التمتع والتلذذ بمفاتن المعشوق لا تكتمل وتصل بك لمرحلة النشوة إن لم تتوفر لها مقومات الصفاء والهدوء والسكينة .
أصاب صاحبنا الذي بدأت بسرد روايته قبل رمضان حين عاد إلى فيفاء وأصابه الذهول والصدمة حين أراد أن يتمتع بمناظر فيفاء الساحرة وهوائها العليل المنعش وكان في مخيلته أن يكون اللقاء لقاء عشاق وخلوة مشتاق وإليكم بعض ما وصف .
قال : قصدت أجمل الأماكن في فيفاء وأكثرها خضرة وأنا عازم أن أحط رحالي في أجمل وأهدأ مكان لأحاور العصافير وأصغي لشحارير وارسم في وجنة النسيم صوراً كنت ارسمها واختلي بذكريات حجبت بالرمال وأجدد النشاط الذي لم يعد منه سوى صوت قدمي الثالثة على كل صلد محاولاً زيارة اكبر عدد ممكن من الأماكن , وبمجرد خروجي من السيارة استقبلني صوت مزعج لا يمت إلى المحيط بصلة ولا ينتمي لما يطرب الأذان . تخيل معي الصدمة بما انك كنت تتخيل أصوات العصافير تستقبلك وشذا الأزهار ما سيرحب بك وإذا بك بين أزيز مناشير الحديد وأصوات تقطيع الفولاذ من ورشة حدادة أنشئت في قلب المكان .
هل تستطيع الجلوس والطرق يصم الأذان وإسقاط القطع يدوي وحتى لو كنت أصم فلن يكون لك من المنظر حظ فبريق آلة اللحام تخطف الأبصار . هل يعقل هذا العمل العشوائي ؟!
بدل أن يهيئ المكان لجلوس هادئ حتى لو كان بمقابل مادي كرسوم على من استفاد من المكان والله إني على استعداد لدفع رسوم البقاء والاستمتاع بتلك المناظر التي افتقدتها واشتقت لها .
للأسف أجمل الأماكن في فيفاء حولت إلى ورش حدادة وسمكرة ليجتمع نقيضين لا يمكن أن يجتمعا إلا في فيفاء .
إذا كان الهدف تجارياً وهو كذلك لما ذا لا يكون المشروع غير ورش ؟ لماذا لا يكون شقق مفروشة أو استراحات راقية . وبذلك نكون قد ساهمنا في الحفاظ على فيفاء جميلة هادئة وساعدنا في إيجاد مسا كن للمواطنين واستراحات لزوار المنطقة وعلى ذكر الاستراحات والشقق المهيأة التي في فيفاء وللأسف هي أقل من المأمول عددا وتجهيزاً.
لهذا دائماً ما يعاني أبناء فيفاء من الحرج حين يأتي لأحدهم زائر من خارج المنطقة ويرفض الإقامة معه في منزله !!!! هل يستأجر له في جازان أو العيدابي ؟!
قاطعته قائلاً :
بخصوص الورش التي تحدثت عنها أنا أشاطرك الرأي إنها منظر مقزز في هذه الباقة المنمقة التي اسمها فيفاء ولا يليق أن نشوه جوهرة لا يشبهها أو يقترب منها في الحسن سوى فيفاء نفسها .
وما يدعو لتفاؤل ما شاع بين أهالي فيفاء عن اعتزام البلدية إنشاء منطقة صناعية في سهول فيفاء , وفيما يخص الاستراحات والشقق المفروشة والعقارات المعدة للإيجار فهذا موضوع قد تم الحديث عنه كثيراً وأعتقد أن ألأمل في إيجاد مباني سكنية تخدم أبناء فيفاء قبل غيرهم سوف يتحقق بعد استلام المواطنين مستحقات نزع ملكيات الخطوط وتعويضات أضرار الردميات لان ذلك من شأنه أن يوفر سيولة نقدية للمواطنين تمكنهم من بناء وحدات سكنية للإيجار فنحن في فيفاء نعاني معضلة أطلت برأسها في قلة المساكن فالكثير من أبناء فيفاء يعملون في فيفاء ويسكنون خارجها كالمعلمين والعسكريين .
المواطنون في فيفاء وخاصة من تقع أراضيهم بجوار الخطوط الرئيسية والفرعية كذلك يدركون تماماً أن ذلك عمل استثماري ناجح وعمل وطني يساهم في بناء الوطن واستقرار المواطن لكن قلة ذات اليد تكبلهم أما من فتح الله عليه وبحوزته المال إما لم يجد أرض في مكان مناسب أو غير متفرغ وكثير منهم لا يحب تعريض ما أوصد عليه الأبواب لهبة هواء .
نكمل بإذن الله مع هذا العاشق المحب لكل ذرة من فيفاء في مواضيع أثارها سلباً وإيجاباً في الأسبوع القادم إن كتب الله لنا ولكم الحياة وهيئ لنا الاستطاعة بعد التوفيق .