شبكة ومنتديات همس الأطلال Network Forum whispered ruins - أهمية الكتابات والنقوش القديمة .

تعتبر الكتابات والنقوش القديمة، من المصادر الرئيسة التي استقى منها المؤرخون والباحثون كل ما دون ويدون عن تاريخ الجزيرة العربية القديم وحضارتها، فهي التي يعتمد عليها بالدرجة الأولى، لأنها تمثل وجهة نظر صانع الحدث ذاته.

وتكتسب الكتابات والنقوش القديمة أهمية كبيرة من حيث أنها ثروة تاريخية مفيدة مهما كان موضوعها، فهي تسجل حياة أصحابها وطرق معيشة مجتمعهم، وعلاقاتهم بجيرانهم. وعلى الرغم من عدم خلو هذه الكتابات والنقوش القديمة من المبالغات والادعاءات والتخيلات أحيانا، والسذاجة والغموض أحيانا أخرى، إلا أنها تعتبر المصدر الرئيس لتصوير عادات أصحابها وعقائدهم، وأوضاعهم الاجتماعية والسياسية، وعلاقاتهم الخارجية بالأمم المجاورة لهم.

تصنف الكتابات والنقوش القديمة التي يمكن اعتبارها مصدرا هاما من مصادر تاريخ الجزيرة العربية القديم كما يلي :

النقوش العربية القديمة :
وتشمل النصوص التي عثر عليها داخل الجزيرة العربية أو خارجها. وهذه كتبت إما بخط المسند أو الخط الأرامي وما تفرع منها مثل النقوش الحمائية أو الإحسائية، نقوش خط الزبور، النقوش الثمودية، النقوش الصفوية، النقوش اللحيائية، والنقوش النبطية. وتتضمن تلك النقوش القديمة معلومات قيمة عن الأحوال الداخلية للجزيرة العربية في ذلك الوقت، وإشارات هامة عن العلاقات الخارجية للجزيرة العربية مع الأمم والدول المجاورة لها.

النصوص المسمارية :
وتشمل النصوص الآشورية والبابلية التي تقدم لنا معلومات ثرة عن العلاقات القائمة بين دول العراق القديمة وبين قبائل وممالك الجزيرة العربية.

النصوص المصرية القديمة :
وتمثلها وثائق مصرية قديمة مكتوبة بالخط الديموطيقي أو اليوناني، وهذه تعين على رسم تصور واضح إلى حد ما عن العلاقات العربية المصرية القديمة.

الاكتشافات الأثرية الحديثة في المملكة العربية السعودية
نشطت خلال العقدين الماضيين حركة الكشوف الأثرية في المملكة العربية السعودية وكان ذلك محصلة لاهتمام الدولة بقطاع الآثار ودعمها المستمر لإعمال المسوح والتنقيب الأثرية. منذ منتصف عام 1395 هـ/1975 م وضعت إدارة الآثار والمتاحف خطة خمسية للمسح الأثري الشامل لأراضي المملكة العربية السعودية وقد نتج عن ذلك تسجيل أكثر من أربع آلاف موقع أثري بالإضافة إلى عدة آلاف من مواقع النقوش والرسوم الصخرية.

وعند تأسيس قسم الآثار والمتاحف عام 1398 هـ/1978 م تبنى مشروع لتدريب الطلاب من خلال البدء في الحفر في موقعي الفاو الذي يعود لفترة ما قبل الإسلام وموقع الربذة الذي يعود للعصر العباسي والواقع على طريق الحج العراقي. وقد ساهمت أعمال التنقيب في الموقعين في الكشف عن بقايا مدينتين عربيتين عكسا الوضع الحضاري الذي كان قائما في الجزيرة العربية في عصر ما قبل الإسلام والعصر الإسلامي المبكر. أما أعمال التنقيب الأخرى التي قامت بها وكالة الآثار والمتاحف في وزارة المعارف فقد شملت عددا من المواقع القديمة والإسلامية، يأتي في مقدمتها أعمال التنقيب في مدينة تيماء حيث كشفت تلك الأعمال عن أجزاء من المدينة القديمة وقصورها ومعابدها ومدافنها وأجزاء من تحصيناتها، وتعد نتائج الحفر في تيماء مهمة جدا حيث كشفت عن خصائص حضارية ترتبط بتاريخ حضارة مدين والعصور التالية لها.

كذلك قامت وكالة الآثار بالحفر في موقع نجران القديمة، حيث كشفت عن بقايا معمارية تعود لفترة حضارة جنوب الجزيرة العربية بالإضافة إلى بقايا معمارية إسلامية من أهمها أساسات لمسجد جامع مبكر. وفي موقع الحجر (مدائن صالح) كشفت أعمال الحفر عن بقايا المنطقة السكنية الواقعة في السهل الممتد بين المقابر المنحوتة على وجهات الجبال والتي تمثل أبر آثار الموقع وأكثرها جذبا، وقد تبين من نتائج الحفر أن المنطقة السكنية تعود للفترة النبطية الممتدة من القرن الأول ق. م إلى القرن الثاني الميلادي.

وعلى مسافة ليست بعيدة عن الحجر يقع موقع المابيات الإسلامي الذي كشفت أعمال الحفر التي تمت لموسمين عن جوانب مهمة من تاريخ الموقع وبقاياه الأثرية حيث يعود الموقع لفترة القرن الأول – السادس الهجري، وتميز بخصائص حضارية تمثل مزيجا من التأثيرات الشامية والعراقية والمصرية نظرا لكون المابيات ملتقى طرق حج وتجارة.

وفي مدينة دومة الجندل شمال المملكة العربية السعودية تمت أعمال حفر في عدد من مواقع المدينة، داخل قلعة مارد، منطقة البلدة القديمة، مقابر العصر النبطي بالإضافة للكشف عن جانب من سور المدينة، وقد أظهرت أعمال الحفر جانبا من آثار المدينة التي تعود للعصور ما قبل الإسلام والعصور الإسلامية حيث تعد المدينة واحدة من أهم المدن التاريخية في شمال جزيرة العرب تتحكم بالطريق البري الذي يربط وسط بلاد العرب ببلاد الشام.

بالإضافة لأعمال الحفر تم تسجيل أعداد كبيرة من مواقع النقوش القديمة والعربية الإسلامية بالإضافة إلى الرسوم الصخرية. وهذا الكم الهائل من المادة المكتوبة يشير إلى مستوى ثقافي متطور تميز به سكان الجزيرة العربية وعبروا عن ذلك من خلال ما خلفوه من مادة مكتوبة غاية في الأهمية.