شبكة ومنتديات همس الأطلال   Network Forum whispered ruins

شبكة ومنتديات همس الأطلال Network Forum whispered ruins (http://www.hmseh.com/vb/index.php)
-   (أطلال علم الطبوغرافية ) (http://www.hmseh.com/vb/forumdisplay.php?f=179)
-   -   القدس خلال الحكم البيزنطي (324 م-634م) (http://www.hmseh.com/vb/showthread.php?t=17205)

المتوكل 12-20-2012 05:45 PM

القدس خلال الحكم البيزنطي (324 م-634م)
 
يعدّ العصر البيزنطي في فلسطين امتداداً لفترة الحكم الرّوماني التي سبقته (63ق.م-324م). ولكن الإدارة الجديدة اتخذت الدّين المسيحي منذ بدايتها العقيدة الرسميّة لها. ونظراً لأهميّة فلسطين بصفتها الأرض التي نشأ بها عيسى عليه السلام وأُمّه مريم العذراء، وأدى رسالته. فقد صار لها مركز متميز وأهمية خاصة في هذا العهد الجديد. فقد اعتنق قسطنطين الأوّل مؤسس الدّولة البيزنطية الديّن المسيحي، وجعله دين الدّولة الرسمي. كما اعتنق الدين الجديد والدته هيلينا Helena، الّتي أولت فلسطين اهتماماً خاصّاً، إذ زارت فلسطين سنة 336م للتبرك بزيارة أماكنها المقدسة، واختارت مواقع كنيسة المهد في بيت لحم، وكنيسة القيامة في القدس، وكنيسة إيليونا على جبل الزيتون. وربما شيّدت هذه الكنائس من أجل تخليد ذكريات الولادة، والقيامة، والمعراج من حياة المسيح. وبنى قسطنطين كنيسة محل دفن المسيح وهي كنيسة القيامة، وثانية على جبل الزّيتون بالقدس وهي كنيسة العروج. إلى جانب كنيسة المهد في بيت لحم وتلك عند ممرٍ في الخليل. لقد أدى تشييد الكنائس في فلسطين من قبل الإمبراطور وأمه هيلينا إلى تحويل فلسطين إلى مركز فني هام. أما سياسياً فقد وقعت اضطرابات في فلسطين في عام 343م ضّد أفراد الجالية اليهودية ُقتل خلالها الكثير من اليهود والسّامريين واليونانيّين. فقد حذا قسطنطين حذو الأباطرة الرومان امثال: هدريانوس، وسبتميوس سيفيروس، فمنع اليهود سنة 335م من التبشير بينهم، وذلك بسبب الفساد الذي كانوا يعيثون به. وقد منع قسطنطين اليهود من العيش في القدس أو المرور بها، وهو تأكيد لقرار هدريان السّابق، يظهر أنّه سمح لهم بزيارة موقع المعبد ليوم واحد من كل سنة وهو التّاسع من آب (يوم تدمير المعبد). وقد أُلغى التحريم هذا في القرن التّالي وذلك بتوسط الإمبراطورة ايدوكية Eudocia أرملة الإمبراطور ثيودوسيوس الثّاني Theodosius II (408-450م) واستطاع اليهود من السكن في المدينة مرة أخرى. كما حصل اليهود على دعم آخر في الفترة ما بين (361-363م). عندما خطط الإمبراطور البيزنطي جوليان الجاحد Julian the Apostate إعادة بناء المعبد اليهودي في مدينة القدس، وعهد بهذه المهمة إلى البيوس Alypius. إلاّ أنّ فكرته هذه لم تلق نجاحاً بسبب الحروب وموت الإمبراطور صاحب الفكرة. وبالتّالي تجديد القانون-فيما بعد- الذي يمنع اليهود بموجبه من دخول القدس، وبخاصّة بعد التسّاهل معهم من قبل الإمبراطور المذكور سابقاً. وفي سنة 395م وبعد وفاة الإمبراطور ثيوديسيوس الأول Theodosius I (379-395م) انقسمت الإمبراطورية الرومانية بين ولديه هونوريوس Honorius (395-423م) وأركاديوس Arcadius (395-408م) فتولّى الأول الإمبراطورية الرومانيّة الغربيّة وعاصمتها روما، وأما أركاديوس فقد تولّى حكم الإمبراطورية الرومانيّة الشرقيّة (الدولة البيزنطية) وعاصمتها بيزنطة (القسطنطينية)، وتضمّ بلاد الشّام بما فيها فلسطين. وبعد ذلك بسنوات، أي في الفترة ما بين 397-400م قسمت فلسطين إلى ثلاث مناطق ادراية، وهي: فلسطين الأولى Palaestina Prima وعاصمتها قيسارية Caesarea