صمت الطريق
10-27-2010, 12:42 AM
كنت غريقاً أو شك علي الموت، أسبح في وحل من الطين، يجذبني نحو الأعماق المهلكة يئست من الحياة وكرهت الموت في آن واحد ، ولم يخطر لي على بال أن الله سيرسل من ينقذني ويمد لي طوق النجاة.
عشت طفولتي وشيئاً من شبابي في مدينة صغيرة تبعد عن العاصمة كثيراً، توفى والدي وأنا جنين في تطن أمي ولحقت به أمي بعد سنوات، عشت في بيت أخوالي لا أم ولا أب ولا جدهـ كنت مهملاً وعبئاً ثقيلاً عليهم ، لم أشك لأحد ولم أتكلم مع أحد، لا أطلب شيئاً... كنت مهيض الجناح كسير النفس... ينقصني الكثير لكنني لا أتحدث فيكفيني اللقمة أسدبها جوعي، نشأت غريباً في بيت شغل أفراده عني بتوفير لقمة العيش لأبنائهم... كان حالهم مستوراً... لذا عشت علي الصدقات من فلان وفلانة مما أشعرني بالذل والهوان، المدرسة لا تعني لي شيئاً.. ليس لي فيها صداقات تعوت علي الوحدة والاعتزال عن الناس.. لم أكن أجرؤ علي رفع رأسي حين الحديث مع أحد ولم تكن عيني لتقع علي عين أحد حياءً وخجلاً وكنت أواجه بالتعنيف من أخوالي و السخرية من أبنائهم حتى كرهت نفسي والمدرسة والبيت والناس وحين بدأ نساء أخوالي وبنا تهن يحتجبن عنى شعرت بالعزلة أكثر.
نتيجة هذه الضغوط المتواصلة بدأت حالتي النفسية تتدهور وصحتي تسوء كنت أغلق باب غرفتي وأبكي وأحياناً أمتنع عن الطعام اياماً وفي حالات قلية أثور لأضرب أي شئ في يدي بالجدار.
هنا تغيرت نظرة الجميع لي بدأوا يرتابون مني ويهمسون فيما بينهم واشتهر أمري في جماعتي حتى وصل إلى خارج مدينتي .
ذات يوم جاءني خالي ومعه رجل لا أعرفه، قال إنه من أبناء عمي .
والدي لم يكن له أشقاء ، هو من أبناء عمك البعيدين ، يريدك أن ترحل معه على العاصمة .
لا أعرف ماذا أصابني لكنني بكيت ، ثم صمت فجأة ولم أستطع أن أقول شيئاً في الغد كنت أجهز حقائبي بكيت أيضاً لفراق أخوالي ، الذين وعدوني بحياة أفضل فأبناء عمومتي هؤلاء من كبار التجار.
وصلت إلى العاصمة ، لم أستطع أن أرد علي عبارات ابن عمي الترحيبية الحارة، ذلك لأنني أعاني من التأتأهـ التي اكتسبتها من حياة العزلة والانطواء ولكن في غضون سنوات أصبحت شيئاً آخر.
عبد الله الشاب الخجول الذب لا يكاد يرفع رأسه ولا يبين صوته خجلاً صار ذا شأن فهو مسئول في شركة يدير الاجتماعات ويعقد اللقاءات ويتحدث ثلاث لغات.
ابن عمي عمي الذي صرت أناديه بعمي انتشلني من ذلك العمق المظلم والقرار السحيق ورفعني إلى مكان سام مرموق.
ألحقني بالمدرسة لأواصل تعليمي ، جعل لي سريراً مع أبنائه لأندمج معهم ، كانوا يأخذوني إلى احد المراكز الرياضية لأمارس الرياضة أسوة بهم . وأحياناً نشارك في رحلات تقمها جماعة التحفيظ بالجامع ، تعرفت علي أناس كثيرين وتعلمت الشيئ الكثير. كان عمي يدفعني لتكوين صداقات جديدة ويبدي سروره لذلك.
