علي إبراهيم خواجي – جازان تصوير: حسين العتودي
الأربعاء 04/04/2012
لم تكن دعوة إعادة كتابة التاريخ التي نادى بها غير قليل من المهتمين بالتاريخ، إلا لقناعة منهم أن كتب التاريخ تحمل في سطورها معلومات تحتاج إلى التوثيق وإعادة النظر بالبحث والدراسة والتنقيب، وما فتئت الدراسات المستمرة والحفريات المتواصلة تقدم معلومات جديدة وافتراضات حديثة تتقاطع مع ما هو سائد ومتعارف عليه، ومسجل في مباحث التاريخ بوصفها حقائق مطمئنة.. بما يؤكد الحاجة إلى إعادة كتابة التاريخ..
ومن هذه النافذة فجر الدكتور فيصل بن علي الطميحي مدير مكتب الآثار بمنطقة جازان قنبلة مدوية وذلك عندما أعلن في حديثه لـ»الأربعاء» بأن المخلاف
السليماني الذي كانت تعرف به منطقة جازان سابقا ليس صحيحا نسبته إلى سليمان بن طرف الحكمي بل إلى الأشراف السليمانيين.. حيث استهل الطميحي حديثه بقوله: سأتكلم عن موضوعين الموضوع الأول هو ما يسمى المِخْلاف السليماني، الذي يُزعم انه الاسم القديم الذي كان يطلق على كامل منطقة جازان بحدودها الجغرافية الحالية، حيث تكاد تكون كل الدراسات التاريخية الحديثة التي بحثت في تاريخ منطقة جازان، تذكر أن الاسم القديم للمنطقة، الذي يعرف باسم المخلاف السليماني، هو نسبة إلى من يسمى سليمان بن طرف الحكمي، الذي كان حسب بعض المؤرخين، قائمًا بالأمر في مخلاف حكم، ثم استولى على مخلاف عثر، ووحد بين المخلافين، ومتخذًا من عثر عاصمة جديدة له، ومنه عرف الكيان الجديد باسم المخلاف السليماني، نسبة إلى سليمان هذا، غير أنه ظهرت، في الآونة الأخيرة دراسة اعتمدت على أدلة مادية، تمثلت في بعض المعثورات من النقود الإسلامية، وعلى نصوص تاريخية فريدة، تؤكد وبشكل قاطع لا لبس فيه، أن بني طرف الذين كانوا يتولون الحكم في مخلاف عثر، هم من موالى بني مخزوم القرشيين، ولا ينتمون بأي حال إلى قبيلة حكم، وهو أمر بلا شك، سوف يصطدم معه كثير ممن وقر في أذهانهم أن ابن طرف هو من قبيلة حكم. لكن صاحب تلك الدراسة رجح وبشكل عام، ودونما سوق للأدلة، أن من قام بتوحيد المخلافين، حكم وعثر، في كيان واحد هم الأشراف السليمانيون، وأن اسم المخلاف
السليماني هو نسبة إلى هؤلاء، وليس نسبة إلى سليمان بن طرف.
ولقد أتاحت لنا مجموعة من النقود التي ندرسها الفرصة للبحث والتقصي في قصة اسم المخلاف السليماني، كونها تنتمي إلى حاكم تولى مقاليد الحكم في هذا المخلاف، وكون هذا المخلاف يمثل بعضًا من الإطار الجغرافي للبحث، وعليه فإننا وجدنا أن مقتضى الحال يتطلب منا مناقشتها وبحثها، ولا مناص من ذلك، فمن أين أتت هذه التسمية، وهل هي نسبة إلى سليمان بن طرف، أم إلى الأشراف السليمانيين؟
بين رأيين
ويمضي الطميحي في حديثه مضيفًا: هناك رأيان في كتب التاريخ حول هذه التسمية، فرأي يقول وهو الغالب، أنها نسبة إلى سليمان بن طرف، وان اسم المخلاف
السليماني منسوب إلى سليمان هذا، ومن أوائل من قال بهذا الأمر هو ابن عبدالمجيد ( المتوفي سنة 743 هـ/ 1342م )، في كتابه تاريخ اليمن، وانتقل هذا الرأي عنه إلى معظم كتابات المؤرخين الذين أعقبوه، وصار هذا الرأي هو الرأي الشائع حتى فترة قريبة من الزمن، وهناك رأي آخر، ولكن لا شيوع له، وهو أن المخلاف
السليماني منسوب إلى الأشراف السليمانيين، وهو ما رجحه صاحب الدراسة نايف بن عبدالله الشرعان بعنوان التعدين وسك النقود في الحجاز ونجد وتهامة في العصرين الأموي والعباسي، لكنه، كما ذكرنا، لم يَسُق الدليل على صحة ذلك الترجيح، وهذا الرأي، وللتأكيد، أورده المؤرخ اليمني الجندي (المتوفي سنة 732هـ /1331م)، في كتابه السلوك، ولعلنا من خلال تتبع ظهور هذه التسمية نستطيع أن نقدر أيا من الرأيين هو الأقرب إلى الصواب. حيث إنه لم يظهر معنا طيلة القرون الهجرية، الرابع، والخامس، والسادس، والسابع، اسم المخلاف
السليماني في كل ما اطلعنا عليه من مظان، فيما عدا كتاب السمط لابن حاتم ، وما وجدناه في تلك المظان، هو أن المخلاف يظهر معنا باسم مخلاف ابن طرف، ولا شك أن ابن طرف هذا، هو من أسرة بني طرف موالي بني مخزوم حسبما أشرنا إليه قبل قليل.