Maritim. وفلسطين الثانية Palaestina Secunda وعاصمتها بيسان Scythopolis، وفلسطين الثالثة Palaestina Tertia وعاصمتها البتراءPetra. وفي عام 484م ثار السامريون في عهد زينو Zeno (474-491م)، حيث نصبوا يوستوس Justus ملكاً عليهم. وفي النهاية، ألحق بهم زينو هزيمة قاسية؛ واتخذ إجراءات قاسية ضدهم، وبنى كنيسة فوق مذبحهم على قمة جبل جرزيم في مدينة نابلس. إلاّ أنّهم عادوا ثانية بالثّورة على البيزنطيين عام 529م في عهد جستنيانس الأول. وكانت ثورتهم هذه المرة بقيادة ملك يدعى يوليانوس Julianus إذ الحقوا أضراراً بالغة بالكنائس. وفي منطقة القدس دمّروا الكنائس في عمواس (اللّطرون حالياً)، وبيت لحم؛ وقتلوا عدداً كبيراً منهم في أحيائهم. واستطاع أخيراً جستنيانس إخماد ثورتهم فاستتب الأمن. وخلال أهم المراحل التاريخية التي مرت بها فلسطين، فقد اجتاحت الدولة الفارسية لفلسطين عام 614م، قاد ذلك الاجتياح كسرى الثّاني ملك الفرس Chosroes II (590-628م)، حيث تعرضت مدينة القدس لحصار استمر لمدة 20 يوماً. هذا وقد ساعد يهود منطقة الجليل الفرس في احتلال فلسطين، بحيث يقال أنّهم قد أمدّوا الفرس 20 ألف جندي وقيل 26 ألف جندي. ويبدو أنّ البطريريك زكريا Zachary (609-632م) أراد أن يقبل بشروط الاستسلام التي عرضت عليه من قبل الفرس، إلاّ أنّ بعض سكان المدينة أصرّوا على المقاومة، وأسفرت عن احتلال المدينة بقوة السلاح، وحرق عدد كبير من الكنائس والأديرة، وقتل الآلاف من السّكان المسيحيين وقادتهم. وبعد ذلك بوقت قصير، باشر البطريرك موديستوس Modestus (632-634م) من ترميم بعض الكنائس المهدّمة، وبخاصة كنسية القبر المقدّس. إلا أنه وبعد مرور أربعة عشر عاماً استطاع الإمبراطور البيزنطي هرقل Heraclius (610-636م) أن ينتصر على الفرس في معركة حاسمة بالقرب من نينوى بالعراق عام 628م ويستعيد القدس. قال تعالى: غُلِبَتِ الرُّومُ ﴿2﴾ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴿3﴾فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. (سورة الروم، الآيات من 1-3). صدق الله العظيم. وبعد هذا التاريخ قام هرقل بإعادة بناء الكنائس الّتي خرّبها الفرس. وكان لابدّ لهذا الإمبراطور من التعامل مع اليهود الذين قتلوا من مسيحيي القدس أكثر مما قتل الفرس أنفسهم، فقام بقتل بعضهم وطرد الآخرين منهم ولم يسمح لهم بالاقتراب لأكثر من ثلاثة أميال من القدس. وفي عام 620م، وقعت معجزة الإسراء والمعراج، فأسري بالنّبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ومن فوق الصخرة بدأت رحلة الصعود إلى السموات العلى. قال تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ". (سورة الإسراء، آية رقم 1) صدق الله العظيم. لم يستمر الحكم البيزنطي لفلسطين طويلاً. إذ التقت القوّات العربيّة الإسلاميّة مع البيزنطيّة في معركة اليرموك عام 636م، وكانت نتيجتها هزيمة القوّات البيزنطيّة. وأخيراً، ينتهي هذا العصر في فلسطين عام 16ه/638م عندما فتح الخليفة عمر بن الخطاب مدينة القدس وتسلم مفاتيحها من بطريركها آنذاك صفرونيوس Sofronius (634-638م)، وبعد ذلك تبدأ صفحة مجيدة من تاريخ القدس الشريف بدخول العرب والمسلمين إليها ونشر الدين الإسلامي فيها الذي أصبح فيما بعد وحتى الوقت الحاضر ثقافة ودين الغالبية العظمى من سكان فلسطين.


الساعة الآن 02:17 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
.:: تركيب وتطوير مؤسسة نظام العرب المحدودة ::.
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظة لـشبكة ومنتديات همس الأطلال