المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تمشي على استحياء


ﺧﻣ̝̚ړُ ﺂﻟﺂﻧۆﭥھَہّ
12-01-2010, 04:10 AM
صِفَات الكمال هي تِلك الصِّفَات التي اتَّصَف الله تبارك وتعالى بِها . والحياء صِفَة مِن صِفَات الله عزّ وَجَلّ ..
ومِن أحَبّ الْخَلْق إلى الله مَن اتَّصَف بتِلك الصِّفَات .
" ومَن وَافَق الله في صِفَه مِن صِفاته قَادته تلك الصِّفَة إليه بِزِمَامه ، وأدْخَلَته على رَبِّـه ، وأدْنته مِنه
وقَرَّبَته مِن رَحمته ، وصَـيَّرَته مَحْبَوبًا له ، فإنه سُبحانه رَحيم يُحِبّ الرُّحَماء ، كَريم يُحِبّ الكُرَماء ،
عَليم يُحِبّ العُلماء ، قويّ يُحِبّ المؤمن القوي - وهو أحب إليه مِن المؤمن الضعيف ، حتى يُحِبّ أهل
الحياء ، جَميل يُحِبّ أهل الْجَمَال ، وِتْر يُحِبّ أهل الوِتْر " كما قال ابن القيم رحمه الله .


والحياء صِفَة مِن صِفَات الله عزّ وَجَلّ
ففي الحديث الصحيح : " إن الله عز وجل حَيِيّ
سِتِّير يُحِبّ الْحَيَاء والسِّـتْر " .رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي .
والحياء صِفَة مِن صِفَات الأنبياء ..
فقد وَصَف النبي صلى الله عليه وسلم موسى عليه الصلاة والسلام بالْحَيَاء .. بل بِشِدَّة الحياء .. ففي الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام : إن موسى كان رَجلا حَيِـيًّا سِتِّيرًا ،
لا يُرَى مِن جِلْدِه شَيء اسْتِحْيَاء مِنه .
بذلك وُصِف القويّ الأمين ..

وحَياء العَذَارَى مَضْرِب الْمثَل .. !
قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم أشدّ حَياء مِن العَذْراء
في خِدْرِها . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث أنس رضي الله عنه : وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء . رواه البخاري ومسلم.

وكان الحياء خُلُقًا تتوارثه الأجيال ، وتَفْخَر به الأمم .. ففي خَبَر موسى عليه الصلاة والسلام
حين وُورِده ماء مَدين أنه جاءته إحدى المرأتين تمشي على استحياء ..
(فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي (http://www.lamst-a.com/vb/forumdisplay.php?f=17)عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) .. قال عُمر رضي الله عنه : قد سَتَرَتْ وَجْهها بِكُمِّ دِرْعها.
وكان دليل هذا الحياء أنها لم تَنسب أمْر الدعوة والجزاء لِنفسها بل نسبته إلى أبيها ،
فـ (قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا) ..

قال ابن كثير : وهذا تأدُّب في العبارة ، لم تَطلبه طَلبا مُطلقا ، لئلا يُوهِم رِيبة ، بل قالت :
إن أبي يدعوك لِيجزيك أجْر مَا سقيت لنا ، يعني : لِـيُثِيبك ويُكَافئك على سَقيك لِغَنَمِنَا . اهـ .

وما كان مِن موسى عليه الصلاة والسلام إلاّ أن قابَل الحياء بِحياء ..
كيف لا ، وهو الْحَيِيّ ؟قال سلمة بن دينار رحمه الله : لَمَّا سَمِع ذلك موسى أراد أن لا يَذهب ، ولكن كان جائعا فلم يَجِد بُدًّا مِن
الذهاب ، فَمَشَت المرأة ومَشى موسى خلفها ، فكانت الريح تَضرب ثوبها فَتَصِف رِدْفها ، فَكَرِه مُوس
أن يرى ذلك منها ، فقال لها : امْشِي خَلفي ودُلّيني على الطريق إن أخطأت ؛ ففعلت ذلك .

