🎋
فضل الاحسان ،، !
قصة عجيبة من عجائب أخبار السلف الصالح
ما روي عن أحدِ علماءِ القرن الثالث الهجري في البصرة، أحمدَ بنِ مسكين قال:"امتحِنت بالفقر سنة تسع عشرة ومائتين، فلم يكن عندنا شيء، ولي امرأة وطفلها، وقد طوينا على جوع يخسف بالجوف خسفا، فجمعتُ نيتي على بيع الدار، فخرجت لابيعها فلقيني احد الصالحين وهو أبو نصر، فأخبرته بنيتي لبيع الدار فدفع إلي رُقاقتين من الخبز بينهما حلوى، وقال أطعمها أهلك.
فمضيت إلى داري وفي الطريق لقيتني امرأة معها صبي، فنظَرَت إلى الرقاقتين وقالت: يا سيدي، هذا طفل يتيم جائع، وﻻ صبر له على الجوع، فأطعمه شيئًا يرحمك الله، ونظر إليّ الطفل نظرة ﻻ أنساها، وخيّل إليّ حينئذ أن الجنة نزلت إلى اﻷرض تعرض نفسها على من يشبِع هذا الطفل وأمه، فدفعت ما في يدي للمرأة، وقلت لها: خذي وأطعمي ابنك. والله ما أملك غيرها، وإن في داري من هو أحوج إلى هذا الطعام
فدمعت عيناها، وأشرق وجه الصبي
فاعطيتهم الطعام ومشيت وأنا مهموم، وجلست إلى حائط أفكر في بيع الدار وإذ أنا كذلك إذ مرّ أبو نصر وكأنه يطير فرحًا، فقال: يا أبا محمد، ما يجلسك ها هنا وفي دارك الخير والغنى؟!
قلت: سبحان الله! ومن أين يا أبا نصر؟!
قال: جاء رجل من خراسان يسأل الناس عن أبيك أو أحدٍ من أهله، ومعه أثقال وأحمال من الخير واﻷموال، فقلت: ما خبره؟ قال: إنه تاجر من البصرة، وقد كان أبوك أودَعه ماﻻً من ثﻼثين سنة، فأفلس وانكسر المال، ثم ترك البصرة إلى خراسان، فصلح أمره على التجارة هناك، وأيسَر بعد المحنة، وأقبل بالثراء والغنى، فعاد إلى البصرة وأراد أن يتحلّل، فجاءك بالمال وعليه ما كان يربحه في ثﻼثين سنة .يقول أحمد بن مسكين: حمدت الله وشكرته، وبحثت عن المرأة المحتاجة وابنها، فكفيتهما وأجرَيت عليهما رزقا، ثم اتجرت في المال، وجعلت أربه بالمعروف والصنيعة واﻹحسان وهو مقبل يزداد وﻻ ينقص،
وكأني قد أعجبني نفسي وسرني أني قد مُلِأَت سجﻼتُ المﻼئكة بحسناتي، ورجوت أن أكون قد كُتبت عند الله في الصالحين، فنمت ليلة فرأيتُني في يوم القيامة، والخلق يموج بعضهم في بعض، ورأيت الناس وقد وُسِّعَتْ أبدانُهم، فهم يحملون أوزارهم على ظهورهم مخلوقة مجسّمة، حتى لكأن الفاسق على ظهره مدينة كلها مخزيات، ثم وضعت الموازين، وجيء بي لوزن أعمالي، فجعلت سيئاتي في كفة وألقيت سجﻼت حسناتي في اﻷخرى، فطاشت السجﻼت، ورجحت السيئات، ثم جعلوا يلقون الحسنة بعد الحسنة مما كنت أصنعه،
فإذا تحت كل حسنةٍ شهوةٌ خفيةٌ من شهوات النفس، كالرياءِ والغرورِ وحبِ المحمدة عند الناس، فلم يسلمُ لي شيء، وهلكتُ عن حجتي
وسمعتُ صوتًا: ألم يبق له شيء؟ فقيل: بقي هذا، وأنظر ﻷرى ما هذا الذي بقي، فإذا الرقاقتان اللتان أحسنت بهما على المرأة وابنها، فأيقنت أني هالك، فلقد كنت أُحسِنُ بمائةِ دينارٍ ضربةً واحدة فما أغنَت عني، فانخذلت انخذاﻻً شديدًا ، فوُضِعَت الرقاقتان في الميزان، فإذا بكفة الحسنات تنزل قليﻼً ورجحت بعضَ الرجحان، ثم وُضعت دموع المرأة المسكينة التي بكت من أثر المعروف في نفسها، ومن إيثاري إياها وابنها على أهلي، وإذا بالكفة ترجُح، وﻻ تزال ترجُح حتى سمعت صوتًا يقول: قد نجا).
لما قرات القصة تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة)
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
tqg hgYpshk