الموضوع: صراع الذكريات .
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 06-29-2013

مطلع الشمس غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
قـائـمـة الأوسـمـة
الإبداع

وسام

الحضور الدائم

كاتب شامخ

لوني المفضل Darkgreen
 رقم العضوية : 7
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5070 يوم
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (02:25 PM)
 الإقامة : جدة
 المشاركات : 6,040 [ + ]
 التقييم : 63
 معدل التقييم : مطلع الشمس will become famous soon enough
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي صراع الذكريات .




الذكريات 180129770801.jpg

أين أذهب من الذكريات التي تجتاح ذاكرتي كعاصفة بحرية تعالج الأمواج
وتحملها على ذرات الرياح فتضرب هذه الموجة بتلك ، حتى يسمع للبحر دوياً
ترتعد منه الفرائص ويكاد القلب منه يسقط في داخل الأحشاء .

أو كأنها رياح عاتية اجتاحت الغابة ولها صرير بين أغصانها وأوراقها ، كأنما
هي غضبة إلهية تحطم الشجر وتنقل الحجر ، ولا تبقي ولا تذر .
أين أذهب منها وكيف أنجو من صريرها في ذاكرتي ، وأمحوها من شريط الزمن
المتسارع بين محطاتي ، يتذبذب من محطة إلى أخرى بغير هدى ولا نظام .

عجيب أنا وعجيبة هي ذكرياتي ، وغريبة ذاكرتي ، عندما أجدني جالساً وحدي أتجول
في أيامي الغابرة ، وأنظمها في عقد داخل الذاكرة ، أفرك خرزاتها بين أصابعي كأنني
أسبح بسمسبحة من الكهرمان ، أو الخرزات المطعمة بالأضواء الفسفورية ، تضيء في
ظلام الليل ، مما يزيد ثباتها في خضم العقل والذاكرة ، كيف أتلذذ بها وأرنو إليها كل حين
وأهوى تفاصيلها ، وأعشق همسها وتخيلاتها ، وأوهامها وحقائقها ، وكذبها وصدقها وسرها
وجهرها ، وبعدها وقربها ، وتماديها في أدغال الماضي ، وضربها في رحم المستقبل وغموضها
خلف أستار الزمن الباهتة ، ثم أتمنى الخلاص منها أو محوها من جدار قلب ممزع ممزق بين صخيرات
الأيام ، وعرصات الماضي السحيق ، وكيف أداوي تلك الجراح التي تنبعث كلما غفوت على وسادة الماضي
العتيق ، لأبحر فوق أمواجها العاتية ، وأستمع إلى لغطها ولممها .
وكيف أنجو من هزاتها الشديدة التي تهز جسدي كأنما ضربتني موجة برد قارص ألقى بصقيعه
على تلال صحراء قاحلة في ليلة شتاء قارص ، وكأنني أسير في فضاءاتها إلى غير هدى في فيافي
الذكريات ومفازاتها الشاسعة ، وقفارها الحمراء القاحلة .

كلما مر يوم من عمري اندرجت في عقد ذكرياتي خرزة جديدة ، وابتعدت عقدة أخرى وتوارت
خرزة أخرى من عقد الذكريات إلى غياهب الزمن ، لتبقى جرحاً غائراً في أعماقي يهب علي
بأوجاعه كلما هبت ريح الصبا ، أو انبعث ضباب الصباح يزحف من عمق الوادي وهو يتصاعد
نحو القمة ، ويعلو في آفاق السماء ، حتى يحجب الشمس عن الأرض ، ويكسوها بفيء ظلاله المتسلل
من خلاله ذرات كقطر الندى ، فتهتز تحته الأغصان وقد ولامسها بظلاله الحانية ، ومسح عليها بنسمته
العليلة ، وسقاها بقطراته الباردة ، وخرجت الأطيار على الأغصان جذلى ، تهتف وترفرف بريشها في يوم
كأنه أرسل هدية من روضات الجنة .

كيف أرجو أن أنسى وأدفن ذكرياتي وأمحوها ، ولي مع الوادي صحبة ، ومع الطير سجال
ومع الأغصان مصافحة ومع الأزهار عطر فائح في كل أنفاسي ، ومع الرمل همس ومع العشب
روح تدب بينه ، حتى مع الضأن ، والشريم ، والمنجل ، ومع الصيف والشتاء والربيع والخريف
ومع الطرقات .

كيف أنسى ولي مع الغروب لقاء ، ومع الأصيل بكاء ، ومع خيوط الشمس المشرقة موعد على التلال
ومع السماء نظرة متأمل كأنني أطيل النظر فيها لأرسم معالم ستكون ملازمة لحياتي ، ونداً لأيامي .

عجباً من بعض البشر ومن بعض القلوب كيف تنسى وتتجاهل ؟
فهل هي قلوب حية أصلاً .. أم أنها بلاقع وصحراء قاحلة ؟
كيف جدران تلك القلوب ، وكيف داخلها وخارجها ، وهل فيها من حياة
أو نسمة من هواء الوفاء والصدق والإخلاص ؟!!

تمت على عجالة من الإبحار في قعر الزمن .

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك




wvhu hg`;vdhj >






آخر تعديل مطلع الشمس يوم 06-29-2013 في 03:23 PM.
رد مع اقتباس