يكلفني بالقيام ببعض المهام المتعلقة بالبيت ، ويطلب مني أحياناً الرد علي هاتفه الخاص ، وتسجيل أسماء المتصلين ويأخذني في بعض رحلات العمل القصيره.
اشترى لي سيارة وألحقني بمدرسة تعليم القيادة ، فقد كان هذا الأمر يرعبني في السابق. لقد أعاد لي شخصيتي ورد ثقتي بنفسي ، دفعني إلى النجاح وشجعني علي العمل والإبداع ، أغدق المال وراقبني ، علمني كيف أصرفه وكيف استثمره كان يوجهني بكل رفق ويعتذر لي دائماً عن تقصيره معي. ومع كثرة مشاغله إلا أنه أبدى اهتماماً كبيراً بنجاحي بقسم الللغات وكان يقول " متة تتخرج علشان أشغلك عندي في الشركة في العلاقات العامة" وكان هذا دافعاً لي لمزيد من التحصيل والتفوق.
كانت فرحتي لا توصف حين يناديني "اسمع يا ولدي" ويعرفنني بكبار الشخصيات والأعيان يقول "هذا ولدي عبد الله" والذي يستفسر يزيده "ولد أخوي" .
عشت في بيت عمي معززاً مكرماً ، شملني أبناؤه بكل الحب والاهتمام لقد كانوا كرماء فعلاً هذا ما كنت احتاجه فلست مجنوناً أو مريضاً نفسياً كنت أفتقر إلى العاطفة أجذب قلبي وجفت أحاسيسي وفقدت السند والعضد ولو استمر ذلك الحال لكنت الآن في عداد الهالكين.
فلك الحمد يا رب مهما عملت فلن أؤدي شكر نعمتك . وأنت ياعمي سأبذل كل ما أستطيع في سبيل راحتك ولا أزال مقصراً حتى وإن قال أبناؤك مازحين "عبد الله ما بقى لنا مجال للبر" وفقك الله وجعل الجنة مثواك وأطال عمرك علي طاعته.
عشت طفولتي وشيئاً من شبابي في مدينة صغيرة تبعد عن العاصمة كثيراً، توفى والدي وأنا جنين في تطن أمي ولحقت به أمي بعد سنوات، عشت في بيت أخوالي لا أم ولا أب ولا جدهـ كنت مهملاً وعبئاً ثقيلاً عليهم ، لم أشك لأحد ولم أتكلم مع أحد، لا أطلب شيئاً... كنت مهيض الجناح كسير النفس... ينقصني الكثير لكنني لا أتحدث فيكفيني اللقمة أسدبها جوعي، نشأت غريباً في بيت شغل أفراده عني بتوفير لقمة العيش لأبنائهم... كان حالهم مستوراً... لذا عشت علي الصدقات من فلان وفلانة مما أشعرني بالذل والهوان، المدرسة لا تعني لي شيئاً.. ليس لي فيها صداقات تعوت علي الوحدة والاعتزال عن الناس.. لم أكن أجرؤ علي رفع رأسي حين الحديث مع أحد ولم تكن عيني لتقع علي عين أحد حياءً وخجلاً وكنت أواجه بالتعنيف من أخوالي و السخرية من أبنائهم حتى كرهت نفسي والمدرسة والبيت والناس وحين بدأ نساء أخوالي وبنا تهن يحتجبن عنى شعرت بالعزلة أكثر.
نتيجة هذه الضغوط المتواصلة بدأت حالتي النفسية تتدهور وصحتي تسوء كنت أغلق باب غرفتي وأبكي وأحياناً أمتنع عن الطعام اياماً وفي حالات قلية أثور لأضرب أي شئ في يدي بالجدار.
هنا تغيرت نظرة الجميع لي بدأوا يرتابون مني ويهمسون فيما بينهم واشتهر أمري في جماعتي حتى وصل إلى خارج مدينتي .
