بينما كنت أتصفح مدونتي ، أقرأها وأعيد النظر في بعض مواضيعها
إما تصحيحاً ، ثم ألقى نظرة على جميع جوانبها ثم أتفقد المتابعين لي
المنضمين إلي كقراء ، منهم من كان يتابعني ويقرأ حروفي ويستغرق في كلماتي
ثم يهديني رداً كريماً من عنده ليسعدني به ويطريني بكلماته الرائعة ، حتى ألفتهم وتعودت
عليهم وأحببتهم لأنهم واقفون بجانبي يساندونني بتشجيعهم ، وثنائهم ، وعذوبة حروفهم
ومنطقهم ، حتى عددتهم إخوتي وأخواتي .
فلما أجوب وأجيل النظر متأملاً في اسمائهم ، تعود بي الذكريات إلى أوائل الزمن معهم
وكم عشت سعيداً بهم ، واستأنست بتواجدهم ومشاركاتهم وتعليقاتهم ، كما يأنس ساكن
البر وحيداً في خيمته ، لا يجد عند سدول الليل من يواسيه ويبدد وحشته ، ويخترق بحديثه جدار
الصمت الرهيب ، ويبعث الأنس في نفسه ويبدد وحشته - أجدهم قد اختفوا عني فجأة ولمدة طويلة
كلها عشتها في انتظار عودتهم ورؤية حروفهم على سطوري من جديد ، إلا أن الزمن لا زال يتمادى ويعبر
من منافذ الحياة ، ويتخلل من بين الحجب ليتوارى في الحجب ، ويواري معه كل من أحببناهم وسعدنا بهم
وألفناهم ، طبعه في ذلك طبعه مع الأحباب والخلال ، دنيا تجمع وتفرق ، وتؤنس ثم توحش ، وتبعث الأمل
المتقطع في مفاصل فواصلها ، والمتناثر في عرصاتها .
فأبقى في مدونتي ردحاً من الوقت أناجيهم صمتاً ، وأناديهم ألماً وحنيناً ، وأذوب لهم شوقاً ، فقد أصبحوا جزءً
مني رغم تفاوت بلدانهم واختلاف جنسياتهم ، ناهيك على أنني لا أعرفهم سوى من خلال لغة الحرف ، وحرارة
الكلمة ، ووحي القلم .
فلما عالجت العبرة ، وتحاملت على فكري واستجمعت قواي أخذني الشوق العميم إليهم فأرسلت لهم
رسالة الشوق والحنين ، متسائلاً عنهم وعن أحوالهم ، ومتمنياً لهم التوفيق وأن يكونوا بخير هذا نصها :
( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
مساؤك سعادة وهناءة إن شاء الله .
أخذ بنا الشوق لكل من امتزجت حروفنا بحروفهم
وتشاركنا الهموم ، ونثر الأقلام ، وبعد غياب دام طويلاً
واختفاء غير متوقع .. أرجو أن تكوني بخير
وأن غيابك ليس لعارض صحي أو نائبة من نوائب الدهر .
أتمنى لك كل توفيق وسعادة .
وأرجو أن تخبرنا عن حالك وحسب ،
فحقيقة أنا اشتقت لكل من كان معي سواء في مدونتي
أو المنتدى ثم انقطعوا عني دون سابق إنذار ، وهذا هو الحنين
والشوق يأبى إلا أن يملأ الحنايا ، ويحرق المآقي ، ويبعث
فينا الذكريات آلاماً ، وأوجاعاً .
كونوا بخير . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . )
نعم إنها كلمات قليلة ومختصرة ، ولكنها أيضاً لم تستطع أن تتحدث عن كل شيء في داخلي
وعن ذلك الأزيز ، الذي يهز ضلوعي ، ويعتصر فؤادي ، رغم أن الكلمات تبادرت إلى حى عجزت عن رصها
وتركيبها من شدة زحامها في أعماقي ، فتناثرت هنا وهناك عندما عجزت عن الحديث عن أناتي .
إنها رسالة إليهم ملؤها الحنين والأشواق والآلام ، ولوعة الفراق ، ومرارة الدنيا عندما
تفرق بعد جمع ، وتحزن بعد أن تفرح ، وتشقي بعد أن تُسعد ، ثم تفرق فراق غير وامق .
إنني أخاطبهم وكل من غاب عني وانقطع في اي مكان وفي اي مناسبة ولحظة من لحظاتي
وفي أي مكان وزمان .
اسأل الله تعالى أن يمن عليهم بالسعادة والتوفيق ، من كان عائشاً منهم
ومن قد رحل إلى بارئه أسأل الله له الرحمة والمغفرة من رب غفور .
تحياتي التي يملأها الشوق والحنين ، لكل من يعبر من هنا .
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
vshgm Ygdil >>>