شبكة ومنتديات همس الأطلال   Network Forum whispered ruins

شبكة ومنتديات همس الأطلال Network Forum whispered ruins (http://www.hmseh.com/vb/index.php)
-   أطلال إيمانية عامة (http://www.hmseh.com/vb/forumdisplay.php?f=61)
-   -   لطائف حول (نزل) و(أنزل) في القرآن الكريم . (http://www.hmseh.com/vb/showthread.php?t=22846)

نيروز 02-07-2014 03:52 AM

لطائف حول (نزل) و(أنزل) في القرآن الكريم .
 


يذكر ابن كثير رحمه الله: "أن التحول عن صيغة من الألفاظ إلى صيغة أخرى لا يكون إلا لنوع خصوصية، اقتضت ذلك، وهو لا يتوخاه في كلامه إلا
العارف برموز الفصاحة والبلاغة الذي اطلع على أسرارها، وفتش عن دفائنها، ولا تجد ذلك في كل كلام، فإنه من أشكل ضروب علم البيان، وأدقها فهماً، وأغمضها طريقاً".


والذي يعنينا من كلام ابن الأثير هو أن كل تحول في بناء الكلمة يصاحبه تحول في معناها، وهذا أمر غير خاف على أهل العربية عموماً، والواقفين على بلاغتها على وجه الخصوص.


وتأسيساً على هذا الملحظ، نتوقف هنا عند فعلين وردا بصيغتين مختلفتين في مواضع عديدة ومتفرقة من القرآن الكريم، وهما الفعل {نزل}، و{أنزل}. وهذان الفعلان ورد كل منهما في آية على حدة في مواضع، كما وردا مجتمعين في آية واحدة في موضعين، نقف عليهما في أثناء هذا المقال.


ومن المواضع التي ورد فيها هذان الفعلان في آية واحدة قوله تعالى: {نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل} (آل عمران:3).


وقد توقف عدد من المفسرين عند هذين الفعلين في هذه الآية، وأعملوا الفكر والنظر ليروا فيما إذا كان ثمة فرق بينهما، أم أن الأمر لا يخرج عن كونه مجرد تنوع لفظي، لا يحمل أي دلالة ذات بال؟ وكان حاصل آرائهم بهذا الصدد وفق التالي:


الرأي الأول: أن التعبير بلفظ (التنزيل) {نزل}، مرده إلى أن القرآن نزل متتابعاً على فترات، استغرقت ما يزيد عن عشرين سنة، بينما كان التعبير بلفظ (الإنزال) {أنزل}، مرده إلى أن التوارة والإنجيل نزلا دفعة واحدة، ولم ينزلا على فترات، كما كان من شأن القرآن. وأوضح من عبر عن هذا الرأيالزمخشري، ثم تابعه عليه بعض المفسرين: يقول الزمخشري: "فإن قلت: لِمَ قيل: نزل الكتاب، وأنزل التوراة والإنجيل؟ قلت: لأن القرآن نزل منجماً، ونزل الكتابان جملة".


ثم جاء الرازي وتابع الزمخشري في هذا الرأي، فقال: "إن التنزيل مختص بالنزول على سبيل التدريج، والإنزال مختص بما يكون النزول فيه دفعة واحدة". وقال أيضاً: "ولفظة (نزل) تدل على التفريق، وأما لفظة (أنزل) فتدل على الجمع". وعلى أساس هذا التفريق بين الفعلين فسَّر الرازي قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} (البقرة:185)، إذ لما كان المراد هنا - بحسب ما رجحه الرازي - نزول القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا دفعة واحدة، كان من المناسب التعبير بلفظ (الإنزال) دون (التنزيل).


وهذا الرأي يشدُّ من أزره قوله سبحانه في آية أخرى: {ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت} (محمد:20)، فقد اجتمع الفعلان معاً في هذه الآية {نزلت}، و{أنزلت}، فلما كان المؤمنون هم الذين يودون نزول السورة - وطلَبُهم نزولها إنما هو على ما اعتادوه من التفريق والتفصيل - كان من الملائم هنا التعبير بفعل (التنزيل) {نزلت}، ولما كان المراد تحصيلها بجملتها بعد كمال نزولها، كان من الملائم التعبير بفعل (الإنزال) {أنزلت}، فجاء التعبير في كل موضع بما هو أنسب للمعنى.
وقد نوقش هذا الرأي من جهتين:


أولهما: أن التعبير بفعل (الإنزال) ورد في بعض الآيات القرآنية مراداً به القرآن الكريم، كقوله تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب} (الكهف:1). وأجيب عن هذا، بأن التعبير بـ {نزل} يختلف عن التعبير بـ {أنزل} إذا اجتمعا، فهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا يمكن أن يجتمعا، فيمكن التعبير بـ (التنزيل)، ويراد به (الإنزال)، ويمكن التعبير بـ (الإنزال)، ويُقصد به (التنزيل).


ثانيهما: ما ذكره ابن عاشور من أن التوراة والإنجيل نزلا مفرقين، كشأن كل ما ينزل على الرسل في مدة الرسالة؛ إذ لا يُعرف أن كتاباً نزل على رسول دفعة واحدة.


الساعة الآن 06:43 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
.:: تركيب وتطوير مؤسسة نظام العرب المحدودة ::.
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظة لـشبكة ومنتديات همس الأطلال