وذات مرة أتت بعض بنات البادية لمحل العنقري لشراء بعض المستلزمات فتعلق قلبه بواحدة منهن بدون أن تدري هي عن ما يختلج في قلبه، وحين جاء موسم الأمطار رحلت قبيلة الفتاة إلى مرابعها وبعد فترة لحق بهم بداح العنقري ليخطبها من والدها الذي رحب به ووافق بشرط أن يؤخذ رأي الفتاة، وحين سألها والدها رفضت هذه الخطبة لأن هذا رجل من الحاضرة لا يعرف عن القتال والفروسية شيئا وهي تريد فارسا يحمي قومها وحلالهم من الأعداء، فسمع العنقري هذا الجواب فقرر الرحيل والعودة لدياره، وشاءت الصدف أن شنت عليهم احدى القبائل غارة قبل أن يغادر بداح العنقري وكان الهجوم عنيفا من الأعداء ولم يستطع فرسان القبيلة أن يصدوه، فركب بداح العنقري فرسه وأخذ سيفه ورمحه وقاتل بشراسة واستبسال حتى استطاع أن يرد القوم الغازية وأسترد الحلال منهم فأنشد يقول:
الله لحد ياما غزينا وجينا
وياما ركبنا حاميات المشاويح
وياما على أكوارهن اعتلينا
وياما ركبناها عصيرٍ مراويح
وياما تعاطت بالهنادي ايدينا
وياما تقاسمنا حلال المصاليح
وراك تزهد يا اريش العين فينا
وتقول خيَال الحضر زين تصفيح
الطيب ماهو بس للضاعنينا
مقسَم بين الوجيه المفاليح
البدو واللي بالقرى ساكنينا
كلٍ عطاه الله من هبة الريح
والعلم عنـدك كـان ماتجحدينـا
تعززي بالصدق يازينة الريـح
يوم العرب في حلًتـك شارعينـا
والخيل باأخوانك سوات الزنانيح
يوم إنكسر رمحي خذيت السنينا
بالسيف سرًحت المداريع تسريح
هيا عطينا الحق هيا عطينا
وان ما عطيتناه والله لصيح
أصيح صيحة من غداله جنينا
وألا خلوجٍ ضيعوها السواريح
يا عود ريحانٍ بعرض البطينا
منين ماهب الهوى فاح له ريح
لا خوخ لا رمان لاهوب تينا
لا مشمش البصرة ولاهن تفافيح
وخدٍ كما قرطاسةٍ في يمينا
وعيون نجلٍ للمشقى ذوابيح
ويا أبونهودٍ تقل فنجال صينا
لا بقات للقلب المشقى ذوابيح
صخفٍ بلطف بانهزاع بلينا
يا غصن موزٍ هزه ناعم الريح
وبعد أن رأت الفتاة فعل بداح بالقوم الغازية وشجاعته وفروسيته النادرة ندمت على رفضها الزواج منه ويقال بأنها أرسلت له تتأسف منه وتريده زوجا لها إلا أن بداح العنقري أبت عزة نفسه وكرامته أن يعود لها بعد أن رفضته وعاد لقريته