يكون له وزير صدق يعينه على الخير ويُذكِّره إذا نسي، ويعينه إذا ذكر، هذه من أسباب توفيق الله. فالواجب على الرعية وعلى أعيان الرعية : التعاون مع ولي الأمر في الإصلاح، وإماتة الشرِّ والقضاء عليه وإقامة الخير بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والتوجيهات السديدة التي يُرجى من ورائها الخير دون الشر، وكلّ عمل يترتّب عليه شرٌّ أكثر من المصلحة لا يجوز؛ لأنّ المقصود من الولايات كلّها : تحقيق المصالح الشرعية، ودرء المفاسد، فأي عمل يعمله الإنسان يريد به الخير، ويترتّب عليه ما هو أشرّ ممّا أراد إزالته وما هو منكر لا يجوز له. وقد أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - هذا المعنى إيضاحاً كاملاً في كتاب (الحسبة) فليراجع لعِظَم الفائدة. [مجموع الفتاوى (8/209)] -------------------------------- السؤال: ومن يمتنع عن الدعاء لولي الأمر - حفظك الله - ؟ الجواب: هذا من جهله وعدم بصيرته؛ لأنّ الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات ومن أعظم الطاعات، ومن النصيحة لله ولعباده والنبي - صلّى الله عليه وسلم - لمّا قيل له: إنّ دوساً عصت وهم كفار. قال: ((اللهم اهدِ دوساً وائتِ بهم)). [أخرجه البخاري (2937) ومسلم (2524)]. فهداهم الله وأتوه مسلمين. فالمؤمن يدعو للناس بالخير، والسلطان أولى أن يُدعى له لأنّ صلاحه صلاح للأمّة، فالدعاء له من أهمّ الدعاء ومن أهمّ النصح : أن يُوفّق للحق وأن يُعان عليه، وأن يُصلح الله له البطانة وأن يكفيه الله شرَّ نفسه، وشرَّ جلساء السوء، فالدعاء له بالتوفيق والهداية وبصلاح القلب والعمل، وصلاح البطانة من أهمّ المهمّات، ومن أفضل القربات. وقد روي عن الإمام أحمد - رحمه الله - أنّه قال: (لو أعلم أنّ لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان). ويُروى ذلك عن الفضيل بن عياض - رحمه الله - . [مجموع الفتاوى (8/210)] --------------------------------- السؤال: هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر؟ وما منهج السلف في نصح الولاة؟ الجواب: ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكرُ ذلك على المنابر لأنّ ذلك يًفضي إلى الفوضى، وعدم السمع والطاعة في المعروف ويُفضي إلى الخوض الذي يضرُّ ولا ينفع، ولكن الطريقة المُتّبعة عند السلف : النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجَّه إلى الخير. أمّا إنكار المُنكر بدون ذكر الفاعل: فيُنكر الزنا، ويُنكر الخمر، ويُنكر الربا، من دون ذكر من فعله، فذلك واجب؛ لعموم الأدلة. ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يُذكر مَن فعلها لا حاكماً ولا غير حاكم. ولمّا وقعت الفتنة في عهد عثمان - رضي الله عنه - قال بعض الناس لأسامة بن زيد - رضي الله عنهم - : ((ألا تُكلّم عثمان؟ فقال: إنّكم ترَون أنّي لا أُكلمه إلّا أُسمعكم؟ إنّي أٌكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتح أمراً لا أحب أن أكون أوّل من افتتحه)). [أخرجه البخاري (3267) ومسلم (2989)]. ولمّا فتح الخوارج الجُهّال باب الشرّ في زمان عثمان - رضي الله عنه - وأنكروا على عثمان عَلَناً عظمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية وقتل عثمان وعلي - رضي الله عنهما - بأسباب ذلك وقتل جَمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني، وذِكر العيوب عَلَناً حتى أبغض الكثيرون من الناس ولي أمرهم وقتلوه وقد روى عياض بن غنم الأشعري أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإن قَبِل منه فذاك، وإلّا كان أدّى الذي عليه)). [أخرجه أحمد في المسند (14909) وصححه الألباني في ظلال الجنّة (1096)]. نسأل اللهَ العافية والسلامة لنا ولإخواننا المسلمين من كل شرّ إنّه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه. [مجموع الفتاوى (8/210)] ------------------------------ السؤال: نطلب من سماحة الوالد كلمة توجيهية حول البيعة لولاة الأمر في المملكة العربية السعودية. الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أمّا بعد: الواجب على جميع المسلمين في هذه المملكة السمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف، كما دلّت على ذلك الأحاديث الصحيحة الواردة والثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يجوز لأحد أن ينزع يداً من طاعة، بل يجب على الجميع السمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((من خرج عن الطاعة، وفارق الجماعة، ومات؛ مات ميتة جاهلية)). [أخرجه مسلم (1848)]. الواجب على المؤمن هو السمع والطاعة بالمعروف وألّا يخرج عن السمع والطاعة، بل يجب عليه الإذعان والتسليم بما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه الدولة السعودية دولة إسلامية، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتأمر بتحكيم الشرع وتحكيمه بين المسلمين، فالواجب على جميع الرعية السمع والطاعة لها بالمعروف، والحذر من الخروج عليها، والحذر من معصيتها بالمعروف، أمّا من أمر بالمعصية؛ فالمعصية لا يُطاع أحد فيها لا من الملوك ولا من غير