وكان الحياء مِن أخلاق العَرب في الجاهلية .. مِمَّا لَم يَنْدَرِس مِن الأخلاق ..
ففي قصة إسلام أبي ذر رضي الله عنه أنه قال للمرأتين كلامًا .. قال : فانطلقتا تُوَلْوِلان وتقولان :
لو كان ها هنا أحد مِن أنفارنا ! قال : فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر
وهما هَابِطان . قال : ما لكما ؟ قالتا : الصابئ بين الكعبة وأستارها ! قال : ما قال لكما ؟ قالتا :
إنه قال لنا كلمة تَمْلأ الْـفَمّ ! رواه مسلم .

فما أحوج المرأة على مَـرّ الزَّمَان إلى هذا الْخُلُق الـنَّبِيل ، والوصْف الكريم ..
ذلك أنه لا يُوصَف أحَد – على وَجْـه الْمَدْح – بِقِلَّـة الْحَيَاء ..
وإنما يُذَمّ مَن يُذَمّ بِقِلَّـة الْحَياء .. وصَفَاقة الوَجْه .. والوَقَاحَـة .. !
ففي لسان العَرَب : وَقِح الرَّجُل إذا صار قَليل الْحَياء ، فهو وَقِحٌ .
وقال ابن الأثير : في حديث أبي الدراداء : وشَر نِسائكم السَّلْفَعَة . هي الْجَرِيئة على الرِّجَال . اهـ .

فالحياء زِينة للرِّجَال والنِّسَاء ..
وَوُصِف به خير الناس بعد الأنبياء .. فقد وُصِف الصِّدِّيق رضي الله عنه بذلك .
حَدَّث الإمام الزهري أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال : يوما وهو يخطب : أيها الناس
استحيوا من الله ، فوالله ما خَرَجْت لِحَاجَة منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم أُرِيد الغَائط إلاَّ وأنا مُقنع رأسي حَياء مِن الله .
ووُصِف عثمان رضي الله عنه بأنه شديد الحياء .. حتى قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : أَلا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلائِكَةُ ؟ رواه مسلم .
والحياء خَيْر .. ولا يأتي إلاَّ بِخير ..
قال عليه الصلاة والسلام : الحياء لا يأتي إلاَّ بِخَيْر . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية لمسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحياء خَير كُله . قال :
أو قال : الحياء كُله خَير .

وحِين مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ ..
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الإِيمَانِ . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية : مَـرّ النبي صلى الله عليه وسلم على رَجُل وهو يُعَاتِب أخَاه في الْحَياء يقول :
إنك لتستحيي ، حتى كأنه يقول : قد أضَرّ بِك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
دَعْه ، فإن الحياء من الإيمان . قال ابن القيم عن الحياء : هو أصْل كُلّ خَير ، وذَهابه ذَهَاب الْخَير أجْمَعه . اهـ .

