المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أرجوحة القدر


أبو خلدون
11-25-2010, 12:18 AM
كالطائر المحلق في السماء كانت الروح ، تتنقل هنا وهناك ، تعلو تارة وتنخفض تارة أخرى ، تتوارى في الغيوم أحياناً ، وتتجلى في زرقة السماء لحظة .


تجوب فضاءات الفضاء ، ترفرف بجناحين من الفرح والسرور تبتعد تراة وتقترب أخرى ، كالطفلة الممتلئ بالحيوية والطفولة والبراءة ، عندما يلهو بين يدي أمه التي تتابعه عن كثب وترمقه بنظرها خفية كلما ابتعد ، تتبعه جوارحها كلما ابتعد وزادت دقات قلبها واعترتها ملامح الخوف والوجوم خيفة عليه ، فأفسد عليها جلستها على الرمال التي قد جعلها حبها له أنعم من الحرير وأدفأ من الصوف ، وهي مع ذلك راضية بذلك ، وتعود إليها نسائم الحياة وبريق الفرح عندما يقترب منها ويشتعل جوفها حناناً ، ويلتهب حظنها دفئاً وأماناً .

هكذا كانت الروح تتدرج في فضاءات كون الحب بجوار توأمها التي كانت تعانقها في السماء وتحتظنها بين طيات الغيوم ، وتسامرها على قمم السحاب ، عندما وجدتها في لحظة من الزمن كانت لحظات زمن لم تولد بعد ، ثم ولدت في ظروف لم تكن في الحسبان ، وكأنما القدر كان مكتوباً من قديم الأزل ، فلما ولدت تلك اللحظات لم تكن سوى لحظات عابرة ، لم يمهلها الزمن ولم يتح لها الماضي فرصة للحياة في الحاضر ولم يسمح لها بالتطلع إلى المستقبل .

ومع ذلك ظلت معلقة في بروج السماء متمسكة بروح التحمت بها في حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً ، تتبعها أينما سارت وتمرح في حضرتها كلما أقامت ، حتى تعلقت بها واندمجت فيها ، فصارتا روحين في جسد واحد ، حتى ذلك الجسد كان يتبع الروح كلما انطلقت وعرجت في السماء نحو جزئها الآخر الذي وجدته وكأنما هي على موعد معه .

وعاشت الروح بروحها تلتقي حتى عشقتها وجعلت من حبها محراباً تخلو فيه لمناجاتها وتخلد إليه كملما خطرت بها خاطرة ، وتأوي إليه لمناجاته في غسق الدجى ، وتنتظر إطلالتها مع إشراقة الصباح الأولى ، وترقب صورتها في حمرة سحق الأصيل .

وظنت أنها قد حوتها واحتوتها فأطلقت العنان لخواطر الحب وبلاغة القول وفصاحة الكلام ، وعذوبة المنطق ، لتقول في حبها وتصف المشاعر ، وتشرح الأحاسيس ، ففاض ينبوع الكلم وجرى على لسان القلم ، فانتظم على الأوراق أروع منطق وأبلغ كلم .

أما الآن فقد تبددت الغيوم وانقشع الغمام ، وسارت السحابة ولكن ليست كسحابة عبد الملك وليس لتمطر فيعم نفعها رقعة البلاد الواسعة ، بل لتتهادى في الهجير ، وقساوة الصيف ، وهوى ذلك الطائربعدما أصبح حائراً ، والذي كان يرفرف بجناحيه في فضاءات عشقها ، وسماء حبها وانثنى جناحاه فهوى من علوه وعاد إلى القمم وسكن أعالي الحيود يتلفت يمنة ويسرة بحيرة وإعياء ، وحيداً في القيعان ، مسلوباً على العرصات مشتت الذهن منكسر الخاطر .

وانفصلت الروح وتوارت الأخرى ، في آفاق الكون واختفت في سراب اليأس وأصابت مقاتل الأمل ، وهاجرت مع أسراب الأحاسيس والمشاعر إلى بلاد الذكرى وغابات الضياع ، ثم انطوت في عالم النسيان وتركت بعدها روحاً وجسداً يعتليان قمم الحنين ويسلكان أودية الشوق وأنهار الأنين .