ذات يوم جاءني خالي ومعه رجل لا أعرفه، قال إنه من أبناء عمي .
والدي لم يكن له أشقاء ، هو من أبناء عمك البعيدين ، يريدك أن ترحل معه على العاصمة .
لا أعرف ماذا أصابني لكنني بكيت ، ثم صمت فجأة ولم أستطع أن أقول شيئاً في الغد كنت أجهز حقائبي بكيت أيضاً لفراق أخوالي ، الذين وعدوني بحياة أفضل فأبناء عمومتي هؤلاء من كبار التجار.
وصلت إلى العاصمة ، لم أستطع أن أرد علي عبارات ابن عمي الترحيبية الحارة، ذلك لأنني أعاني من التأتأهـ التي اكتسبتها من حياة العزلة والانطواء ولكن في غضون سنوات أصبحت شيئاً آخر.
عبد الله الشاب الخجول الذب لا يكاد يرفع رأسه ولا يبين صوته خجلاً صار ذا شأن فهو مسئول في شركة يدير الاجتماعات ويعقد اللقاءات ويتحدث ثلاث لغات.
ابن عمي عمي الذي صرت أناديه بعمي انتشلني من ذلك العمق المظلم والقرار السحيق ورفعني إلى مكان سام مرموق.
ألحقني بالمدرسة لأواصل تعليمي ، جعل لي سريراً مع أبنائه لأندمج معهم ، كانوا يأخذوني إلى احد المراكز الرياضية لأمارس الرياضة أسوة بهم . وأحياناً نشارك في رحلات تقمها جماعة التحفيظ بالجامع ، تعرفت علي أناس كثيرين وتعلمت الشيئ الكثير. كان عمي يدفعني لتكوين صداقات جديدة ويبدي سروره لذلك.
يكلفني بالقيام ببعض المهام المتعلقة بالبيت ، ويطلب مني أحياناً الرد علي هاتفه الخاص ، وتسجيل أسماء المتصلين ويأخذني في بعض رحلات العمل القصيره.
اشترى لي سيارة وألحقني بمدرسة تعليم القيادة ، فقد كان هذا الأمر يرعبني في السابق. لقد أعاد لي شخصيتي ورد ثقتي بنفسي ، دفعني إلى النجاح وشجعني علي العمل والإبداع ، أغدق المال وراقبني ، علمني كيف أصرفه وكيف استثمره كان يوجهني بكل رفق ويعتذر لي دائماً عن تقصيره معي. ومع كثرة مشاغله إلا أنه أبدى اهتماماً كبيراً بنجاحي بقسم الللغات وكان يقول " متة تتخرج علشان أشغلك عندي في الشركة في العلاقات العامة" وكان هذا دافعاً لي لمزيد من التحصيل والتفوق.
كانت فرحتي لا توصف حين يناديني "اسمع يا ولدي" ويعرفنني بكبار الشخصيات والأعيان يقول "هذا ولدي عبد الله" والذي يستفسر يزيده "ولد أخوي" .
عشت في بيت عمي معززاً مكرماً ، شملني أبناؤه بكل الحب والاهتمام لقد كانوا كرماء فعلاً هذا ما كنت احتاجه فلست مجنوناً أو مريضاً نفسياً كنت أفتقر إلى العاطفة أجذب قلبي وجفت أحاسيسي وفقدت السند والعضد ولو استمر ذلك الحال لكنت الآن في عداد الهالكين.
فلك الحمد يا رب مهما عملت فلن أؤدي شكر نعمتك . وأنت ياعمي سأبذل كل ما أستطيع في سبيل راحتك ولا أزال مقصراً حتى وإن قال أبناؤك مازحين "عبد الله ما بقى لنا مجال للبر" وفقك الله وجعل الجنة مثواك وأطال عمرك علي طاعته.