وصاحِب الحياء يَقودُه حياؤه إلى الجنة ..
قال ابن حبان : الحياء مِن الإيمان ، والمؤمن في الجنة . اهـ .
ولَمَّا كان الحياء خُلُقا عالِيًا مِن أخلاق الإسلام وأهله ، فقد جَعَله النبي صلى الله عليه
وسلم شُعْبَة مِن شُعَب الإيمان ، فقال : الإيمان بضع وسَبعون شُعبة ،
والْحَيَاء شُعْبة مِن الإيمان . رواه البخاري ومسلم .
وكما أن الْحَيَاء مِن الإيمان فإن رَحِيل الإيمان مِن القلب مرتبط برحيل الحياء !
قال عليه الصلاة والسلام : الْحَياء والإيمان قُرِنا جَميعًا ، فإذا رُفِع أحدهما رُفِع الآخر .
رواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح على شرطهما . وصححه الألباني .
وفُسِّر لِبَاس التقوى بالحياء ..
قال تعالى : (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) ..
وذلك لأنَّ الحياء يَحْجُز عن المعاصي .. وهو أحد معاني قوله صلى الله عليه وسلم:
إذا لَم تَسْتَح فاصْنع ما شِئت . رواه البخاري .
قال ابن عبد البر : لفظ يقتضي التحذير والذم على قِلّة الحياء ، وهو أمْـرٌ في معنى الْخَبَر ،
فإنّ مَن لم يكن له حَياء يَحْجُزُه عن مَحَارم الله تعالى فَسَواء عليه فَعَل الكبائر منها والصغائر . اهـ .
قال ابن القيم : وبَيْن الذُّنُوب وبَيْن قِلَّة الحياء وعَدم الغَيرة تَلازُم مِن الطَّرفين ،
وكل منهما يَسْتَدْعِي الآخر ويَطْلُبُه حَثِيثًا . اهـ . قال ابن حبان رحمه الله : الحياء اسم يَشْتَمل على مُجَانبة المكروه مِن الخصال ، والحياء حياءان :
أحدهما : استحياء العَبد مِن الله جل وعلا عند الاهتمام بمباشرة ما خطر عليه .
والثاني : استحياء مِن المخلوقين عند الدخول فيما يَكرهون مِن القول والفعل معا .
والحياءان جميعا محمودان ، إلاَّ أنَّ أحدهما فَرْض ، والآخر فَضل ؛ فلزوم الحياء عند مُجانبة
مَا نَهى الله عنه فَرض ، ولزوم الحياء عند مُقَارَفَة مَا كَرِه الناس فَضْل . اهـ .
ولا خير في وَجْه قَلّ حياؤه ..

إذا قَلّ مَاء الوَجْه قَلّ حَياؤه = ولا خير في وَجْه إذا قَلّ مَاؤه
حَياءك فاحْفَظْه عليك فإنما = يَدُلّ على وَجْه الكريم حَياؤه
ولأنَّ الْحَيَاء هو مَادَّة حَيَاة القَلب – كما يقول ابن القيم – .
وقديما قيل :

إذا لم تَخْش عاقبة الليالي = ولم تَستحي فاصْنع ما تَشاء
فلا والله ما في العيش خير = ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بِخير = ويبقى العود ما بقي اللحاء

وقليل الْحَياء في عِدَاد الأمْوَات .. !
قال ابن القيم : فَمَن لا حَـيَاء فِيه مَـيِّت في الدُّنيا ، شَقِيّ في الآخِرة . اهـ .

فنعوذ بالله مِن ذَهَاب الْحَياء .. الذي يَموت بسببه القلب ..
وبَعْد هذا كله - فلا غَرابة إذاً .. أن يَكون الحياء هو خُلُق دِين الإسلام ..
قال عليه الصلاة والسلام : إنَّ لِكُلّ دِين خُلُقًا ، وخُلُق الإسلام الحياء .
رواه ابن ماجه ، وقال الشيخ الألباني : حسن .

إلا أنَّ الحياء لا ينبغي أن يَحْجِب عن الـتَّعَلُّم والـتَّفَقُـه ..
قالت عائشة رضي الله عنها : نِعْم النساء نِساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يَتَفَقَهن في الدِّين .
رواه مسلم . الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

سهارى
12-01-2010, 07:53 AM
موضوع جميل
الله يعطيك العافية .

أبو ذكرى
12-01-2010, 12:54 PM
آختي بلقيس سلمت يمنآكـ على مآحملتهـ لنآ

موضوع عآلي بذوقهـ ,, رفيع بشآنهـ

كلمآتـ كآنت ,, وسوف تزآل بآلقلبـ ,,

يــ ع ـطيكـ الــ ع ـآآفيهـ على مآطرحتي لنآآ يـآآلــ غ ـلآآآ ,,

ولاتحرمينامن جديدكـ ,,,, لآعدمتي ,,, ولآهنتي

ﺧﻣ̝̚ړُ ﺂﻟﺂﻧۆﭥھَہّ
12-02-2010, 10:35 PM
مشكورين على التعليق الحلو

تحياتي