عرض مشاركة واحدة
قديم 06-18-2010   #3


الصورة الرمزية أبو خلدون
أبو خلدون غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 06-01-2020 (05:26 AM)
 المشاركات : 4,523 [ + ]
 التقييم :  11
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : Darkgreen
افتراضي البروتوكول الثاني



البروتوكول الثاني
يلزمنا لغرضنا ألا تحدث أي تغييرات إقليمية عقب الحروب ، فبدون التعديلات الإقليمية ستتحول الحروب إلى سباق اقتصادي وعندئذ نتبين الأمم تفوقنا في المساعدة التي سنقدمها ، وأن اطراد الأمور هكذا سيضع الحانبين تحت رحمة وكلائنا الدوليين ذوي ملايين العيون الذين يملكون وسائل غير محدودة على الإطلاق وعندئذ ستكتسح حقوقنا الدولية كل قوانين العالم وسنحكم البلاد بالأسلوب الذي تحكم به الحكومات الفردية رعاياها .

والأشخاص الذين نختارهم من صفوف الشعب اختياراً دقيقاً ضامناً لنا أن يكونوا كاملي الاستعداد للخدمة الطائعة ، لن يكونوا من طراز الرجال الذين سبق لهم التمرس بفنون الحكم والحكومة حتى يسهل اقتناصهم ووقوع الحكم في قبضة يدنا ، فنتخذ منهم مخالب صيد ويتولاهم منا أشخاص أهل علم مكين وعبقرية يكونون لهم مستشارين من وراء ستار ، واختصاصيين وخبراء ، وهؤلاء الرجال المختارون منا ، يكونون قد نشئوا منذ الصغر تنشئة خاصة ، وأهلوا لتصريف شؤون العالم تأهيلاً كاملاً . ويكونون كما تعلمون قد مضى عليهم زمن وهم يرتضعون معلوماتهم التي يحتاجون إليها من مناهجنا السياسية ودرسالتاريخ ، ومن ملاحظة سير الحوادث وهي تقع على توالي الوقت .

أما الغوييم فقد بعدت الشقة بينهم وبين أن يكونوا قادرين على اهتداء إلى الحكمة بالملاحظة التاريخية غير المتحيزة إذ جل ما تبلغ استنارتهم به هو الطرق النظرية على نمط رتيب دون أن يتعمقوا في تسليط العين الفاحصة النافذة على مدار النتائج للحوادث ، فليس بنا من حاجة ولحالة هذه أن نقيم لهم وزناً ، فلنعهم في حالة وما يشتهون ويحبون حتى تأتي ساعة اقتناصهم أو يظلوا يعيشون على الآمال تنتقل بهم من مشروع خيالي إلى آخر ويتباهون بذكريات ما سبق لهم التمتعبه من لبانات .
وليبق هذا كله دورهم الرئيسي الذي يمثلون . وقد نجحنا في إقناعهم بأن ما لديهم من معلومات نظرية إنما هو من حر محصول العلم . وما دام غرضنا هو هذا فدأبنا بواسطة صحفنا أن ترسخ فيهم الاعتقاد بصحة ما يحملون من نظريات وآراء . أما أهل الفكر منهم فينتفخون ازدهاء بما لهم من حظ المعرفة وتراهم وهم غفل عن الاستعانة بوضع التجربة على محك المنطق يندفعون إلى وضع نظرياتهم موضع العمل ، ولكن ما هو في نظرهم علم ومعرفة إن هو في الواقع إلا ما عني عملاؤنا الاختصاصيون بتصنيفه لهم بحذق ومهارة وهيئ هذا كله اتتنور أذهانهم به على الاتجاه الذي نريد .


ولابد لنا في منهجنا هذا، أن نأخذ بعين الاعتبار ، ما عند الأمم من طراز فكر ، وخلق ،ونزعة،وإتجاه .
وإنما نفعل هذا لكي نحترز به منالإنزلاق في معالجتنا السياسية والتوجيةالإداري ،فلا نعثر ولا نكبو .
وإن انتصار منهجنا ، الموزعة أجزاؤه على مختلف المناحي توزيعاً يصيب كل ناحية بما يؤاتيها منه ، حسب أمزجة الشعوب التي تقع في طريقنا - أن أنتصارنا المتوخى ، قد يفشل ويحبط دون إدراك الغاية ، إذا كان تطبيقنا للمنهج ليس مبنياًعلى الأحكام المستمدة من صفوة دروسنا الماضية ، نطبقها على الضوء الحاضر .

ولايخفى أن في أيدي دول اليوم الة عظيمة تستخدم في خلق الحركات الفكرية ، والتيارات الذهنية ، ألا وهي الصحف .
والمتعين علمه على الصحف التي في قبضتنا ، أن تدأب تصيح مطالبة بالحاجات التي يفترض أنها ضرورية وحيوية للشعب ، وأن تبسط شكاوى الشعب ، وأن تثير النقمة وتخلق أسبابها ، إذ في الصحف يتجسد انتصار حرية الرأي والفكر .
غير أن دول الغوييم لم تعرف بعد كيف تستغل هذه الألة فاستوليناعليها نحن ، وبواسطة الصحف نلنا القوة التي تحرك وتؤثر وبقينا وراء الستار . فمرحى للصحف ، زكفنا ملئ بالذهب ، مع العلم أن هذا الذهب قد جمعناه مقابل بحار من الدماء والعرق المتصبب . نعم ، قد حصدنا مازرعنا ،ولاعبرة إن جلت وعظمت التضحيات من شعبنا . فكل ضحية منا تضاهي عند الله ألفاً من ضحايا الغوييم .


 


رد مع اقتباس