الملوك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((إنما الطاعة بالمعروف، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)). [أخرج الشطرَ الأول البخاري (4340، 7145) ومسلم (1840) وأخرج الشطرَ الثاني أحمد في المسند (20653) والطبراني في الكبير (18/381)]. فإذا أمر ملك أو رئيس جمهورية أو وزير أو والد أو والدة أو غيرهم بمعصية كشرب الخمر أو أكل الربا؛ لم يجز الطاعة في ذلك بل يجب ترك المعصية وألّا يستهين أحد في معصية، وطاعة الله مقدَّمة إنّما الطاعة بالمعروف، هكذا جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - . [الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية (ص70)] ------------------------------------- السؤال: يظن بعض الشباب أنّ مجافاة الكفار - ممّن هم مستوطنون في البلاد الإسلامية أو الوافدين إليها - من الشرع، ولذلك البعض يستحلّ قتلهم وسلبهم إذا رأوا منهم ما ينكرون؟ الجواب: لا يجوز قتل الكافر المُستوطن، أو الوافد المُستأمن الذي أدخلته الدولة آمناً، ولا قتل العصاة، ولا التعدّي عليهم، بل يُحالون فيما يحدث منهم من المنكرات للحكم الشرعي، وفيما تراه المحاكم الشرعية كفاية. [مجموع الفتاوى (8/207)] السؤال: وإذا لم توجد محاكم شرعية؟ الجواب: إذا لم توجد محاكم شرعية فالنصيحة فقط، النصيحة لولاة الأمور وتوجيههم للخير، والتعاون معهم حتّى يُحكّموا شرع الله أما أنّ الآمر والناهي يَمدّ يده فيقتل أو يضرب فلا يجوز لكن يتعاون مع ولاة الأمور بالتي هي أحسن حتّى يُحكّموا شرع الله في عباد الله، وإلا فواجبه النصح، وواجبه توجيهه إلى الخير وواجبه إنكار المنكر بالتي هي أحسن، هذا هو واجبه، قال الله تعالى : {فاتّقوا الله ما استطعتم}. [التغابن: 16]. لأنّ الإنكار باليد يترتّب عليه شرٌّ أكثر وفساد أعظم بلا شكٍّ ولا ريب لكلّ من سبر هذه الأمور وعرفها. [مجموع الفتاوى (8/207)] ------------------------------------- السؤال: هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - وبالذات التغيير باليد - حق للجميع، أم أّنه حق مشروط لولي الأمر ومن يُعيِّنه ولي الأمر؟ الجواب: التغيير للجميع حسب استطاعته؛ لأنّ الرسول - صلّى الله عليه وسلم - يقول: ((من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)). [أخرجه مسلم (49)]. لكن التغيير باليد لا بدَّ أن يكون عن قدرة لا ترتَّب عليه فساد أكبر وشرٌّ أكبر، فليغيِّر باليد في بيته على أولاده، وعلى زوجته، وعلى خدمه وهكذا الموظف في الهيئة المختصة المُعطى له صلاحيات يغيّر بيده حسب التعليمات التي لديه، وإلا فلا يغيّر شيئاً بيده ليس له فيه صلاحية لأنه إذا غيّر بيده فيما لا يدخل تحت صلاحيّته يترتّب عليه ما هو أكثر شرًّا ويترتّب بلاء كثير وشرٌّ عظيم بينه وبين الناس، وبينه وبين الدولة ولكن عليه أن يُغيّر باللسان كأن يقول: (اتقِ الله يا فلان، هذا لا يجوز) (هذا حرام)، (هذا واجب عليك)، يبيّن له بالأدلة الشرعية باللسان أمّا باليد فيكون في محلّ الاستطاعة، في بيته، أو فيمن تحت يده أو فيمن أذن له فيه من قبل السلطان أن يأمر بالمعروف كالهيئات التي يأمرها السلطان ويعطيها الصلاحيات يغيّرون بقدر الصلاحيات التي أعطوها على الوجه الشرعي الذي شرعه الله لا يزيدون عليه، وهكذا أمير البلد يغيّر حسب التعليمات التي لديه. [مجموع الفتاوى (8/208)] ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: شبكة ومنتديات همس الأطلال شبكة ومنتديات همس الأطلال Network Forum whispered ruins - من قسم: أطلال إيمانية عامة H[,fm hgYlhl uf]hgu.d. fk fh. - vpli hggi juhgn ugn lshzg hgfdum ,hgYlhlm hgighg juhgd |
04-21-2013 | #2 |
|
رد: أجوبة الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمه الله تعالى - على مسائل البيعة والإمامة
جزاك الله الجنه جعله الله في موازين حسناتك . لك التقدير . |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدليلية (Tags) |
أجوبة, مسائل, الله, البيعة, الهلال, تعالي, رحمه, عبدالعزيز, والإمامة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الشيخ عبد الله خياط - رحمه الله تعالى . | الأسد الرهيص | أطلال إيمانية عامة | 3 | 03-25-2013 12:51 AM |
وفاة الاميرسطام ابن عبدالعزيز رحمه الله | أذكاري منبع حياتي | أطلال الصحافة و الأخبــار العـامـة وأحــوال الطقـس والمـناخ | 0 | 02-12-2013 09:54 PM |
وفاة الامير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله .. | نيروز | فضاءات وآفاق بلا حدود . | 6 | 10-25-2011 08:52 PM |
الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله | عاشق الجنوب | أطلال الشخصيات المشهورة وأحداث رسخت في صفحات التاريخ .. | 9 | 12-14-2010 09:01 AM |
العلامة بن باز - رحمه الله تعالى | نيروز | بقايا الأمس . ( همس علم الآثار والعلوم المساعدة له ) . | 6 | 12-03-2010 08:32 AM |
Add Ur Link | |||
منتديات همس الأطلال | دليل مواقع شبكة ومنتديات همس الأطلال | مركز تحميل همس الأطلال . | إسلاميات |
ألعاب همس الأطلال | ضع إعلانك هنا . | ضع إعلانك هنا . | ضع إعلانك هنا . |