وأعلنت الانفصال وحكمت بالهجر ولاذت بالبعاد ، فغارت قدماي في صحراء الضياع .
تقول نسيتها ، بل وخنتها ، وتحرر الأحكام جزافاً ، دون أن تستشير قلبها عن مدى عدالة الحكم وسلامة الجزاء .
أناديها عبر الأثير ، أناجيها في ظلمة الليل ، أتخيلها كلما أغمضت عيني ، في صور متلاحقة تبدو كل منها أجمل من الأخرى ، كلما فتحت حاسوبي ، ودلفت إلى المرسال أتحدث مع نفسي عنها ، وأمنيها بلقياها والحديث معها مرة أخرى ، فأنتظرها لأشرح لها ، وأوأكد لها أنني أعشقها ، لم أنسها ، لم أهجرها ، لم أخنها ، ولكن دون جدوى .. تمادت في الغياب ، وأصرت على البعاد ، ونسجت من الهجر دثاراً ودثرتني به ، وأجرت من البين أنهاراً وأشعلتها ثم زجتني في خضمها .

ولا زلت أنتظر إطلالتها ، لأطفئ شوقي إليها بالحديث ، والشكوى من تباريح الهوى ولهيب الجمر واللظى ، وسأظل ..
ولكن هل ستعود ؟!
هذا ما سأنتظره .
فإن عادت فأبواب قلبي مشرعة ، أمامها ..
وكلمات حبي مسخرة للبوح لها ..
وقطرات حبر قلمي جارية بالشوق إليها .
لقد كان لجرحها هذياناً في أعماقي ..
ولصدها أرجوحة يتقاذفها القدر .

من مدونتي

ﺧﻣ̝̚ړُ ﺂﻟﺂﻧۆﭥھَہّ
11-25-2010, 08:13 AM
أبو خلدون
موضوع رائع يعطيك العافيه

تحياتي..جريحة حب

هموسه
11-25-2010, 08:43 AM
ابو خلدون
يسلمو على الموضوع الجميل يعطيك الف ..... عافيه
تحاتي واحترامي لك
هموسه

خلدون
11-25-2010, 09:28 AM
موضوع جميل جدا
الله يعطيك العافية

تقبل مروري

مطلع الشمس
11-25-2010, 03:21 PM
موضوع ممتاز

عشقي وطني
11-26-2010, 01:34 AM
ابو خلدون
مذاعساني اقول لك؟
والله العظيم انك ابكيتني
ولوكل من قرء الارجوحه عرف القصة والله ما يقدر يحجب عن خدوده دموعه
ولا ادري مذا اقول
ان قلت لك يمكن ان تعود واعيشك على امل مكذوب
او قول لك لا تنتظر فأنها لن تعود اخاف احطم شوق يذوب
ابوخلدون
هذا الحب وفعايله
وهذا الغدر وعمايله
وهذا الوفاء ونتائجه

خلها تجري الدنيا بمجراها,,لايجي جرح ينقض جرح ماطابي

ومن يدري قدتشرق الشمس من جديد
ومن يدري ممكن باقي للهيم فيك المزيد

اخي العزيز
لاتنسى ان خنذورين في ام دبعه يعمدون
تقبل تحياتي واحترامي
محبك ومغليك





عشقي وطني

أبو خلدون
11-26-2010, 01:38 AM
صوفيا
هموسة
خلدون
أشكر لكم مروركم وتعليقكم الجميل

أبو خلدون
11-26-2010, 01:42 AM
عشقي وطني ..
أشكر لك هذه الإشادة الرائعة والكلمات الجميلة
------------
كم من أرجوحة أتت بنا وذهبت ، ولم يبق لنا سوى يراعنا
نجود بما في داخلنا عندما يجود علينا بحبره وينساب على أوراقنا
لعل الأمل قد تضاءل ، وتوارت شمس اللقاء في حجاب الذكريات .
شكراً لك عشقي وطني على تعليقك الجميل

مغرمة وطني
11-26-2010, 03:41 AM
♥♥أبو خلدون♥♥
تسلم أيدك على هذه الأرجوحه الرااائع
ومواضيعك دااائمن مميزززه...


تقبل مروري....

همسة مشاعر
12-17-2010, 05:25 PM
من اروع ما كتبت

نص باذخ لروحك

أبو خلدون
12-17-2010, 05:51 PM
همسة مشاعر ..
مروركِ في صفحتي واطلاعكِ على الموضوع
هو ما جعل منه نصاً باذخاً بديعاً ..
فشكراً لكِ على هذه المكرمة التي وهبتينيها .
كلي امتنان .

البراق
12-31-2010, 02:16 PM
موضوع في قمة الخيااال
طرحت فابدعت
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
لك خالص حبي وأشواقي
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك