ميلادي , مزرعة , الخامس , القرن , جوليوس , فسيفساء

هذه لوحة فسيفساء شهيرة
إلى درجة أن التلفزيون البريطاني
خصص لها منذ أكثر من 10 سنوات،
شريط وثائقي يدوم نصف ساعة تقريباً.



تمثل اللوحة
مزرعة مالك من أثرياء قرطاج.
وقد جرت العادة في ذلك العصر
أن يكون لكل أقطاعيّ كبير لوحة فسيفساء
داخل منزله تصور مزرعته وأملاكه؛



كانت اللوحة الناطقة بالأنعم تُغني المالك
عند استقباله للضيوف عن أداء زيارة ميدانية،
إذ بإمكانه إظهار ثرائه
وغناه من خلال المشاهد المرسومة على اللوحة طبقاً للواقع.
لا بل أفضل، إذ يمكن له إبراز منتوجاته
طيلة الأربعة فصول ضمن اللوحة.



تنقسم اللوحة
إلى ثلاث طبقات: العليا،
والوسطى والسفلى.



تتوسط اللوحة صورة لقصر الأقطاعي،
وهو عبارة عن بناية عالية ومحصنة،
مشيدة بالحجارة، لها باب واحد رئيسي
وباب صغير لكل برج جانبي.



يوجد رواق في الطابق الأول
يمتد على طول القصر وتتخلله خمسة عشر نافذة
تجلب الهواء والشمس للداخل.



نشاهد نخلة باسقة عالية وراء القصر
كما نلاحظ أربع قباب، يخرج الدخان من ثلاث منها،
فنفهم أنها الحمامات البخارية الخاصة،
رمز الثراء والبذخ.




ونلاحظ كذلك على جانبيْ القصر مشهد صيد.
تظهر على اليمين كلاب السلوقي الإفريقية،
المتخصصة في صيد الأرانب والغزلان
تتبع الصياد وهو حامل على كتفه شبكة الصيد
وبيده اليمنى رمحه الطويل.



أما على اليسار
فنشاهد السيد جوليوس في أجمل ثيابه
وهو يزور ضيعته على ظهر حصان مرقّط،
يتبعه الخادم سيراً على قدميْه.
خٌصّصت الزوايا الأربع لمشاهد
الأربعة فصول.



في الزاوية اليمنى
إلى الأعلى نشاهد خيرات الصيف،
فنعلم أن العامل الجالس هو بصدد قص صوف الغنم،
وأن النعاج تلد وقتها،
وذلك تفسير الحمل بين أيدي الراعية.
وكما هو مبيّن في أقصى الزاوية حيث نرى السنابل،
فالصيف هو أيضاً فصل حصاد القمح.



أما الزاوية المقابلة،
أي اليسرى العليا فهي تعرض خيرات الشتاء.
ها هم العمال يجمعون الزيتون،
وذاك عامل يحمل إوزات تم
تسمينها خصيصا، كما جرت العادة، ليتمتّع الأسياد
بلحومها الدسمة في فصل الشتاء البارد.





ترمز الزاوية السفلى إلى اليسار،
إلى فصل الربيع، ونرى العامل يقدم سلة شهد وعسل،
كما تظهر الورود الحمراء المزهرة،
وامرأة فاتنة تتجمّل لفصل الربيع والحب،
بينما تقدم لها خادمتها سوارا لتزداد أناقة وبهاء.



وفي الزاوية المقابلة،
أي اليمنى في الأسفل،
نرى مشهد الخريف الذي يتميز بصيد الأرانب
كتلك التي يمسكها الخادم بشماله،
بينما يحمل على ظهره
سلة من العنب للأكل ولعصر الخمر،
ونشاهد أيضاً شجرة رمان حبلى بالفاكهة الشهية.



ونصل أخيراً إلى ذلك الشخص الجالس
على كرسي حجري قرب شجرة الرمان
وهو يمد يده ليتناول رسالة مكتوبة على الرق
يقدمها له الخادم، فنقرأ على متن الرسالة الكلمات التالية:


دوميني جوليوس DOMINI JULIUS أي باللاتينية:
مزرعة جوليوس.
وهي تسمية غير مباشرة للمزعة،
اختار الفنان أن يدمجها ضمن مشاهد اللوحة
بدلاً من إدراجها كعنوان باهت لهذه اللوحة الشهيرة.



تقدم لنا هذه اللوحة
مجموعة من المعلومات المفيدة تهم الفصائل النباتية
الموجودة وقتها وأنواع الحيوانات الأليفة.
نشاهد الصنوبر، والزيتون، والنخيل، والورود،
والرمان، والأعناب، والقموح، وغيرها..
كما تصور ثلاثة أنواع من الكلاب،
وديكاً، وأغناماً، وحصاناً، وأرنب برية.



وبالإضافة إلى ما سبق،
تقدم لنا هذه اللوحة الفسيفسائية
صورة عن مبنى يعود تاريخه إلى
القرن الخامس الميلادي،
وصوراً مختلفة لأشخاص مختلفين
يرتدون ملابس مختلفة،
ويصففون شعورهم بطرق مختلفة..



وهذه كلها بيانات ومعلومات هامة
تطلعنا على نمط الحياة
في تلك العصور الغابرة.



هذه اللوحة معروضة بقاعة حضرموت،
في الطابق الأول بمتحف باردو،
تونس.

دمتم بخير

المصدر: شبكة ومنتديات همس الأطلال شبكة ومنتديات همس الأطلال Network Forum whispered ruins - من قسم: فضاءات وآفاق بلا حدود .